بغداد - العالم
تروي الفنانة سمر محمد قصة مسيرتها الفنية التي بدأت مبكرًا، حيث كانت في التاسعة من عمرها عندما وقفت لأول مرة على خشبة المسرح في مسرحية "رجال وفئران". لم تكن سمر تخطط لتصبح ممثلة، لكن شغفها بفن التمثيل دفعها إلى الانطلاق في عالم الفن.
تتذكر سمر محمد تلك اللحظات قائلة: "عندما كنت أرافق أخي الموسيقي إلى نادي الفنون في الموصل، كنت أتابع التمارين المسرحية بشغف. في ذلك الوقت، كنت أتابع مسرحية بعنوان 'رجال وفئران'. ذات يوم، غابت إحدى الفنانات عن العرض، وكان لدي إلمام بالدور من خلال متابعتي المتكررة، فتم اختياري لأداء الدور بمساعدة الفنان الراحل شفاء العمري."
هذا الاختيار لم يكن مجرد بداية لمسيرة فنية، بل كان نقطة تحول هامة في حياتها. ومع انتقال عائلتها إلى بغداد عام 1957، توفرت لها فرصة جديدة. بعد سنوات من تجربتها المسرحية الأولى، جاء الفنان الراحل شفاء العمري إلى بيتهم ليقترح مشاركتها في مسرحية جديدة بعنوان "أوديب ملكا" التي كانت ستعرض في الموصل. رغم مقاومة أفراد أسرتها في البداية، وافقوا على شرط أن ترافقها والدتها إلى الموصل حتى انتهاء العرض. كان عمرها حينها 13 سنة، وحققت المسرحية نجاحًا كبيرًا بين الجمهور. سمر تعرب عن امتنانها للفنان شفاء العمري الذي لعب دورًا محوريًا في تطوير مهاراتها. تقول: "الفضل يعود إلى الفنان شفاء العمري، الذي قدم لي دعماً كبيراً وعلموني تقنيات المسرح وأساليب الأداء التي لم أتعلمها أكاديمياً."
مع مرور الوقت، بدأت سمر محمد بالظهور على الشاشة الصغيرة. تروي كيف أن الصدفة ساعدتها على دخول عالم التلفزيون: "عندما رآني المخرج الراحل كارلو هارتيون قرب مبنى الإذاعة والتلفزيون في الصالحية، سألني عن أعمالي المسرحية وأقترح ترشيحي للعمل في التمثيلية العراقية 'السنطور'. كانت هذه بداية مشواري التلفزيوني في عام 1974."
سمر محمد انضمت إلى الفرقة القومية للتمثيل عام 1981، مما ساعدها في تطوير مسيرتها الفنية بشكل أكبر. تؤكد سمر أن المدينة التي نشأت فيها، الموصل، لها تأثير كبير على شخصيتها الفنية. تقول: "الموصل علمتني الالتزام والتقاليد وكيفية أداء الشخصية بكل شغف وحرص. لهذا، لها الفضل الكبير علي."
تتذكر سمر كيف أن والدها لو كان حياً، لكان يعارض ظهورها على الشاشة، ولكنها متأكدة من أنه كان سيفخر برؤية تقدير الجمهور لها. رغم أنها قدمت العديد من الأدوار التلفزيونية المؤثرة، مثل دورها في مسلسلات "عالم الست وهيبة" و"ذئاب الليل" و"الأماني الضالة"، فإن معظم أدوارها كانت ثانوية. ومع ذلك، تؤكد أن الأدوار الثانوية التي قدمتها كانت ذات تأثير كبير ونجاح، على الرغم من تكرار الأدوار التي جسدتها.
توضح سمر أن المخرجين قد وضعوها في قالب معين من الأدوار المكررة، غالباً ما تكون دور الأم المسالمة. تقول: "لم أتعرض إلا قليلاً لدور الشريرة، وقد يكون الجمهور لم يتقبلني في أدوار سلبية. أتمنى أن أتمكن من تقديم أدوار مغايرة."
أحد الأدوار التي حلمت بتجسيدها هو دور الملكة زنوبيا، لكنّها تلمح إلى أن العمر قد لا يسعفها الآن. أما الدور الذي تشعر أنه الأقرب إلى واقعها، فهو دورها في مسلسل "قميص من حلك الذيب" للمخرج علي أبوسيف، الذي أنتج عام 2007.
سمر محمد تشارك أيضًا برأيها حول الوضع الحالي للإنتاج الدرامي العراقي، قائلة: "بدأنا نضع قدمنا على أولى خطوات النجاح، لكن الإنتاج الغزير أفرز لنا كماً وليس نوعاً في الأعمال الدرامية الأخيرة. هناك بعض الأعمال التي تميزت، لكن النسبة الأكبر لم تكن بمستوى الطموح."
تتفق مع رأي الفنان الراحل نور الشريف، الذي قال إن نهاية أي فنان تتجسد في تأمينه لمستقبل أسرته مقابل تقديم أعمال قد لا يكون مقتنعاً بها. تقول سمر: "في بعض الأحيان، يضطر الفنان لتقديم أعمال قد لا تكون مفضلة لديه من أجل تأمين لقمة العيش. رفضت عروضاً لم تكن على مستوى معايير الفنانة التي أطمح إليها."
إلى جانب أدوارها في المسرح والدراما، كانت سمر محمد من بين أولى الأصوات الفنية التي انطلقت عبر إذاعة جمهورية العراق من الموصل عام 2017، لتواجه الإرهاب من خلال برامجها وإبداعاتها التمثيلية.