د-صادق السامرائي
منذ تأسيس دول الأمة بعد الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم , وكراسيها تأكل بعضها , فحكام دولها يتناحرون ويتصارعون ويتآمرون على بعضهم , وداخل الدولة الواحدة تتناطح الكراسي على المناصب , ولابد من فوز فرد مستبد هصور.
هذا ديدن الكراسي في دولنا منذ البداية , ولن تتغير مناهج سلوكها , ولن تتبدل أحوال شعوبها , لأنها في وادٍ والكراسي في وادٍ آخر , والكرسي المتسلط في البلاد يحسبها والعباد من غنائمه وحقه المشاع.
فالكرسي غنيمة , والوطنية أن نتقاتل عليه , ليفوز باللذات الجسور , ولكن إلى حين , لأن التقاتل ديدن المتصارعين الساعين إلى كرسي ثمين.
وبلغت التصارعات الكرسوية ذروتها الفتاكة منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين , بما فعلته مصر وكذلك السعودية , وباقي الدول ضد بعضها , فصارت تتلهى وتنأى عن التحديات التي تستهدفها جميعا.
وبسبب هذا التلهي والتفاعل السلبي البيني لكراسي الأمة وصلت أحوالها إلى ما هي عليه اليوم , ولاتزال الكراسي في صراعاتها الخسرانية مع بعضها , حتى أن العديد منها أخذت تستنجد بأعداء الأمة والطامعين بها ليعينونها على النيل من الكرسي الذي تصارعه.
وبموجب ذلك إنتشرت القواعد الأجنبية في العديد من دول الأمة لحماية أنظمة حكمها , وإستعبادها والإستحواذ على ثرواتها , وإفقار شعوبها وإذلالهم , فالكراسي فوق المنارة والشعوب في مستنقعات الذل والهوان وفقدان قيمة وحقوق الإنسان.
وتجدهم يتحدثون بوقاحة عن السيادة , وعندما يُطرح سؤال ماذا قدمتم للشعوب المبتلاة بكم , يكون الجواب متعللا بعوامل خارجية منعت التعبير عن الإرادة الوطنية , فالكل غيارى على الوطن , والكل تنهشه بأنياب الوحوش الشرسة , والمواطن يترنح ويعاني من قهر الأيام ووطأة الحرمان.
إن العيب الجوهري في كراسي السلطات المهيمنة على مصائر المجتمعات , والتي تدين بتأمين مصالح الآخرين , لكي تبقى متمتعة بملذاتها , ومهيمنة على بشر مكبل بالوجيع والأنين , ومرهون بالخوف وفقدان الأمان , فالقتل من الهيبة والإيمان!!
وكل كرسي مبيد!!
وتلك كراسي أمة تريد أبناءها عبيدا!!