المرأة.. في منظور الحضارة المرائية
13-آب-2022
سمير النشمي
لا يكاد الناس يتكلمون ويأكلون ويتنفسون ويقومون بأعمال أخرى إلّا بمقتضى قواعد تكنيكية متوارثة أو علمية مبنية على دراسات وبحوث رصينة مبنية على حسب مقتضيات العصر ، وكل ما خرج عن التكنيك الموروث أو العملية العلمية المعاصرة ، حتى غدت الحياة المعاصرة تسير على نمط ظاهره جميل ومنطقي ومرتب ، لكنّ باطنه يشكو الألم والحزن والمعاناة والملل ، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى عدم الاكتراث والا مبالاة في التعامل مع الأشياء ، بل ومع العلاقة الأسرية عامة والزوجية خاصة وأعني بذلك المسائل المتعلقة بالمرأة ومداراتها ومعاشرتها ، وفي أيِّ صورة كانت ..
وقد يكون من المستغرب إذا ما قلتُ أنّ الجهل كان وما يزال قائما في معرفة حقيقة المرأة وكينونتها ، وإنّ مجال الخوض فيه يعتبر عند البعض فاضحاً لأن غالبية مجتمع الرجال لا يرون في المرأة إلّا صورة براقة تخلب الألباب وتثير المشاعر وعلى هذا الاساس يتم التعامل معها ، إنّ نظرة كهذه تعتبر قاصرة ، وحينما نريد أن نتبين معالم هذا الجهل الذكوري سنجده يعود إلى حضارة مرائية ، فهي تتنكر بل تنكر على الرجال عامة وعلى مجتمع النساء خاصة حقّ العيش وفق مفهوم ( المودة والرحمة ) بمعناه الدقيق ، فنحن قد خلقنا لنعيش على هذه الأرض ( شعوبا وقبائل ) من أجل أنْ نتعارف فيما بيننا ونتعاون لبناء الأرض وإعمارها لأننا الوحيدون المستخلفون عليها بعد الله تعالى من دون كل المخلوقات الأخرى ، وقد خلقنا الله تعالى أساسا لهذه المهمة لكنّ الواقع اليومي المعاش والذي ابتعدنا فيه عن التعارف الايجابي فيما بيننا وجمّدنا المودة والرحمة في التعامل أمسى واقعنا مليئاً بالخلافات والمصالح والتقاتل فلم يعد هناك تفاهم في هذا الواقع وأخذ يلقي بظلاله على من يعيش فيه ، وحتما سيؤثر على المرأة وعلى الحياة الأسرية بل وعلى علاقات الناس بعضهم ببعض مما يؤدّى إلى بروز عنصر المراءات في التعامل فيما بيننا ، وسينعكس بالتالي على علاقة الأسر مجتمعة ببعضها ، بل وعلى المعاشرة الزوجية أيضا ، علماً بأنها من الوجهة العلمية والعملية هي شغل الناس الشاغل ، إلا أنهم يتظاهرون إزاءها بالرصانة والترفع عن الخوض فيها لما ستعكسه من مشاكل أسرية متنوعة ، بينما هي في حقيقة الأمر من صميم الواقع اليومي ، وليس الجهل بهذه المسائل مقصوراً على طبقة معينة من الناس أو على الذكور دون الإناث ، ففي الكثير من الاحيان تكون المرأة هي من يوقد نار الخلاف بسبب جهلها أيضاً و أنانيتها ، ويستوي في هذه المواقف العالم والجاهل والغني والفقير، والقليل من الرجال والنساء من يدرك أهمية التوافق والانسجام في العلاقات الزوجية الحميمة ، ثم إنّ نسبة الـ( 75% ) من حوادث الزواج الفاشل والذي ينتهي غالباً بالطلاق ما كان ليحدث لولا جهل الرجال خاصة وأنانيتهم ..! فكيف يُسعد زوجان يستأثر أحدهما ( وهو الرجل ) بأطايب توفرها له الحياة الزوجية ، تاركاً للمرأة الفُتات وأحيانا لا شيء ، فهذه الأنانية لا تقتصر على الرجال كما ذكرنا في الحضارة المرائية ، بل هي تشمل أيضاً بعضاً لا يستهان به من النساء ، لأنهنّ نشأنّ أيضاً في ظل الصراع الدائر ما بين أبناء آدم كل حسب بيئته ، ومن هنا فإن الحضارة المرائية تأبى إلّا مسايرة التقاليد المتوارثة ، وهي حضارة مشحونة بالانانية ، وفي ذات الوقت يكون الرجل فيها هو سيد الموقف في التحكم بكل ما يحيط به وما يتعامل معه صغيراً كان أو كبيراً ، ومن ضمنها المرأة ، كزوجة أو كأخت ، بل يسري هذا التحكم في بعض البيئات على الأمهات أيضاً ، فغالباً ما تستلم النساء لهذا التحكم نتيجة لتلهفها في بناء مشروع أسري رصين يستند على مبدأ ( المودة والرحمة ) من أجل أنْ تحرز المرأة نصيبها من المتع الطبيعة التي تنطلق من هذا المبدأ وتمارس دورها كزوجة وأم وأخت وأبنة ، ولكنّ المرأة حينما تكون مغلفة بحضارة مرائية ، فهي لا تجرؤ في الغالب على المطالب بهذا النصيب وهذا الحق ، لأنها محرومة عرفاً ـ في أغلب المجتمعات ـ من حقِّ
المطالبة بهذا الحق ، ومن أجل ذلك فهي لا تجني من المعاشرة الزوجية سوى الخيبة والحرمان وإذا ما ساءت العلاقة بينها وبين زوجها ، تظل الأسباب الحقيقية دفينة في صدرها ، حتى أنّ المصلحين يخفقون في الوصول للتراضي بينهما لعجزهم عن معرفة موطن الداء ..
إذن فالجهل والأنانية والحياء الكاذب والتحفظ المرائي ، كلها تكمن وراء الزواج الفاشل ومن ثمّ الطلاق ناهيك عمّا يسببه الطلاق من أمراض نفسية واجتماعية للمرأة خاصة، لأنها ستكون لوحدها هي الضحية جرّاء هذا السلوك المرائي ، ولكن توجد في ذات الوقت بعض الحملات يقوم بها بعض المتنورين من أجل مكافحة سياسة الصمت حول مسائل العلاقات الزوجية أساسا ، وتحرير الأزواج من الأوهام التي ينسبونها إلى الفضيلة وهي كاذبة ، والتي تجثم على صدورهم ، بتسليط الأضواء الحقيقية على الفعل الأساسي الذي يشدُّ المرأة بالرجل والرجل بالمرأة..
إذن ينبغي على مجتمع الرجال أنْ يستخدموا مواهبهم في تهيئة زوجاتهم لحياة أسرية سليمة ، وخاصة لمن يجهلها منهنّ وبعيداً عن كل ما يجعلها رتيبة مملة ، هذا وإنّ كل رجل لا يفكر إلّإ بنفسه ويترك زوجته فريسة للتخيلات الناشئة من الاحباطات العاطفية فيكون الحكم عليه حتما بالجهل ويستحق الشفقة ، أو هو يعلم ولكنه أناني بحاجة إلى صفعة قوية تعيده إلى رشده ، وليس الإعداد لإقامة وبناء أسرة لائقة هو من مبتكرات أناس مغرقين في الفساد كما قد يتبادر إلى الذهن ، بل هو نتاج وعي مسبق بأهمية الأسرة ومكانتها ومن خلال الزوجة حصراً، فلقد أجمع الذين عالجوا القضايا الأسرية والعاطفية منها بشكل خاص وعلى أساس علمي بأنّ الإعداد المسبق هو ضرورة فسيولوجية كالفعل نفسه ..
فالرجال الذين يمارسون حقوقهم الزوجية وفق مبدأ( الرحمة والمودة ) هم قلة في البيئات الراقية والمتحررة ، بينما نجد الغافلون أو التاركون لمبدأ ( الرحمة والمودة ) هم كثرة كاثرة في سائر البيئات الأخرى ، ولو وجد في هذه البيئات أناس قادرون على التمهيد لممارسة حقوقهم الزوجية بما يكفل نجاحها ، لوجدناهم ينتسبون إلى الرقي والإمتياز في علاقاتهم ولكنهم للأسف لا يتقنون من ضروب حياتهم العاطفية إلّا القيل منها ، وليس مردُّ هذه الظاهرة إلى الجهل فحسب ، بل إلى الترفع عن ممارسة بعض هذه الحقوق بحجة أنها غير لائقة ، ولا تتفق مع الكرامة الإنسانية ، واعتبر هذا أشد أنواع الوهم والجهل فيؤدي في النهاية إلى فشل الحياة الزوجية ومن ثم حدوث الطلاق وينبغي الا تغرنا المظاهر الخادعة كالغنى والهندام الفاخر والعلاقات مع نخب بارزة في المجتمع ، لأن هذه المظاهر قد تكون هي تعويض عن الخواء الذي يعيشه الشخص خاصة في مجتمع الرجال.


الاقتصاد النيابية تبحث المواصفة العراقية لاستيراد المركبات مع جهاز التقييس
3-نيسان-2024
وزير العدل خالد شواني لـ"العالم": نعمل على "أتمتة" عمل التسجيل العقاري وكتّاب العدول
25-آذار-2024
الحسناوي لـ"العالم": حصة المواطن من الموازنة العامة سنويا 4 آلاف دينار
23-آذار-2024
وزير الداخلية لـ"العالم":نخطط لاستبدال المنتسبين الرجال في المطار بكادر نسوي
12-آذار-2024
حادث سير يودي بحياة "مشرفين تربويين" على طريق تكريت - موصل
12-شباط-2024
العراق يتأثر بحالة ممطرة جديدة تستمر لأيام تتبعها ثالثة "وربما رابعة"
12-شباط-2024
هزة أرضية تضرب الحدود العراقية التركية وسكان يستشعرون قوتها في دهوك والموصل
12-شباط-2024
العراق يدعو إلى تدخل دولي لمنع خطط التهجير الجماعي لسكان جنوب غزة
12-شباط-2024
بمشاركة السوداني وبارزاني إنطلاق قمة عالمية بدبي للحكومات
12-شباط-2024
الأمن والدفاع: العراق لا يستطيع حماية أجوائه من المسيرات
12-شباط-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech