أنجلينا جولي تواجه شخصية ماريا كالاس في فيلم تشيلي
13-تشرين الثاني-2024

هوفيك حبشيان
أصبحت ماريا كالاس عبر الزمن مادة لأفلام سينمائية عدة، حتى إن فرنكو زيفيريللي انكب على سيرتها في عام 2002، مع "كالاس إلى الأبد" انطلاقاً من اعجابه بها، مانحاً فاني أردان ملامحها. كان المخرج الإيطالي تطرق في فيلمه هذا إلى الأيام الأخيرة للمغنية الأوبرالية، مازجاً عناصر من واقعها المعيش بأخرى محض خيالية، وهذا ما يفعله بالضبط بابلو لاراين في جديده "ماريا" الذي افتتح مهرجان تسالونيك الأخير (الـ31 من أكتوبر / تشرين الأول – الـ10 من نوفمبر / تشرين الثاني)، وذلك بعد مشاركته في مسابقة مهرجان البندقية الدورة الماضية. أخذ المخرج التشيلي سيرتها وتخيل أيامها الأخيرة في عمل جذاب، جيد الصنعة عموماً، لا يخلو من بعض العيوب، وتلعب فيه الممثلة الأميركية أنجلينا جولي دور البطولة، بعدما خضعت لاختبارات كثيرة جعلتها تدخل في جلد الشخصية. على رغم أن لاراين سينمائي موهوب يتقن ما يفعله، فهو لا يفي أسطورة الغناء حقها، في عمل يفتقر للزخم وتأثيره محدود، وسنرى لماذا. هذا ثالث فيلم - سيرة يقدمه لاراين بعد "جاكي" عن زوجة الرئيس الأميركي المغتال جون كينيدي، و"سبانسر" عن الأميرة ديانا التي كانت لها نهاية مأسوية، في كلا الفيلمين يتناول أزمة عيش سيدتين ومعانتهما إما من خلال مواجهة حداد وواقع سياسي يجب أن تتولاه بنفسها، أو عبر تحقيق الذات في ظل سلطة خانفة تحاول الهرب منها بإمكاناتها المحدودة، جاكي وديانا وماريا ثلاث نساء تتقاطع مصائرهن بصورة أو بأخرى.
في "ماريا" الذي يمكن اعتباره الفصل الأخير من ثلاثية نسائية، يموضع لاراين كاميراه في باريس وأماكن أخرى، ليرينا تفاصيل الأسبوع الأخير من حياة المغنية الإيطالية، وهي تفاصيل يدور معظمها في فلك عيشها الأليم. نحن في عام 1977، أي قبل أسبوع من رحيل كالاس بسكتة قلبية وهي في الـ53. لكن هل هي فعلاً توفيت جراء توقف قلبها؟ أم انها انتحرت كما ادعى كثر من الناس بعد رحيلها؟ هذه الحقيقة يتركها الفيلم بلا أجوبة حاسمة، لكن الساعتين اللتين ستحملاننا إلى الخاتمة، وسنرى خلالهما معاناة فنانة معذبة، قد تجعلاننا نقتنع بأنها هي من وضعت حداً لحياتها المأزومة.
