رواية «خنتاي».. سرد مشوق لنشأة الإدراك الإنساني وتطوره
26-أيلول-2022
بغداد ـ العالم
يقدم الكاتب السوداني محمود عوض عبد الكريم موسى عبد اللطيف، سردا مشوقا وبطريقة الخيال العلمي، لتوصيف وظيفة الإدراك في حياة الشعوب، وتطوره المستمر بتنقله عبر الأجيال، في روايته ”خنتاي“ الصادرة عام 2021، عن أوستن ماكولي للنشر.
وتبين الرواية كيف تعلم الإنسان إثبات غرائزه من خلال التكرار والتعلم من المحيطين به، وخاصة الأب والأم.
تعلمت شخصية ”مو“ غريزة الحماسة والخوف والرضى والتمرد والغيرة والبقاء والتكافل الاجتماعي والعطف، وكيفية تمرس الإنسان بشكل عام على هذه النزعات وغيرها، عبر ملاحظة أفعال القبيلة من حوله، ومن خلال الإدراك الذاتي، والتوارث الجيني أيضا.
وتركز الرواية على مقدرة الإدراك تسيير غرائز الإنسان، كونه الخليط الجيني المتوارث الذي ينتقل من جيل لآخر، وينتقل من الإنسان الأول لنسخ من أتباعه، كونه المضمون المحتوى في الذاكرة الإنسانية، الذي يتمكن من خلاله الجسد التعرف على الأشياء.
ويلمح الكاتب وبطريقة ذكية، فيها من الفلسفة والتأويل، إلى أن الإدراك ينتقل كتوارث جيني للأجيال، ويتم هذا من خلال نزعة الإنسان الطبيعية للتكاثر، للحفاظ على ”خنتاي“، اللقب الذي اختاره الكاتب لتسمية الإدراك بالنسبة لشخصية ”مو“، ومنح لإدراك كل شخصية أخرى اسما مغايرا.
الامتداد: ويفيد الكاتب بضرورة اهتمام الإنسان بقوة جسده، من أجل ضمان انتقال الإدراك إلى النسخ الموروثة عنه، ويؤكد أن ضعف الجسد الحاضن لـ“خنتاي“، يتسبب في تعطيل انتقال الإدراك ذاته للأشخاص الآخرين من نسله.
ويوضح الكاتب أن انتقال ”خنتاي“ كشيفرة جينية، يتباطأ أو بتعطل في حال كان الجسد الحاضن له ضعيفا، ومعرضا للموت، لكن هذا الإدراك لا يختفي بل ينتقل لسياق آخر من خلال العائلة كالأعمام والأخوال، لكن سيحتاج في هذه المرة لوقت أطول بكثير للظهور مرة أخرى.
الزواج: وتستعرض الرواية شكل التزاوج بين الرجل والمرأة في الماضي، من خلال حفلات التكاثر، التي تعدو كونها اتفاقيات لتبادل الجينات، يتواجد رجال القبيلة ونساؤها في مكان عام، بهدف انتقاء الشريك المثالي في نظر كل شخص، من أجل نقل جيناته، وتتم من خلال مواصفات محددة لكل شخص في الآخر، وهو ما درج فيما بعد كمقاييس للجمال في وعي الإنسان.
الأصول: وتعيد الرواية الإدراكات والغرائز إلى أصولها، بطريقة ملفتة، بحيث تكشف مثلا عن سبب نشأة غريزة الحياء لدى الإنسان، حيث كانت الأعضاء التناسلية للرجل والمرأة بما فيها صدر المرأة، تصاب بالعدوى البكتيرية جراء كشفها للطبيعة، واتجه الإنسان لعلاجها بالأعشاب، وتغطيتها بأدوات من الطبيعة، فأخذ الإدراك ما تخزنه من أفكار، وترجمت هذه العملية مع الوقت على أنها الحياء البشري، بحيث لا تنكشف الأعضاء الجنسية للطبيعة والعلن.
كما تبرز الرواية أن الميل الإنساني لارتداء الملابس بدافع الحماية من الأمراض والأوبئة، مبينة أن ارتداء الكمامة خلال انتشار وباء كورونا، جاء بنفس الغريزة، وهي الميل لحماية الجسد من العدوى، ودرج من خلال هذا الإدراك بأن هذه الأماكن المخبأة عن الطبيعة هي عورات وجب تغطيتها.
حتى الموسيقى يقدمها السرد على أنها أداة ترفيه مخزنة في الإدراك البشري، تمرس المرء على استخدامها للوصول لحالة ترفيهية، لكنها في البدء اقترنت باحتفالات صيد الفريسة والنجاح بتحقيق الهدف في الغابة، عبر الطبول.
اللعب: وكذلك كرة القدم نشأت بفعل ميل بشري لتقسيم رؤوس الحيوانات وتناقلها عبر المنافسة، في تدرج إدراكي مثير يكشف عن احتواء السرد للمعرفة، والتحليل النفسي لمشاعر وغرائز الإنسان.
وهذا ما يأخذنا للقفز نحو امتلاك الإنسان الحالي للمعنى في ممارسته للأشياء، ولربما يكون هذا بعيدا عن سبب النشأة لكنه مع الوقت، تحول لأحد الفنون التي تعطي القيمة للفعل البشري، وهو ما يتحدث عنه الفيلسوف الإنجليزي والف واردو إيمرسون، قائلا: ”يكتسب المجتمع فنونًا جديدة وينسى غرائزه القديمة“.
مكتبة الغرائز: ويوصف السرد مكتبة الغرائز الإنسانية، بأنها مخزن داخل الحمض الجيني، تتوسع بفعل الأنا الذاتية للإنسان، وكذلك بتراكمية التعلم من الأب والأم والمجتمع، ويتم تأويل الشيخوخة على أنها خلايا ضعيفة تنتج أخيرا بفعل الاستهلاك الآدمي لخلايا العقل في سبيل توسعة الغرائز الإنسانية والتجدد من خلالها. كما يبين السرد كيف ينشأ الشعور الإنساني، تبعا لاختلاط الغرائز أو تفاعلها في الجسد وتأثر لزوجة الدم بفعل ذلك.
ويقول الكاتب: ”كثير من الأحداث قد تمر على الإنسان، فتولد شعورا قد سجل من قبل في مكتبة الغرائز من قبل أحد المدركين الأوائل، وعندما يأتي دور الإدراك الآني لإطلاق غريزة هذه الحادثة في مكانها في مكتبة الغرائز، من الممكن أن يكون إحساس هذه الحادثة، قد سجل من قبل بنفس تركيز الغريزة“.
البقاء: ويعطي السرد تصورا لمشهد الموت ورغبة البقاء داخل الإنسان، من خلال توصيف ذكي، حيث يقدم الإدراك الآدمي كأداة بحث عن شيفرة تشبه الفراغ، وعدم قدرة الإنسان على إدخال فكرة جديدة سوى التوقف، لحظة الموت، والإدراك في هذه الحالة يجد شيفرات مطموسة غير مفهومة، انتقلت بفعل التوارث الجيني للإنسان الأول، الذي تعرض للموت ونجا من الحالة، فتتولد غريزة محاولة البقاء في الجسد.
الخدعة:كما ويكشف الكاتب عن الصراع السلطوي في المجتمعات القديمة من خلال تقديم الأساطير الزائفة حول أمراض الإنسان وضعفه وعقمه، وإقناع المجتمع بامتلاكهم خط تواصل مع قوى وجودية خفية يمكنها حل مشاكل الإنسان، كما فعل دومو وأخوه درامن.
وتكشف الأحداث عن قدرة الإنسان على خداع إدراك الآخر عبر الإيهام، فالعطور نوع من الخداع لإدراك الآخرين، بما تعطيه من صورة مبهجة عن الإنسان، الذي قد يكون فقد معايير الجمال التي يخزنها العقل في مكتبته، والعطر هنا ينجح في تقديمه للآخر بشكل جميل.
كما ويتناول الكاتب الخداع السلطوي من الإنسان للآخر للحصول على الامتيازات، لكنه يبرهن على قدرة الإدراك من التخلص من الوهم مع الوقت.
ويختتم السرد طريقه، بشخصية عادل الشاب السوداني، الذي اعتبره الكاتب تطورا وامتدادا لـ ”خنتاي“ الذي امتد عبر الأجيال، لينتقل من حياء العورات التناسلية لحياء الجسد المغطى بالكامل، كنوع من الإسقاط على مفعول الإدراك على حياة المرء. وما يميز السرد أيضا، تنوع الأدوات الخطابية من قبل الكاتب، حيث يقوم في عدة أوقات بإعطاء الإدراك ميكروفونه الخاص لمخاطبة القارئ، وكذلك الفيروسات.
الاقتصاد النيابية تبحث المواصفة العراقية لاستيراد المركبات مع جهاز التقييس
3-نيسان-2024
وزير العدل خالد شواني لـ"العالم": نعمل على "أتمتة" عمل التسجيل العقاري وكتّاب العدول
25-آذار-2024
الحسناوي لـ"العالم": حصة المواطن من الموازنة العامة سنويا 4 آلاف دينار
23-آذار-2024
وزير الداخلية لـ"العالم":نخطط لاستبدال المنتسبين الرجال في المطار بكادر نسوي
12-آذار-2024
حادث سير يودي بحياة "مشرفين تربويين" على طريق تكريت - موصل
12-شباط-2024
العراق يتأثر بحالة ممطرة جديدة تستمر لأيام تتبعها ثالثة "وربما رابعة"
12-شباط-2024
هزة أرضية تضرب الحدود العراقية التركية وسكان يستشعرون قوتها في دهوك والموصل
12-شباط-2024
العراق يدعو إلى تدخل دولي لمنع خطط التهجير الجماعي لسكان جنوب غزة
12-شباط-2024
بمشاركة السوداني وبارزاني إنطلاق قمة عالمية بدبي للحكومات
12-شباط-2024
الأمن والدفاع: العراق لا يستطيع حماية أجوائه من المسيرات
12-شباط-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech