بغداد ـ ياسر الربيعي
قبل ٢٤ ساعة من موعد الانتخابات النيابية بدورتها السادسة ، يتصاعد الجدل داخل الأوساط السياسية بشأن مستقبل تحالف "الإطار التنسيقي" الذي يضم غالبية القوى الشيعية التقليدية، وسط مؤشرات واضحة على انقسامات داخلية قد تلقي بظلالها على تشكيل الحكومة المقبلة وتوازنات السلطة في البلاد.
وعقد الإطار التنسيقي، قبل أيام، اجتماعه الـ248 في مكتب زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، تزامنا مع مرور 5 سنوات على تأسيسه، في ظل انشقاقات وصراعات محتدمة خلف كواليس السباق الانتخابي.
وينبئ غياب السوداني عن الاجتماع بتوتر متصاعد بين الرجلين، كانت واحدة من ابرز نتائجه هو قرار السوداني، مؤخرا، بإبعاد هشام الركابي، المستشار الإعلامي السابق للمالكي، من عضوية مجلس مفوضي هيئة الإعلام والاتصالات، وتعيين باسم العوادي، المتحدث باسم الحكومة، بديلاً عنه.
وعلى غرار الدورات الخمسة السابقة، تبدو الانتخابات السادسة بالنسبة لقادة الإطار فرصة لإعادة تموضعهم، أكثر من كونها فرصة لتغيير حقيقي في المشهد السياسي، لأن الأحزاب الشيعية التقليدية لا تزال تغذي نفوذها عبر المال السياسي والولاء الطائفي.
وبُعيد تشكيل حكومة السوداني، اتسعت الهوّة بين جناحين رئيسيين داخل الإطار التنسيقي: جناح نوري المالكي الذي يسعى إلى استعادة نفوذه المركزي، وجناح السوداني الذي يحاول تقديم نموذج أكثر اعتدالاً ومرونة في العلاقة مع الأطراف المحلية والدولية.
بينما تراقب كل من طهران وواشنطن المشهد العراقي عن كثب: الاولى تدعم "وحدة المعسكر الشيعي" وعدم تكرار تجربة الانقسام عام 2021. بينما تذهب واشنطن الى دعم قوى تريد الاستقلال عن النفوذ الإيراني، وتأميم سلاح الفصائل المسلحة.
ويرى تقرير صادر عن معهد المجلس الأطلسي الأميركي، أن التصدع داخل الإطار يتزامن مع تحولات إقليمية كبرى، أبرزها تراجع النفوذ الإيراني وتغير خريطة التحالفات في المنطقة، بما في ذلك صعود النظام السني في سوريا وتراجع قدرات حزب الله وحماس.
ويشير إلى أن هذه التحولات تثير قلق القوى الشيعية في العراق من "فقدان البيئة الحامية لها"، خصوصاً في ظل العقوبات الأميركية المفروضة على بعض فصائل الحشد الشعبي، الأمر الذي يزيد حساسية الإطار تجاه استمرار هيمنته على الدولة.
ويفسر أحمد الياسري، صحفي وأكاديمي، انقسام قوى الاطار بأنه يعكس التنافس على الزعامة، في اطار تعزيز نفوذهم عبر تحالفات انتخابية تزيد من حصتهم البرلمانية.
ويقول الياسري، ان المالكي والخزعلي يراهنان على قواعدهما التقليدية، بينما السوداني والحكيم والمندلاوي وحمودي يسعون لاستقطاب جمهور شيعي "رمادي"، وهذا ما يبدو واضحا من خلال اختيارهم لمرشحيهم.
ويرجح المتحدث أن يصاحب تشكيل الحكومة المقبلة تعقيدا كبيرا، بسبب الإشكالات المحتملة على "توزيع المناصب"، مشيرا الى ان الانقسام الشيعي الراهن يشحذ همة القوى السنية والكردية باتجاه تثبيت مكاسب سياسية إضافية، تشمل مناصب تنفيذية أو ملفات عالقة.
والى جانب ذلك، يشير الياسري الى "العامل الخارجي" الذي سيكون مؤثرا في عملية تشكيل الحكومة، في ظل وجود ملفات شائكة بين طهران وواشنطن.
وكشفت مصادر مطلعة، مؤخرا، عن مبادرة لزعيم تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم، من اجل محاولة التهدئة بين المالكي والسوداني.
وقالت المصادر، ان تلك المحاولة اصطدمت برغبة الولاية الثانية للسوداني، التي يعارضها المالكي بشدة.
ويوحي المشهد السياسي الحالي بأن اللعبة تدور حول مصالح ضيقة، وبالتالي فان بإمكان الناخبين إحداث مفاجأة بتغيير المعادلات التقليدية.
ويؤكد النائب جواد اليساري أن "مهمة اختيار رئيس الوزراء المقبل ستكون شديدة التعقيد في ظل استمرار الانقسام داخل البيت الشيعي".
ويقول اليساري في تعليق لمراسل "النهار"، إن غياب التوافق المسبق حول هوية رئيس الحكومة أو آلية الترشيح "يجعل المشهد مفتوحاً على جميع الاحتمالات، بما في ذلك تأخر تشكيل الحكومة أو استمرار حالة الانسداد السياسي".
ويضيف أن هناك رغبة كبيرة لدى قوى الاطار في إعادة توزيع النفوذ والمناصب على حساب الاستقرار الحكومي، لافتاً إلى أن "المشهد داخل الإطار لم يعد يتعلّق بتباينات في الملفات الإدارية، بل بصراع على اتجاهات استراتيجية ومصالح متعارضة".