سيرة حياة ومكان
من داخل شقة باريسية، نكتشف كالاس التي تختلف حتماً عن تلك التي وقفت على أهم مسارح العالم. نشهد على علاقتها بمدبرة شؤون منزلها (ألبا رورفاكر) التي لا تتوانى عن تقديم بعض النصائح، وبمدير أعمالها (بيارفرنتشيسكو فافينو)، الذي يحرص على عدم إفراطها في الأدوية، هذا كله يفتح مجالاً لنراها من الداخل ونغوص في حميميتها. أما وصول الصحافي الشاب (كودي سميت ماكفي) الذي سيجري مقابلة معها، فيغدو مناسبة ليتنقل الفيلم من فترة زمنية إلى أخرى ومن مكان إلى آخر، مضيئاً على لحظات تتأرج بين ماضيها وحاضرها. الفيلم مبني على تصورات، يعني أن السيناريو لا يستند إلى وقائع لما كانت عليه الأيام الأخيرة للديفا. نرى ماذا فعل بها الفن والشهرة والبحث المزمن عن الحب، وبم انشغلت ومم تكونت حياتها في شقيها العام والخاص. الفيلم سيضعنا في قلب صراعات كالاس، ومعظمها صراعات نفسية، وسيضعنا أيضاً نحن المشاهدين في مواجهة عدد من الأسئلة التي تتولد لقطة بعد لقطة. ففي هذا الفصل الأخير من حياتها، كانت كالاس اعتزلت الغناء بعدما تراجعت قدراتها الصوتية، وراحت تعاني الوحدة. وعند العزلة لا بد لأشباح الماضي أن تعود وتعكر صفو من يعيش تحت سقف الحاضر، ومن بين تلك الأشباح هناك شبح أوناسيس الذي عاشت معه قصة حب شهيرة، وهي قصة ستلقي بظلالها الثقيلة على الفيلم. يتمحور "ماريا" على الحالة النفسية لكالاس والاكتئاب الذي عانته وأضحى جزءاً من يومياتها، السيناريو في شقه الأكبر يدور حول هذه النقطة. العقاقير المضادة للاكتئاب تتحول إلى عنصر درامي في ذاته، فهناك براعة حرفية في الفيلم لا يمكن التشكيك بها، ويتولى جانبها البصري مدير التصوير الكبير إدوارد لاكمان الذي سبق أن تولى تصوير فيلم لاراين السابق (الكونت). لكن هناك في المقابل ما يمنع العمل من أن تكون له روح، التخبط على غرار ما تعيشه كالاس ينتقل إلى الفيلم، ويعود باستمرار في النص الذي يعيبه التشتت. في "ماريا" لا مكان كثير للانفعال الذي كان يداهمنا دوماً عند مشاهدة مصائر كبار الفن، الانفعال هنا يبقى مطوياً تحت عدة طبقات، على رغم أن أي لقاء بين الموسيقى والسينما يفرز عادة كثيراً من الانفعالات، هذا لا يعني أن الفيلم فقير أو بخيل بلحظات تحلق بنا عالياً. خيار أنجلينا جولي للدور يطرح علامات استفهام، على رغم التحضيرات المكثفة التي خضعت لها واستمرت سبعة أشهر، هل هي أفضل خيار لكالاس؟ بذلت الممثلة جهداً كبيراً لتكون كالاس، لكن أداءها كان يحتاج إلى مزيد من التوازن والاستمرارية. أحياناً نرى فيها جولي أكثر مما نرى كالاس، أياً يكن ليس من السهل أن تجعل المشاهدين يصدقون أنك واحدة من أيقونات الغناء المعاصرة، خصوصاً إذا كانت صورتها لا تزال حاضرة في الأذهان. ومن المستغرب أنه على رغم كل الجهد لبناء عالم كامل متكامل، يلجأ الفيلم في النهاية إلى لقطات أرشيف، وكأن التجسيد وحده لا يكفي، وعليه بالتالي أن يلجأ إلى شيء حقيقي وملموس ليكتسب شرعية.

النزاهة: الحبس الشديد لوزير النقل الأسبق
13-تشرين الثاني-2024
«صقر حرب».. من هو بيت هيغسيت المرشح لقيادة «البنتاغون»؟
13-تشرين الثاني-2024
الخارجية: نرفض وضع قيود على الدول المنتجة للنفط
13-تشرين الثاني-2024
تحالف الفتح يحذر... واشنطن تبحث عن مبررات لبقاء قواتها في العراق
13-تشرين الثاني-2024
مراقبون يكشفون أجندة السوداني الى كردستان
13-تشرين الثاني-2024
النقل تشير الى وجود اهتمام دولي كبير في مشروع طريق التنمية
13-تشرين الثاني-2024
وفد أمريكي يصل بغداد لاستكمال المفاوضات مع طهران
13-تشرين الثاني-2024
اليورو قرب أدنى مستوياته أمام الدولار منذ 4 أشهر
13-تشرين الثاني-2024
دول عربية تتصدر أكبر 5 صفقات نفطية عالمية
13-تشرين الثاني-2024
النفط يرتفع وسط مخاوف من شح المعروض
13-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech