محمد عبد الجبار الشبوط
يواجه العراق اليوم تحديات كبيرة على أكثر من صعيد. من الانقسامات السياسية إلى الأزمات الاقتصادية والأمنية، يعاني شعبنا من ظروف قاسية وتحديات تضع عراقيل أمام الطريق نحو الاستقرار والازدهار. يأتي على رأس هذه التحديات الفساد السياسي والاداري والمالي، والاعتماد شبه الكلي على واردات النفط والاقتصاد الريعي، والاعتماد شبه الكلي على الاستيراد، والانحراف عن المسار الديمقراطي، والتدهور في البنية التحتية، فضلا عن البطالة والفقر والتضخم وغير ذلك.
وفي مواجهة هذه التحديات يقع العبء الاساسي على الشعب العراقي للانخراط في حركة اصلاحية شاملة تجتث الفساد من جذوره وتمهد لبناء مستقبل جديد.
ومن هنا تأتي كلمة السيد السيستاني البليغة التي قال فيها:"ينبغي على العراقيين، خصوصًا نخبهم الواعية، أن يأخذوا العبر من التجارب السابقة، وأن يبذلوا قصارى جهدهم لتجاوز الإخفاقات والاستفادة من الدروس المستفادة من ماضٍ مليء بالتحديات". الوعي الجماعي بالخطأ والصواب يمكن أن يكون المحرك الأساسي نحو تغيير إيجابي في المستقبل. وغني عن الذكر ان ابرز تجارب الماضي ثلاث هي: التعددية المفرطة في تشكيل احزاب غير حضارية، والانتخابات التي تشوبها الشبهات، وتظاهرات تشرين الاحتجاجية. وهي تجارب زاخرة بالدروس والعبر التي ينبغي اخذها بنظر الاعتبار عند كل تحرك جديد.
ويلقي حديث السيد السيستاني الكرة مرة اخرى في ملعب الشعب العراقي وبخاصة "النخب الواعية" التي تتالف من المثقفين والكتاب والعلماء وأساتذة الجامعات وصانعي المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي والاعلاميين والفنانين وغيرهم حيث يقع على عاتق هؤلاء جميع العمل بجد على قيادة تحرك الشعب العراقي من اجل تحقيق مستقبل أفضل للعراق.. من أجل بلد ينعم بالأمن والاستقرار والرقي والازدهار.
غني عن الذكر ان ذلك لا يمكن تحقيقه دون إعداد خطط علمية وعملية لإدارة شؤون البلد، خطط تعتمد على أسس واستراتيجيات واضحة ومحددة تعتمد المبادىء التالية:
أولًا، يجب تبني مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنم مواقع المسؤولية، مما يضمن أن يكون من يتولى مناصب السلطة مؤهلاً وصادقًا في أدائه.
ثانيًا، من المهم منع التدخلات الخارجية بكافة أشكالها التي من شأنها تعطيل مسار النمو والاستقرار.
ثالثًا، وجب تحكيم سلطة القانون ليكون المرجع الأعلى في جميع الأمور،
رابعا، حصر السلاح بيد الدولة لضمان الأمن والاستقرار.
خامسا، مكافحة الفساد بجميع مستوياته الذي يعرقل النمو ويبتعد بالبلد عن طريق التنمية المستدامة، لذا فإن التعامل معه يجب أن يكون شاملاً وحازمًا.
ويجب ان نتذكر إن المسار نحو عراق مستقر ومزدهر طويل وشاق، ولكن العمل الجاد والمخلص والتعاون بين كل القوى الوطنية والإيمان بإمكانية التغيير يمكن أن يمهد الطريق نحو مستقبل أفضل. الأمل موجود، وانعكس في رغبة الشعب في البحث عن حلول جديدة ومنتجة للمضي قدمًا نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
غني عن الذكر ان اي تحرك شعبي اصلاحي يجب ان يتم بوسائل جديدة مبتكرة ومفاتيح تغادر عيوب التأسيس واخطاء الممارسة التي طبعت المرحلة الراهنة بطابعها مثل المحاصصة والمكوناتية والتوافقية والولاء والانتماء وغير ذلك من الادوات التي قادت بلدنا الى الطريق المسدود. ان التنمية والاستقرار والديمقراطية وغيرها هي مفاتيح الاصلاح المطلوب لبنية الدولة العراقية وهيكلية سلطاتها المختلفة. وهذا ما ينبغي اخذه بنظر الاعتبار في اي تحرك شعبي للاصلاح والقضاء على الفساد بمختلف اشكاله.
اخيرا، الفت النظر الى ان افكار هذا المقال مستلة من حديث الامام السيستاني الاخير.