عزام صالح

عرص فيلم رحلة الخلود للمخرج العراقي (فرانك گلبرت) مؤخرا في دهوك، وما زال العرض ساريا حتى الان، وبقطع تذاكر بعد ان عرض في صالتين في كندا وفي استراليا.
وهذا الفلم يقتطع جزءا من تاريخ العراق ايام الديكتاتورية لشريحة اصيلة من اطياف الشعب العراق والذين يمتد تاريخهم في بناء الحضارة لآلاف السنين الا وهم (الاثوريون) الاشوريون، بعد ان اعدم النظام الديكتاتوري ثلاثة من شباب هذه الشريحة بسبب التعبير عن خصوصيتهم وانشاء صحيفة تعبر عنهم.
تدور احداث الفيلم عن استاذ جامعي يدخل في السجن بالخطأ، ويكون شاهد عيان على احداث تحصل في السجن وخصوصا اعدام ثلاث من معارفه. ويقرر بعد الخروج من السجن ان يوصل كل معاناة الابرياء الى كل العالم. يحاول ان يصل الى الولايات المتحدة الامريكية، وهناك يلتقي بصحفي يعمل في حقوق الانسان، يسرد له كل الاحداث.
الفيلم من بطولة النجم الاميريكي، ايريك روبرتيس، شقيق النجمة جوليا روبرتيس، وايبي سركيس، واوسي جو من اميركا. ومن العراق الفنانون: سامي قفطان، ناصر حسن، كريم محسن، احمد طعمة التميمي، مازن محمد مصطفى، كاظم القريشي واخرون. ومن السويد جوزيف جاجان، وميشيل ايزك. ومن العراق أيضا سرجون ربان، وايفل داوود.
تدور احداث الفيلم في حقبة الثمانينات الى عام ١٩٩٤، تم تصوير الفيلم في الولايات المتحدة بمدينة لوس انجلوس والعراق.
بدأ تصوير الفيلم في نهاية ٢٠١٧ وتم الانتهاء من تصويره في العام ٢٠٢٠ استغرق تصوير الفيلم ثلاث سنوات في ثلاثة بلدان. شارك فيه ٤٢ ممثلا، واكثر من ١٣٠٠ كومبارس.
يوجد في الفيلم ٥ لغات: الإنكليزية، العربية، الآشورية، الكردية، التركية. وسيناريو واخراج فرانك جلبرت. انتاج شركة FG Productions.
كان انتقاء مواقع التصوير في غاية الجودة برغم اختلاف تضاريس المواقع وتعددها من السجون والمعتقلات الى المناطق الريفية، وكذلك الجبلية في اقليم كردستان وتركيا وأميركا.
وكان اختيار الممثلين أيضا موفقا، فقد تميز أغلب الممثلين امثال كريم محسن الذي استلهم قساوة النظام الديكتاتوري وناصر حسن الذي احسسنا بتلقائية أدائه للشخصية الجميلة والفنان الاشوري سامي ياقو وكان وقد عبر بصدق عن الالم والمعاناة وكذلك فعل كلا من احمد طعمة التميمي ومازن مصطفى، اضافة الى تميز الشخصية الرئيسية البطلة ايبي سركيس في شخصية (ايشو).
اغلب كوادر التصوير بدت مدروسة تماما، من حيث التكوين ورسم الإضاءة الجميلة بخاصة في غرف التحقيق والسجون وكذلك في مشاهد الجنازة، وفي الكهف أيضا.
وكانت زوايا الكاميرا متنوعة وأضفت جمالية على التكوينات في رسم الكادر السينمائي المميز يضاف لها حركة الكاميرا الهادئة والتي تنوعت أيضا. هناك بناء وسرد لأحداث الفيلم من خلال سير الشخصية البطلة ايشو وعفويته واصطدامه بمطبات كثيرة خلقت حبكة لا بأس بها رغم إصراره على توصيل رسالته والتي نجح بها رغم كل معاناته.
تميزت إدارة الإنتاج التي قادها الفنان الكبير (ناصر حسن)، وقد ذلل الصعوبات في أن يكون سندا للفيلم والمخرج فرنك كلبرت. وقد شاهدنا إنتاجا واسعا محترفا من خلال تعدد المواقع وانتقائها وكذلك أعداد الممثلين والكومبارس رغم انه يتحدث عن تاريخ قبل اكثر من ٣٥ سنة بأزيائها وسياراتها وغيرها من الإكسسوارات التي انقرضت.
فرنك شاب طموح ومخرج له مستقبل واعد عالميا يصور الآن فيلمه الثاني (الطريق الى اورمي) ويصور في المغرب وبإنتاجية عالمية وهو يتحدث عن إبادة الشعب الاثوري إبان الحرب العالمية الأولى.
فيلم رحلة الخلود له رسالة كبيرة في التعايش السلمي واحترام الاخر رغم الخصوصية. هذا الفيلم ينتظر المسؤولين في بغداد لعرضه جماهيريا بعد عروضه التي أسلفنا الحديث عنها في بداية المقال.
نتمنى الموفقية والنجاح لهذا الفيلم العراقي الخالص انتاحا وإخراجا وتمثيلا، ونتمنى أن يطلق عنان السينما العراقية في وضع صندوق دعم سينمائي مستمر.