عصام زكريا*
في 2005، فاز الرئيس جورج بوش الابن بولاية حكم ثانية في معركة انتخابية شابها الكثير من الصراعات والشبهات، ورغم فوزه تصاعدت الاعتراضات ضده عقب ما تكشف من حقائق حول حربه غير المبررة على العراق، وسياساته الداخلية المثيرة للجدل.
وفي ذروة الصراع ضد محاولات إسكات وتخويف الإعلام وتشويه الحقائق، قام النجم جورج كلوني، بالتعاون مع الممثل والمنتج وكاتب السيناريو جرانت هيسلوف، بكتابة وإنتاج فيلم بعنوان Good Night and Good Luck، وتولى كلوني إخراج الفيلم أيضاً.
الفيلم المقتبس عن أحداث واقعية تناول فترة من حياة مذيع محطة CBS إدوارد مورو، الذي قام في منتصف خمسينيات القرن الماضي بتحدي السيناتور جو ماكارثي، رئيس ما عرف بلجنة مكافحة النشاطات المعادية لأمريكا، وسياساته التي عرفت باسم "الماكارثية" ووصمت بأنها واحدة من أسوأ الفترات في تاريخ أميركا، من ناحية الاضطهاد والظلم السياسي وأخذ الناس بالشبهات وبث الرعب والوساوس في قلوب الناس وإرهاب الصحافة والاعلام.
بمفرده، تقريباً، تصدى إدوارد مورو لماكارثي من خلال برنامجه التليفزيوني See It Now، وكان أحد الأسباب التي أدت إلى قيام الكونجرس بالتحقيق مع ماكارثي وإلغاء لجنته سيئة السمعة.
بعد 20 عاماً بالضبط على فيلم Good Night and Good Luck، وفي ظروف مشابهة تحياها الولايات المتحدة الآن، بل يعتبرها البعض أسوأ من فترة بوش ومن فترة ماكارثي، قام كلوني وهيسلوف بتحويل سيناريو فيلمهما إلى مسرحية عرضت خلال الأسابيع الماضية على مسارح برودواي، وحققت نجاحا غير مسبوق.
وفي 7 يونيو الماضي بثت محطة CNN المسرحية على الهواء، في سابقة هي أيضاً الأولى في تاريخ مسارح برودواي، ما يعكس ليس فقط الاهتمام الشديد بمضمون ورسالة النص (الفيلم والمسرحية) خاصة في هذه الأوقات التي تشبه فترة الماكارثية ولكن بشكل أسوأ وأكثر ابتذالاً، ولكن يعكس أيضاً المستوى الفني للفيلم، الذي رشح لـ6 جوائز أوسكار ونال إشادة معظم النقاد، وكذلك المستوى الفني للمسرحية التي رشحت لعدد من جوائز "توني" وأشاد بها، أيضاً، معظم النقاد.
إذا كنت تريد فهم لغز دونالد ترمب: حقيقته كرجل أعمال صاحب سجل مشبوه، تحول إلى رئيس لأكبر بلد رأسمالي في العالم؟ إليك 4 أفلام وثائقية عن الرجل تعرضها منصة "شاهد".
المسرحية تكاد تكون مطابقة للفيلم، فيما عدد من التغييرات البسيطة، والممثلين بالطبع، في الفيلم لعب الممثل ديفيد ستراثهايم شخصية إدوارد مورو، فيما ارتضى كلوني بدور ثانوي في شخصية فريد فريندلي مخرج البرنامج وصديق مورو.
في المسرحية يلعب كلوني شخصية مورو، بعد أن أصبح في سن يقترب من عمر مورو وقت الأحداث، في الحقيقة عمر مورو كان 47 عاماً في 1955، وقد توفي بعد ذلك بعشر سنوات متأثراً بمضاعفات سرطان الرئة نتيجة تدخينه الشره.
العرض المسرحي للنص، في الحقيقة، شديد الابتكار، ومصمم كفيلم يتم تقطيعه وعرضه على عدة شاشات في الوقت نفسه أو كواحد من تلك العروض "الموضة" التي يطلق عليها immersive، والتي تترجم عادة بكلمة "تجربة غامرة"، وهو نوع من العروض التي تجمع عدة وسائط وتستخدم التقنيات الحديثة مثل الـ3D أو الVR، بهدف الاستحواذ على عقل وحواس المشاهدين.
العرض يحمل الكثير من العناصر السينمائية: المونتاج عن طريق الإضاءة والإظلام المتواليين لأجزاء من المسرح، حيث تتقاطع الأماكن والأزمنة والأحداث بإيقاع سريع وخاطف لأنظار المشاهدين الذي تتحرك عيونهم بالسرعة نفسها لتلاحق ما يحدث.
العرض يحمل الكثير من العناصر السينمائية: المونتاج عن طريق الإضاءة والإظلام المتواليين لأجزاء من المسرح، حيث تتقاطع الأماكن والأزمنة والأحداث بإيقاع سريع وخاطف لأنظار المشاهدين الذي تتحرك عيونهم بالسرعة نفسها لتلاحق ما يحدث.
* ناقد فني