رياض محمد
هذا السقوط المدوي والمخزي والسريع - 11 يوما فقط منذ بدء هجوم الهيئة وحلفائها و 9 ايام فقط بعد سقوط حلب - يذكرني بسقوط افغانستان قبل اعوام قليلة وبنفس الطريقة تقريبا على يد الطالبان.
الغريب ان قطر هي حليف المنتصرين طالبان والهيئة!
في افغانستان سقط النظام لانه اعتقد ان الامريكيين وافقوا على سقوطه عندما اتفقوا مع الطالبان على سحب القوات الامريكية.
وفي سوريا يبدو ان الوضع الصعب الذي يعيشه حلفاء نظام بشار - روسيا في اوكرانيا وايران الحزب اللبناني مع اسرائيل - وقرار تركيا السماح للمعارضة بشن الهجوم بعد فشل المصالحة السورية - التركية وعدم اقتناع بشار بفتح صفحة جديدة مع المعارضة واخيرا الوضع الاقتصادي الكارثي الذي يعيشه السوريون بما فيهم منتسبو وضباط الجيش السوري - كل ذلك كانت عوامل هذا السقوط السريع.
مع ذلك لا يزال هذا السقوط المذهل مفاجئا حتى للهيئة نفسها. وقد كان هناك نسق معين في معارك المدن الاربع الكبرى. ففي البداية يقاتل الجيش السوري ثم بعد يوم او يومين يكف عن القتال وينسحب وزادت سرعة هذا السقوط فحماة سقطت بعد 6 ايام من سقوط حلب وتلتها حمص بعد يومين ثم دمشق بعد ساعات (ويبدو ان هروب بشار عجل من سقوطها).
هذه بالتأكيد اكبر ضربة ستراتيجية لايران منذ عقود... نظام الاسد كان الحليف العربي الاهم لايران منذ قيام الجمهورية الاسلامية قبل 46 سنة تقريبا.
بل ان هذه الضربة اشد حتى من خسارة السيد حسن.
بسقوط بشار قطع طريق طهران - بيروت البري وبلا رجعة.
وبسقوطه سيزداد الضغط على الحزب اللبناني - خصوصا ان بينه وبين المنتصرين في سوريا ثأر ودماء وما صنع الحداد. وعلى الاغلب فان وضع لبنان الهش سيزداد هشاشة وربما ينزلق الى العنف. فاللبنانيون الموارنة والسنة والدروز سيزدادون جرأة في مطلب انهاء سيطرة الحزب على لبنان.
في العراق الوضع اقل خطورة ولا اظن ان سنة العراق سيعيدون مأساة ما بعد 2014. وافضل ما يمكن ان تفعله الحكومة هو تعزيز امن الحدود وشن ضربات استباقية ضد خلايا تنظيم الدولة النائمة.
هذا بالتأكيد نصر ستراتيجي لتركيا التي سيكون لها نفوذ هائل في سوريا الجديدة.
السؤال المهم هو: هل ستستمر النزعة (التصالحية) الحذرة لدى الهيئة ام انها مجرد تكتيك؟
اذا استمرت فربما تكون سوريا على موعد مع حكومة ائتلافية ونظام فدرالي على الاغلب يضمن للكورد والعلويين والدروز والاسماعيلية والمسيحيين حكما ذاتيا واسعا.
اما اذا استأنفت الهيئة خطها التكفيري المتشدد فهذا يعني على الاغلب حربا اهلية جديدة بين الفصائل السنية وبين السنة والكورد والعلويين.
وهناك سؤال مهم اخر هو كيف سيتعامل العالم العربي ودول العالم بما فيها الدول العظمى والولايات المتحدة مع سيد دمشق الجديد وهو ارهابي مطلوب لدى العديد منها؟
واخيرا هذه الضربة الكبيرة لايران ومحورها الذي خسر الان دولة كاملة قد تلين من الموقف الايراني تجاه مختلف القضايا لامتصاص الريح المعادية وقد تجبر حلفائها في العراق على نهج ممائل بدافع الخوف.
النظام في العراق قد يواجه هبة شعبية اخرى تدفعها الضربات الشديدة التي وجهت لايران والحزب اللبناني وسقوط بشار وهذا ان حدث فقد يكون معركة حامية الوطيس...
هل كان احد يتخيل ان هجوم 7 اكتوبر سيؤدي الى ضرب الحزب في لبنان وقتل قياداته ثم اسقاط الهيئة لنظام بشار؟
تماما كما لم يتخيل احد ان هجمات 11 سبتمبر ستؤدي الى اسقاط صدام...
وختاما لم يفاجئني هروب العار بشار فهو جبان وما حدث من سقوط مدو لنظامه والضربات الكبيرة للحزب في لبنان الذي كشف مدى اختراق اسرائيل له ولايران نفسها اثبت فشل الكثير من سياسات ايران وحلفائها على مدى العقدين الماضيين بما في ذلك تحول انظمة وقوى هذا المحور الى سلطة فاسدة وغاشمة بالضد من شعوب هذه الدول...
يا ترى هل سيتحفنا الولائيون بتخاريف النصر هذه المرة ايضا؟!
وكم مقبرة جماعية ستكتشف في سوريا بعد 61 سنة من حكم البعث؟!