طيبة عرمش
اتساءلُ دائما عمّا ينتظرني عندما امي تأرجحني بالارجوحة. كنت افرحُ كثيراً. لكن بداخلي شعور ما بالخوف والقلق مما ينتظرني! فانا افكر كثيرا. كنت اخاف ان تذهب امي مني، أو تكبر او تمرض او يصيبها اي شيء، ولم تستطع بعد ان تدفعني حتى بيديها. كنت اخشى ان يصيبها مكروه من الدنيا فأفقد لمساتها الحنونة في كل شيء بحياتي.
ذات مرة كنت عائدة من المدرسة الى البيت، كنت جائعة كثيراً وافكر ياترى ما الذي طبختهُ امي لنا؟ فاني احب اكلها كثيرا. وكنت افكر كيف سأبرر لها انني اكلت من بائع الحلويات كعكاً؟ سوف تغضب كثيرا، لانها تعرف انني سوف اشبع وامتنع عن اكل طعامها! لكنها لا تعلم أنني لا اقاوم اكلها مهما شبعت، وفجأة وجدت الناس متجمعين عند منزلنا مع ضجة كثيرة وتدافعت في ما بينهم لارى ما الذي حدث. وجدت امي مستلقية في المطبخ، بلا نفس ولا حركة واحدة، حتى خفت كثيراً ولم استطع تحريك ساكنها، لم افكر باي شيء وقتها، سوى ان تفتح عيناها
وتراني. وبقيت ابكي بشدة واصرخ: أمي ، أمي ، انهضي والله لم أأكل من الشارع. لم أأكل اي شيء. لكنها لم تنهض.. لم تسمعني، واخذوني الناس من حضنها بالقوة، وغطو جسدها بغطاءً ابيض، وانا اتامل وجهها للمرة الاخيرة. واصابعي تنسحب من اصابعها للمرة الأخيرة. للمرة الاخيرة يدي تعانق يدها. لكن هذه المرة كانت يدها باردة كثيرا. عكس كل مرة.
وفي هذه الاثناء، سمعت صياحُها وهي تقول لي:
هيا انهضي يجب علينا الرجوع الى البيت
ونهضت من الارجوحة ورجعنا الى البيت ..