تقرير أمريكي: واشنطن قد تتدخل لحماية تجربة الحكم الذاتي لكرد العراق
24-كانون الأول-2023

بغداد ـ العالم
دعا "منتدى الشرق الاوسط" الامريكي الولايات المتحدة إلى حماية تجربتي الحكم الذاتي للكرد في العراق وسوريا، حيث تتعرض المنطقتان الى تهديدات متزايدة خصوصا من جانب القوى الاقليمية، وخصوصا ايران وتركيا، والى تهديدات داخلية تفرضها حكومتا بغداد ودمشق.
وبعدما أشار التقرير الأمريكي إلى أن واشنطن لعبت أدوارا مركزية في إنشاء المنطقتين الكرديتين في العراق وسوريا، إلا أنه حذر من أن الديناميكيات المتغيرة في كلا البلدين والمنطقة الأوسع قد تجبر الولايات المتحدة على الانخراط بشكل أكبر في الحفاظ على هذه الكيانات الكردية، لافتة إلى أن منطقتي الحكم الذاتي كانتا واعدتين، لكنهما تعانينان حاليا من أوضاع هشة إلى جانب التحديات الداخلية والخارجية، وبامكان واشنطن مساعدة حلفائها الكورد على حماية مشاريعهم السياسية.
ولفت التقرير إلى أنه على عكس اخوانهم في سوريا، فان الكرد في العراق يتمتعون بتاريخ أطول بكثير مع الاستقلال السياسي، حيث ترجع تجربتهم مع الحكم الذاتي الى العام 2003، بل الى العام 1991 بعدما فرض التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، منطقة الحظر الجوي فوق شمال العراق واقام "ملاذات امنة" في اقليم كوردستان. وتابع بأن الكرد كانوا حصلوا على نوع من الحكم الذاتي ولو بالاسم بعد اتفاق العام 1970 بين الكرد والنظام البعثي للرئيس آنذاك أحمد حسن البكر. لكن التقرير حذر من أن الحكومة المركزية في بغداد تواصل جهودها لتشديد قبضتها على العديد من شؤون الكرد التي كانت حتى وقت قريب مسائل بديهية، بما في ذلك السيطرة على المعابر الحدودية والمطارات والميزانية وعائدات النفط ووضع مجالس المحافظات في اقليم كردستان.
وتابع التقرير، أنه فيما يبدو أن محاولات بغداد للحد من الحكم الذاتي الكردي في الشمال تصاعدت في الشهور الاخيرة، الا انه اعتبر ان الوضع كان يتخذ منحى متراجع بالنسبة للكرد منذ تشرين الاول/ اكتوبر 2017، بعد استفتاء الاستقلال، الذي حظي بتأييد غالبية عظمى من الكرد، لكن الحكومة العراقية اتخذته ذريعة للقيام اجراءات انتقامية ضد اقليم كردستان.
واضاف التقرير انه رغم ان حق الكرد في منطقة اتحادية واردة في في الدستور العراقي للعام 2005، الا ان الكرد لم يعودوا يشعرون أن مثل هذه المادة في الوثيقة الأكثر أهمية في البلاد يمكن أن تضمن استقلالهم الذاتي، وذلك لان الحكومة العراقية صارت تخضع بشكل متزايد لسيطرة الجماعات الشيعية الموالية لإيران والتي لديها ميول طائفية وقومية. واشار التقرير الى انه منذ استفتاء العام 2017، فان الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، والتي يحظى معظمها ايضا بدعم بغداد، سيطرت على المزيد من المساحات فيما يعرف باسم "المناطق المتنازع عليها"، مضيفا ان هذه الميليشيات وانصارها المحليين في مدينة كركوك، رفضوا أمر اصدره رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في سبتمبر/ أيلول بإعادة مبنى في المدينة تابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو مسألة تطورت الى اشتباكات عنيفة مع السكان الكرد في المدينة، حيث سقط مدنيون كورد كما ان المحكمة الاتحادية العليا قررت تعليق تنفيذ أمر السوداني.
الى ذلك، قال التقرير أن تراجع مساحة المناطق التي يسيطر عليها الكرد في الشمال، ترافق مع تقلص دور حكومة اقليم كردستان بشكل عام في السياسة العراقية، مضيفا أنه منذ العام 2003، كان الكرد لاعبا رئيسيا في تركيبة السياسة الوطنية العراقية، حيث لعب القادة الكرد بالفعل دورا مهما في الحفاظ على العراق كدولة موحدة، خاصة خلال الفترة الدموية بين عامي 2006 و2007 والتي شهدت أعمال عنف طائفية الطابع بين الجماعات السنية والشيعية، فيما كان الكرد هم الذين لعبوا دور الوساطة بين الجانبين، ما أدى في نهاية الامر الى الحؤول دون تفكك العراق، والذي للمفارقات العجيبة إنها النقطة التي يتم اتهام الكرد بأنهم يسعون خلفها.
وبالاضافة الى ذلك، فقد لعب الكرد دور صناع الملوك بتشكيل الحكومات العراقية منذ العام 2005. وقد اعطى الموقف الموحد بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والاحزاب الكردية الاخرى، للكرد نفوذا في المفاوضات المتعلقة بالقضايا الملحة في السياسة الوطنية العراقية وسمح للكورد لاقليم كوردستان بالحفاظ على حكمه الذاتي. لكن التقرير اعتبر أن الوضع لم يعد كذلك الآن، حيث ان "البيت الكردي" منقسم حاليا أكثر من اي وقت مضى، مشيرا إلى أن الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة في العام 2006 بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والتي وحدت الإدارات المختلفة في الاقليم تحت قيادة حكومة الإقليم، أصبحت بلا جدوى خلال السنوات الاخيرة، بسبب وجهات النظر المتفاوتة بشكل متزايد بين الحزبين وظهور قوى سياسية أخرى، وهو ما هز الشرعية التأسيسية لحكومة الاقليم كهيئة حاكمة قوية. واشار التقرير الى ان الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء في الإقليم مسرور بارزاني الى الرئيس الامريكي بايدن في ايلول/سبتمبر الماضي، ربما تلخص الوضع المزري للكرد، حيث حثه على التدخل في القضايا العالقة بين حكومة الاقليم وبغداد، معربا عن مخاوفه من أنه إذا تركت الازمة دون حل، فإن الإقليم قد ينهار بالكامل. الا ان التقرير رأى أن الانقسامات العميقة داخل الأحزاب السياسية في الإقليم، ينبغي ألا يتم النظر إليها بشكل منفصل عن المحاولات التي تبذلها القوى الاقليمية، وخصوصا تركيا وايران، والتي تسعى الى الحد من الحكم الذاتي الكردي في العراق، ان لم يكن تدميره، حيث أن البلدين كانا يعارضان استفتاء العام 2017، وهما منذ ذلك الوقت يعملان بشكل وثيق احيانا، نحو تفكيك أي احتمال لاقامة دولة كوردية او حتى قيام حكم ذاتي قوي داخل العراق. الى ذلك، تحدث التقرير عن قيام الحكومة المركزية في بغداد والموالية لإيران بحرمان حكومة الإقليم في الاشهر الاخيرة من العديد من الموارد المالية المهمة، بما في ذلك منع صادراتها النفطية الى تركيا، حيث من غير المرجح ان تشهد المحادثات بين بغداد وحكومة الاقليم حول حصة الاخيرة من الميزانية الوطنية أي اختراقات، مضيفا انه يبدو ان الحكومة العراقية مهتمة فقط بالتوصل الى حلول مؤقتة تهدف الى ابقاء الكرد تحت رحمة بغداد. ورأى التقرير، أن الخلافات الحادة بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، تعزى الى محاولات إيران وتركيا لتقسيم "البيت الكردي"، وهي انقسامات أدت الى عدم وجود جبهة كوردية موحدة، ليس فقط في البرلمان العراقي وتشكيل الحكومة العراقية، وانما ايضا في محادثات حكومة الاقليم وبغداد حول القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية للاقليم.
وبعدما أشار التقرير الى الأوراق الخارجية التي تستخدمها ايران وتركيا لممارسة المزيد من الضغوط على الكرد في العراق، اوضح ان الامر بالنسبة لطهران، يتعلق بوجود جماعات المعارضة الكردية الإيرانية في الإقليم، بينما بالنسبة إلى تركيا، فإن المسألة تتعلق بأنها تستخدم وجود مقاتلي حزب العمال الكوردستاني في منطقة نائية يتعذر الوصول إليها في اقليم كوردستان، كذريعة ليس فقط لتنفيذ هجمات وضربات جوية عبر الحدود، ولكن أيضا لتوسيع وجودها العسكري في الإقليم عبر العشرات من مواقعها العسكرية. وتابع التقرير؛ أن مثل هذه الهجمات التركية تقوض شرعية حكومة اقليم كوردستان ككيان وتضر بثقة الكرد المحليين بحكومتهم. وخلص التقرير الى القول انه بينما أن الوضع الحالي للحكم الذاتي الكردي في العراق وسوريا، يبدو قاتما فعليا، إلا أنه لا يزال هناك بارقة من الأمل لهذين الكيانين الموالين لامريكا ليس فقط بامكانية التغلب على هذه الاوضاع الصعبة، وانما ايضا ان لكي يحققا ازدهارا والتحول إلى حلفاء أقوياء للولايات المتحدة على المدى الطويل في هذه المنطقة التي أصبحت أكثر عداء لأمريكا بشكل متزايد.
واعتبر التقرير الأمريكي ان الكرد في العراق وسوريا، لا يزالون يمتلكون أوراقا سياسية وعسكرية كبيرة بإمكانهم استخدامها للحفاظ على مناطقهم المتمتعة بالحكم الذاتي، الى جانب ان استمرار وجود هاتين المنطقتين الكرديتين، ولو بشكل متفاوت، بفضل التدخل الأمريكي، قد يكون ممكنا ايضا من خلال التزام امريكي قوي ومستمر.
وأوضح التقرير؛ أنه بالنظر إلى للوضع المتردي الحالي للكرد في كلا البلدين، فإن بمقدور الولايات المتحدة ان تمنح الاولوية لأهدافها لمساعدة الكرد على انقاذ مكاسبهم السياسية، اولا، من خلال المضي قدما في هذا المسار المتمثل باستمرار الانخراط العسكري والدبلوماسي الأمريكي في كلا الملفين.
واضاف "إن القيام بذلك يمكن أن يكون بمثابة ضمانة للاستقرار على المدى القصير والمتوسط".
وتابع قائلا ان "الجانب المهم الاخر هو ان تساعد الولايات المتحدة كلا الكيانين الكرديين على تقوية مؤسساتهما الديمقراطية والسماح لأنظمة الحكم التعددية بالازدهار"، مضيفا ان المشاعر المؤيدة لاميركا بين الكرد في العراق وسوريا لا تزال مرتفعة، ولهذا فإنه بمقدور واشنطن ان تستفيد من ذلك للاستثمار بشكل أكبر في ترسيخ الديمقراطية والتنمية الاقتصادية وتطوير القدرات المجتمعية وغيرها من جوانب التنمية التي يمكن أن تكون مفيدة للكرد على المدى الطويل.
وختم بالقول انه برغم ان هاتين المنطقتين تتمتعان بالحكم الذاتي في بلدين مختلفين، إلا أن أعداء أميركا وخصومها، ينظرون إليهما باعتبارهما جزءا من مشروع واحد، وهم عازمون على تدميره، ولهذا فإنه ليس فقط من الصواب بالنسبة للولايات المتحدة ان تحمي هذه الكيانات الكردية، وانما من مصلحتها ايضا ان تقوم بذلك بالفعل.

تسجيل 9 هزات أرضية داخل العراق في شهر نيسان
2-أيار-2024
رغم الإجراءات الأمنية في البتاوين.. نزيل يجهز على صديقه داخل فندق
2-أيار-2024
تركيا تضم صوتها في قضية "الإبادة الجماعية" ضد إسرائيل: نواصل دعم فلسطين
2-أيار-2024
ضخ فوق الحدود.. العراق يواصل الإخفاق بالالتزام بتعهدات أوبك
2-أيار-2024
وسط مخاوف من عودتهم.. العراق يستقبل ما يقرب من 700 مواطن مرتبطين بداعش من مخيم "الهول"
2-أيار-2024
العراق يشتري طائرات عسكرية بدون طيار من الصين
2-أيار-2024
أزمة الشرعية وتداعياتها في مواجهة أردوغان
2-أيار-2024
ليفركوزن للثأر من روما واختبار حقيقي لمرسيليا أمام أتالانتا في يوروبا ليغ
2-أيار-2024
محمد صلاح غير متحمس للتوجه إلى الدوري السعودي
2-أيار-2024
غرائب واختفاءات الموسيقي الفرنسي رافيل في سنواته الأخيرة
2-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech