خوف
15-تشرين الثاني-2023

عامر بدر حسون

في الثمانينيات، وفي المرحلة التي سميت مرحلة الحفاظ على روح النصر، كتب شاعر وكاتب معروف عمودا في جريدة الثورة يطالب فيه بمنع أغنية لفيروز، وزاد على ذلك بالمطالبة بمسحها من أشرطة الإذاعة العراقية.
كانت الأغنية المتهمة هي أغنية «سألتك حبيبي لوين رايحين»، وهي أغنية تتحدث عن حبيبين يلتقيان في أجواء الخوف من المجهول، أو من شيء غير محدد..
تقول كلمات الاغنية:
"قل لي.. احكي لي.. نحنا مين؟
وليش بنتلفت خايفين / ومن مين خايفين"؟
ومثل كل حبيبين يسكنهما القلق والخوف من تأخر الغد، تقول فيروز في الأغنية "المطاردة":
"موعدنا بكرا / وشو تأخر بكرا / قولك مش جايي حبيبي"؟
"أنا كلما تودعنا / كأنا تودعنا / لآخر مرة حبيبي"
وتنهي أغنيتها بدعاء للناس والمحبين، كي يتحرروا مما يخيفهم ويقلقهم:
"ويا دنيا شتّي (امطري) ياسمين / ع اللي تلاقوا ومش عارفين / من مين خايفين»؟
صاحبنا، وكان مبدعا حقا في تصوير الخوف من الجلاد، سمع الاغنية وانتبه الى كلماتها وشعر بالرعب عندما اوحى له خوفه بمعان تتجاوز اغنية الحبيبين، فنهض الخوف في روحه وشعر ان الجلاد ضبطه وهو يستمع للأغنية بتأويل معانيها خارج منطقة الحب.. فذعر وكتب من فوره:
"هذه الاغنية تسيء للحياة الآمنة التي نحن فيها، وتزرع الشكوك في نفوس العراقيين المطمئنة" وعلى هذا طالب بمنعها، وحذفها كليا!
وما استوقفني يومها ان الكاتب لم يكن بعثيا، بل كان معارضا سابقا تم "تحويله" إلى كاتب موال، فصار يكتب في جريدة الثورة، جريدة الحزب، كملكي أكثر من الملك.
والحق ان زاوية النظر، التي انطلق منها، تنطوي على إبداع في الخوف من الجلاد، يمكن ان يتجسد على شكل مزايدة حتى على ظنون وتأويلات الجلاد نفسه.
ولم أكن يوما ممن يلومون الضحية على ما يمكن ان يصل اليه تحت التعذيب والخوف. فاللوم والغضب ينبغي ان يبقى دائما على من مسخ النفس البشرية الى هذا الحد، ولهذا لم اذكر اسم الكاتب المقصود. لكن القضية ليست وقفة مع الماضي، بقدر ماهي وقفة مع حياتنا، التي شهدت قسوة ووحشية مفرطتين حتى بعد غياب الجلاد الأساسي. وهو وضع يجعلنا في مواجهة أسئلة عن إمكانية إعجاب الضحية بجلادها، وتقليده في سلوكه وتفكيره، بل وفي إمكانية تفوق الضحية على الجلاد في القسوة والإجرام؟
وما نراه في الكتابة العراقية، انها ما زالت تنظر الى الحياة والى ما تقرأ بعينين مشوهتين لفرط تجاورهما في الراس الواحد: عين الجلاد وعين الضحية الخائفة.
ونرى هذا جليا وواضحا في التعامل مع اصحاب الراي المختلف او الجديد، ومطالبته دائما ان يمتثل لراي المجموع او القطيع او الشعب. ونرى هذه النظرة المشوهة وهي تتضخم فترى العدو في الحزب الاخر وترى العدو في دول الجوار وترى العدو في دول العالم. وما زالت ثقافتنا السياسية السائدة هي بيان حرب مؤجلة ضد دول العالم.
ومازلنا ننظر لكل ما حولنا بعين الجلاد القديم، العين المتوجسة، الخائفة، فترانا، وترى ثقافتنا، وسياستنا، وكتابتنا، تمشي وتتلفت مذعورة ومتسائلة:
"نحنا مين، وليش بنتلفت خايفين؟ ومن مين خايفين"؟

التربية تطلق مبادرة دعم مواهب الأيتام بالحساب الذهني
20-أيار-2024
الموارد المائية تطلق خطة لتنظيم إدارة المياه
20-أيار-2024
النزاهة تصدر أوامر قبض واستقدام بحق (12) موظفاً بدائرة صحة ديالى
20-أيار-2024
الحماية الإجتماعية: 250 ألف متجاوز على رواتب الحماية الاجتماعية
20-أيار-2024
السفيرة الألمانية: مستثمرون ألمان رفضوا دفع "أتاوات" في العراق
20-أيار-2024
رحيل الرئيس الإيراني.. الحكومة العراقية تعلن الحداد والبرلمان يؤكد "المنطقة ستفتقد خط الوسطية والاعتدال"
20-أيار-2024
بعد الفشل بانتخاب الرئيس.. ترجيحات ببقاء المندلاوي في المنصب حتى نهاية الدورة الحالية
20-أيار-2024
محافظ ذي قار مرتضى الابراهيمي يفتتح 3 مدارس حديثة في قضاء الغراف ويكشف عن عدد المدارس التي تحتاجها المحافظة لحل ازمة الدوام المزدوج
20-أيار-2024
أبو ذر الغفاري.. السهم الاشتراكي
20-أيار-2024
أتالانتا الإيطالي يتطلع إلى إنهاء 61 عاما من انتظار التتويج بالكأس الأوروبية
20-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech