الإعلام الرسمي وصياغة مهام المسؤولين
24-كانون الأول-2023

حسين فوزي
قبل 14 تموز 58 اعتادت وسائل الإعلام الرسمية، الإذاعة وتلفزيون بغداد، على نقل برقيات التأييد الصادرة عن المسؤولين وشيوخ العشائر والوجهاء للإجراءات التي تتخذها الحكومة، وهي صيغ جامدة لا تتعدى "باسمي شخصياً وأبناء عشيرتي (أو منتسبي وزارتي .. الخ،) نؤيد ... وإن ينصركم الله فلا غالب لكم."
وبعد تموز 58 توسعت البرقيات لتشمل القيادات العسكرية للفرق وبقية أفرع القوات المسلحة، إضافة إلى المنظمات النقابية والمهنية والهيئات الشعبية، في تأييد قرارات الزعيم عبد الكريم قاسم،
وكانت هذه البرقيات تحتل جزءاً كبيراً من وقت الإذاعة والتلفزيون وصدر صفحات الجرائد، بما شكل عبئاً مملاً على كل من يتابع الأخبار، حتى صارت الأمور بعد 17 تموز 1979، يضاف لها وفي مقدمتها خطب "الرئيس القائد الضرورة حفظه الله ورعاه" التي استحوذت، بصيغ مملة، على كل وقت الإعلام الرسمي وصدر صفحاته، وهي بعض معالم عزلة النظام عن الواقع المرير للشعب. وهذه صيغ إعلامية ساذجة تنفر المواطنين من متابعة وسائل الإعلام الرسمية، فالعالم المتحضر يعرف أن الإنسان لم يعد يكترث لمتابعة تزيد على 20 دقيقة كمعدل عام لأية مواضيع، ما لم تكن قضية مصيرية مرتبطة بخبزه اليومي ومستقبله وابنائه، لكن الإعلام الرسمي أوغل في منزلق توسيع "باسمي وأبناء عشيرتي .." إلى حد صار ينقل نصوصاً تقول "الشعب كله خلف القائد الضرورة..."، ضمن تجاهل غبي لوجود الآخر المعارض بصمته أو بعملياته المسلحة في جنوب العراق وشماله، بالأخص الطبقة الوسطى والمثقفين والجنود، الذين تسحقهم المعارك الخاسرة التي خاضها النظام المخلوع، جالب الاحتلال الأميركي للعراق قواعده في حوض النفط العربي. واليوم يبدو أن إدارة وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، سواء كانت تدري أو لا، تواصل الإرث السلبي لإعلام متخلف، فكيف يمكن تفسير تصريحات وبيانات صادرة عن كبار المسؤولين في الدولة، يتحدثون فيها عن دعم قرارات وإجراءات صادرة عن مجلس الوزراء ورئيسه، أو اية جهة رسمية عليا.
ومثال ذلك ما دبجه إعلاميو رئاسة الجمهورية تحت عنوان " رئاسة الجمهورية: ندعم الاجراءات الحكومية لحماية البعثات الدبلوماسية"... أفليس رئاسة الجمهورية هي الفرع الأول من السلطة التنفيذية وفرعها الثاني هو مجلس الوزراء؟ هل ان لمجلس الوزراء ورئيسه نهجاً مختلفاً عن الضوابط التي تحكم نهج السيد رئيس الجمهورية؟ أم ان كلاهما، كما يفترض وفق الدستور والإدارة الرشيدة للدولة، يكملان بعضهما في استنباط، بالتشاور، كل ما يحمي العراق ويصون التزاماته الداخلية والخارجية؟
وعلى نفس المنوال هناك العديد من التصريحات الصادرة عن مسؤولين كبار في السلطة "تشجب" و"تدين"، وكأنهم أطراف خارج السلطة يطرحون رأياً في مجريات الأمور والأحداث اليومية، وليس اطرافاً مسؤولة مطالبة بممارسات تنفيذية وفقاً للدستور والقانون تحمي المواطنين وتوفر أو تسعى لتوفير فرص حياة أفضل؟
إلى جانب مطبوعات الوزارات والهيئات المستقلة التي تزخر باخبار المسؤول الأول ومساعديه وصورهم، دون اية موضوع عن طموحات المواطنين المرجوة من هذه المؤسسات، أو اية خطط لمشاريع طموحة تخفف معاناة المواطن، وكأن كل شيء "وردي"!
لو كان إعلاميو رئاسة الجمهورية قد دبجوا تصريحاً منسوباً لسيادة رئيس الدولة يوجه أبناءه واخوته المواطنين بأهمية الوعي بقيمة الالتزام والمساعدة على تنفيذ السلطة لالتزامات البلاد في حماية واحترام البعثات الدبلوماسية، تجسد بعض خبرة سيادته في شؤون الدولة وهو "رمز وحدة الوطن"، لكانت مثل هذه ممارسة قيمة في دعم ما صدر عن مجلس الوزراء ورئيسه، بشأن الالتزام بحماية البعثات الدبلوماسية واحترامها، لكن المؤسف أن الارث السلبي لـ "باسمي وعشيرتي..." قد اتخذ صيغاً فاشلة مبتكرة، لا تنسجم مع المستوى الرفيع لـ"الساهر على ضمان الالتزام بالدستور... ووحدة البلاد .." وخبرته الطويلة في عمل الدولة، وصيغ مخاطبة رئيس الجمهورية اخوته واخواته وبناته وابنائه العراقيين.
ترى هل يمكن للعاملين في الإعلام الرسمي ابتكار صيغ بناءة تعمق الوعي بمضامين الدستور والقانون والالتزام بهما، والمهام المطلوبة من مؤسسات الدولة، وليس مجرد التلميع للمسؤول، مستفيدين من المقامات الرفيعة التي يدبجون باسمها التصريحات، أم انهم ما زالوا يدبجون صيغًاً عفا عليها الزمن، لا تنسجم وطبيعة مهمة الإعلام الفاعل البناء ولا مقام الشخصيات التي يفترض ان يعبروا بأقلامهم عن طبيعة مهامها الجسيمة وطروحاتهم المساهمة في رفع الوعي بالقيم الوطنية الحضارية العراقية وليس عبارات التأييد الساذجة.

اليكتي يقر بعلاقته مع "قسد" ويبرأ نفسه من التعاون مع حزب العمال
1-أيار-2024
التجارة تعلن عن انطلاق موسم التسويق في بغداد
1-أيار-2024
مباحثات مستمرة لتشكيل حكومة كركوك واليكتي يتمسك بمنصب المحافظ
1-أيار-2024
السوداني يبحث مع بن سلمان توطيد العلاقات العراقية - السعودية والحرب في غزة
1-أيار-2024
الأمطار والرياح الشديدة تعود مجدداً للعراق وتحذير من فيضانات
1-أيار-2024
"أحدثت فرقا كبيرا على الأرض".. الأسلحة العراقية المهربة وجدت طريقها إلى طرفي الصراع في الحرب الروسية – الأوكرانية
1-أيار-2024
السوداني يعلن التوصل لخيوط تؤدي إلى المتورطين بقصف كورمور
1-أيار-2024
وزير الموارد التونسي: مؤتمر بغداد للمياه فرصة لتدارس تحديات التغير المناخي
1-أيار-2024
الجمارك تحدد موعد تطبيق نظام القفل الإلكتروني للحاويات
1-أيار-2024
صراع إيراني - تركي - إسرائيلي يهدد الأمن القومي المصري
1-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech