ومرة أخرى في سعر الصرف.. ولن تكون الأخيرة
17-كانون الثاني-2024

د. عبد الباسط تركي سعيد
أثناء الاجتماعات التي كنت اعقدها عندما كنت مكلفا بإدارة البنك المركزي العراقي التقيت بأحد زملائي القدامى في وزارة المالية، وكان من الأشخاص الذين اعدّهم ذوي دراية في السياسة المالية والنقدية. وبعد انتهاء الاجتماع انفردت به جانبا واستفسرت عن رأيه في (تعديل) سعر الصرف؟ قال لي: انه لا يؤيد فكرة تغيير سعر الصرف لأن الاقتصاد العراقي اقتصاد استيرادي، وبالتالي فإن الذهاب إلى تغيير سعر الصرف لن يؤدي إلا الى المزيد من المشاكل وليس الحلول. كانت إجابته لي صادمة. عندها غيّرت الحديث إلى موضوع آخر وتوادعنا وزميلي. لكني ‏تذكرتُ ذلك خلال فترة قريبة عندما شكا لي احد الأصدقاء ان كل الأسعار بما فيها المنتجات المحلية تتغير باتجاه الصعود بتغيّر سعر صرف الدولار. أي عندما تنخفض قيمة الدينار العراقي. وكان يرى أن السبب الوحيد وراء ذلك هو الجشع أو الرغبة في الحصول على أرباح استثنائية برغم انه يعلم ان العراق الآن يستورد كل شيء تقريبا، وهو من جانب اخر يعتمد أيضا في إنتاجه وتكوين داخله القومي على صادراته من النفط إلى حد استثنائي أيضا. وبالتالي فإن نشاطه الإنتاجي هو نشاط لاستجلاب العملة الأجنبية، ‏وليس بالضرورة ان يكون وراء كل ارتفاع في الأسعار ما يفسر بالجشع أو محاولة للحصول على ارباح استثنائية، مع ان من البديهي أن يسعى ذوو النشاط الخاص إلى مزيد من الأرباح (ما لم تتجاوز الثوابت المجتمعية).
لكن ما لم يدركه صاحبي أن سعر الصرف للدينار العراقي قياساً بالعملة الاجنبية في العراق‏ هو لا ينعكس اثره فقط في أسعار الاستيراد، بل هو السعر الذي يقرر اتجاهات وحجم التغيرات في النشاط الاقتصادي، وبالتالي فهو محدد للدخول (الفردية الحقيقية)، وعلى هذا الأساس تجد انه حتى من يتعامل في الإنتاج المحلي هو أيضاً يسعى إلى المحافظة على الاقل على مستوى دخله الحقيقي، وهذا هو الذي يدعون دائما ‏الى التأكيد بأن يرافق أي تغيير في سعر الصرف قرارات تؤمن المحافظة على المستويات الحقيقية للدخول الفردية وتجنب الدخول الواطئة دفع ثمن هذا التغيير. ومع ذلك فإن اسعار الصرف هي الاسعار القائدة في الاقتصاد وهي في الحقيقة حجر الزاوية في أي تغيير ومحاولة إصلاح للوضع الاقتصادي والاجتماعي في العراق،‏ وأن ما قاله زميلي (القديم) يوما من الأيام هو انطباع واضح: إني لما هو في الصورة وليس لما هو وراءها...
ان اعتماد سعر صرف غير اقتصادي كان هو وراء تدمير المنتج المحلي وهو أيضا وراء تمدد اغلب الدخول الطفيلية التي تمنع استقرار (سعر الصرف للعملة) وفي الاستيراد غير الشرعي. كذلك الافساد للمنظومات المسؤولة عن تأمين الضرائب والجمارك.
قدر تعلق الأمر بهذه الاستيرادات في ظل ‏سعر الصرف السائد يبقى المنتج في دول الجوار جميعاً اقل كلفة لدرجة أن كلفة المتاجرة غير الشرعية بها (التهريب) أيضا يمكن أن يتحملها فارق الأسعار. في الاقتصاد العراقي يجب أن يعاد النظر في سعر الصرف، فهو معيار لأهم أداة تعيد التوزيع الأولي للموارد وتوزيع الدخول ومستويات الاستهلاك دون أن يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بالشرائح الهشّة والدنيا من الدخول.
تحول الاقتصاد العراقي إلى اقتصاد الاستيراد ‏كما هو الحال في كل الاقتصادات النفطية وبخاصة في دول الخليج رغما أن القاعدة الإنتاجية والموارد التي يمكن استغلالها في العراق لا يمكن مقارنتها بما هو متوفر في دول الخليج، لكن الجميع كانوا في وهم: إن العملة الوطنية ذات القدرة على الاستيراد العالي (قوة العملة) هي مؤشر لقوة الدولة وقوة الاقتصاد. في حين أنه بعد مطلع السبعينات عندما فك نيكسون العلاقة بين الدولار والذهب، ‏فإن العلاقة أصبحت بسيطة، وواضحة لمن يرغب رؤيتها، وهي ان ما يقرر سعر الصرف هو قوة الاقتصاد وليس العكس.

تسجيل 9 هزات أرضية داخل العراق في شهر نيسان
2-أيار-2024
رغم الإجراءات الأمنية في البتاوين.. نزيل يجهز على صديقه داخل فندق
2-أيار-2024
تركيا تضم صوتها في قضية "الإبادة الجماعية" ضد إسرائيل: نواصل دعم فلسطين
2-أيار-2024
ضخ فوق الحدود.. العراق يواصل الإخفاق بالالتزام بتعهدات أوبك
2-أيار-2024
وسط مخاوف من عودتهم.. العراق يستقبل ما يقرب من 700 مواطن مرتبطين بداعش من مخيم "الهول"
2-أيار-2024
العراق يشتري طائرات عسكرية بدون طيار من الصين
2-أيار-2024
أزمة الشرعية وتداعياتها في مواجهة أردوغان
2-أيار-2024
ليفركوزن للثأر من روما واختبار حقيقي لمرسيليا أمام أتالانتا في يوروبا ليغ
2-أيار-2024
محمد صلاح غير متحمس للتوجه إلى الدوري السعودي
2-أيار-2024
غرائب واختفاءات الموسيقي الفرنسي رافيل في سنواته الأخيرة
2-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech