صباح الأنباري
الصامتون: فريج الأقرع: كائن خرافي وجهه أخضر بأنياب بارزة وقوية، وأذنان طويلتان وفي قدميه مخالب معقوفة من الأمام يشبه قزماً أو طفلاً بعمر الثالثة. وهو بهيئة شبه بشرية/ عدد من القرويين/ السعلوّة: والدة فريج الأقرع كائن كبير الحجم قبيح المنظر قريبة الشبه بالبشر وقريبة أيضا من هيئة الغول، تسكن تحت الماء.
المنظر: مكان واسع في البر عدد من الخيول ترعى الى جوار بعض الأكواخ الطينية. ثمة نهر يمتد مع امتداد الحافة الأمامية لخشبة المسرح.
المُصمَت الأول:
يمدّ فريج رأسه الأقرع القبيح خارج النهر. يستكشف المكان كلّه بحركة بانورامية، وإذا يرى واحداً من رجال القرية قريباً من الخيل فانه يغطس مختفياً داخل الماء. الرجل ينتبه لطرطشة الماء فيتقدم وهو يصوب بندقيته نحو مصدر الطرطشة. يقف على حافة النهر. يطمئن أن لا وجود لأثر ما من آثار فريج الأقرع. يعود أدراجه وهو يعلق البندقية على كتفه. يدلف الى داخل كوخه الصغير. يمد فريج رأسه ثانية فوق الماء. يطمئن أن لا وجود لأحد في المكان يخرج من النهر برأسه الأقرع القبيح ذي الشارب الأحمر والجسم الضئيل والذقن المستدق. يتحرك نحو الخيل بحذر شديد. ينتبه لحركته أحد كلاب القرية فينبح بقوة. يختفي عن الأنظار حالما يبدأ بعض القرويين بالخروج مع بنادقهم. يفتشون المكان بدقة. يعجزون عن الاهتداء الى فريج الأقرع. أحدهم يجد أثار أقدامه فينبه الآخرين. يقف الآخرون وراء مقتفي الأثر بوضع التهيؤ للرمي. يتقدم الرجل وهو يركز نظره على آثار فريج ويتوقف عند نقطة ما. يشير الى جهة وجود فريج فيبدأ الكلّ إطلاق النار بالاتجاه الذي أشار إليه الرجل. يتوقفون عن الرمي وفقط يسترقون السمع لحظات قصيرة. يسمعون على نحو مفاجئ صوت طرطشة الماء فيهجمون على النهر ويطلقون الرصاص كثيفاً على مكان الطرطشة. يتوقفون عن الرمي ويعودون غير متأكدين من قتلهم لفريج الأقرع. يظهر فريج مرة أخرى مطلاً برأسه فوق الماء. يطمئن لعدم وجود شخص ما فيخرج من النهر بقفزة واحدة. تفز الخيل من هذه الحركة لكنها تستكين. يتقدم فريج منها بحذر أكبر. يصل قربها وبقفزة سريعة يمتطي ظهر أحدها. ينطلق به الفرس مستفزاً خائفاً وهو يصهل صهيلاً مدوياً. يخربش فريج الأقرع ظهر الفرس ويعضه عظات مؤلمة. يخرج القرويون ببنادقهم لكن فريج كالعادة يختفي عن الأنظار متسللاً الى النهر.
يتوقف القرويون قرب الأحصنة يفكرون، يتداولون، يتحركون هنا وهناك على غير هدي. يتوقف أحدهم وبطقة أصبع ينتبهون إليه. يشير عليهم بالتجمع فيفعلون. يشرح لهم خطته لإلقاء القبض على فريج. يتفقون على الخطة بتجميع أكفهم في بؤرة مركزية بينهم. يحضّرون قيراً. يضعونه داخل قدر كبير يثبتونه على الأثافي ويوقدون تحته النار. يتركونه حتى يبرد متحولا الى عجينة لزجة. يدلكون بها ظهر الخيل ويتركونها لحالها. يدخلون الى منازلهم آمنين. يطل فريج برأسه الأقرع فوق الماء يخرج من النهر متسللاً. يمتطي ظهر أحد الأحصنة يخنخن الحصان، ويضرب الأرض بحوافره. الكلاب تنبح وفريج يحاول الهرب لكن مقعده التصق بظهر الحصان. وفقد حتى قدرته على الاختفاء. يهرع القرويون الى حصانهم يجرونه الى جوار أكواخهم. يبدأ فريج بالبكاء والتوسل مثل طفل صغير محاولا التأثير على الرجال واستدرار عواطفهم. أحدهم يشير له علامة النفي. يذهب أحدهم لجلب السوط لجلده. يرى فريج السوط فيزيد توسله منهم بقبلات هوائية سريعة وإعلان توبته بتقبيل يده من الناحيتين ووضعها على ظهر الحصان الذي التصق به. يقترب الرجل ذو السوط من فريج فيزداد رعباً ومع أول ضربة سوط يبدا بمناداة أمه السِعلاة (السعلوّة). نسمع صوتاً صادراً من مكان مجهول وغير محدد وكأنه الصوت الداخلي لفريج الأقرع. ومع سماع الصرخة المدوية (ماما) تطفأ الأضواء.
المصمت الثاني:
تفتح الأضواء. القرويون ما زالوا يحيطون بالفرس التي التصق بظهرها فريج الأقرع. يعلو صوت الموسيقى وتظهر السِعلاة (السعلوّة) مستجيبة لصوت استغاثة ولدها. تتوجه كل البنادق إليها. ترفع فوق رأسها غصن زيتون. يشير لها أحدهم بالتقدم فتتقدم منهم باطمئنان. تضع غصن الزيتون أمامهم. تبرك. ترفع غصن الزيتون من على الأرض. تقوم بحركة تبادل بين الغصن وبين ولدها. ترفع كفها الى الأعلى علامة القسم. وبالإشارة يفهمون أنها ستقدم لهم عشبة تشفي الصداع وتزيل آلام البطن. يتبادل القرويون النظرات. تنفرج أساريرهم. يقوم أحدهم بإيقاد النار تحت القدر الكبير. يفغر فريج فاهه مرعوباً يتوسل بأمه فعل شيء ما يخلصه منهم. تقترب السِعلاة منه تطبطب على ظهره كي يطمئن. صاحب السوط يشير الى ساعته اليدوية والى النار والى عملية ذبح فريج إن لم تعد قبل انطفاء النار. توافق السعلاة على مقترحه. تعود أدراجها الى النهر، تغطس فيه محدثة طرطشة عالية. يجلس القرويون على شكل حلقة دائرية يتناولون الشاي أو القهوة وينتظرون أوبة السعلاة بما وعدتهم. يسمعون صوتاً صادراً من الماء. ينهضون وهم على درجة عالية من اليقظة شاهرين بنادقهم باتجاه النهر. يتحرك صاحب السوط ليقف الى جانب فريج الذي ارتعب لمجرد وقوف الرجل قريباً منه. تظهر السِعلاة فوق الماء تتقدم نحو الرجال. تقدم لهم عشبتان. يستلمون العشبتين ويشيرون لصاحب السوط أن يطلق سراح فريج. يأخذ صاحب السوط شعلة من النار. يقربها من مقعد فريج. يصرخ مستجيرا بأمه. يحاول تخليص ساقه بإحدى يديه لكنه يفشل. يستمر بالبكاء والاستغاثة. تقترب امه. تمسك يده. تمسح بباطن كفها وجنته فيهدأ. يقرب صاحب الصوت شعلة النار من مقعد فريج ثانية يبدأ القير بالذوبان. يشير للسعلاة أن تسحب ابنها فتفعل. يصرخ فريج متألماً. تخلصه الأم من ظهر الفرس. تضعه على الأرض. يفر من مكانه باتجاه النهر. يتوقف على حافته يستدير ناحية الرجال، وبالسبابة والإبهام يأتي بحركة شتمهم جميعاً، وبضم أصابعه الى بعضها وتحريكها الى الأعلى والأسفل يهددهم بما سيفعله لهم في قادم الأيام. يركض صاحب السوط إليه لكنه يرمي بنفسه الى النهر مبتعداً عن صاحب السوط. تبتسم السعلاة بمودة وهزة رأس حكيمة. تصافح الرجال واحدا تلو الآخر. وتطيل في عملية مصافحة صاحب السوط. محدقة في عينيه بإعجاب. تعود أدراجها الى النهر تغطس فيه. تخرج يدها فوق سطح الماء مودعة الرجال للمرة الأخيرة. تطفأ الأضواء.
المصمت الثالث:
تطل السعلاة برأسها من فوق الماء. تراقب المكان. وإذ ترى صاحب السوط خارجاً من كوخه فإنها تخرج من الماء. تبتسم لصاحب السوط تقترب منه. يتحرك لمواجهتها لكنها تعمل على تهدئته وتشعره بالاطمئنان وإنها ليست طرفاً معادياً له. تحدق في عينيه بعمق. يتأثر بنظرتها. يشعر بالارتياح لوجودها معه. يصب لها قدحا من الشاي. توهمه أنها سعيدة بهذا اللقاء الحميم. تقترب في جلستها منه حتى يمس جسدها جسده. وبحركات فيها الكثير من الغنج والمداعبة توقعه في أسرها. يهمان بتقبيل بعضهما بعضاً. ولحظة تلامس شفاههما. يخرج أحد الرجال من كوخه. يتنحنح فيجفل صاحب السوط، ويسحب وجهه الى الوراء بخجل. يلتقط الرجل شيئاً قد نسيه على الأرض ويعاود الدخول الى الكوخ. تنهض السعلاة. تمسك راحة صاحب السوط. تسحبه إليها. تضمه الى صدرها فينساق إليها بليونة. وبغفلة منه تضربه على رأسه فيغيب عن الوعي. تحمله على كتفها وتتجه به نحو النهر. تقف على حافته تنظر الى الأكواخ الطينية. وحين لا ترى أحدا من القرويين فإنها تقفز الى النهر وتغيب فيه. تخرج من الماء ثانية وبسرعة تتوجه الى المكان الذي كانت جالسة عليه. تجلس باسترخاء. تقف. تتحرك نحو كوخ صاحب السوط. تطرق بابه. وإذ لا يستجيب لها أحد فإنها تطرقه مرة ثانية وتستمر بالطرق حتى يخرج أحد القرويين وهو نفس القروي الذي رآها جالسة مع صاحب السوط. ينظر الى مكان صاحب السوط. يستفسر منها عن مكان تواجده. تشير له انه ذهب لجلب حاجة ما من داخل الكوخ. يتوجه الرجل الى كوخ صاحب السوط يطرق على بابه ثم يدخله بلا تردد. السعلاة تنتظر وهي تنظر الى فتحة الباب. يخرج الرجل ويشير لها بعدم وجوده وقبل أن ينادي على بقية الرجال فإنها تقترب منه تضع يدها على فمه وباليد الأخرى تضربه على رأسه فيغيب عن وعيه. تسحل جسمه الثقيل وترمي به الى النهر. تعود لطرق باب آخر. تطرقه مرتين فيخرج القروي الثالث إليها وهو يوجه ماسورة بندقيته نحو صدرها. تتراجع الى الوراء قليلاً. تبتسم له بمكر ودهاء لكنه يظل مصوبا بندقيته نحو صدرها. يخرج فريج الأقرع من النهر. يرى أمه بموقف صعب يهاجم الرجل فيطلق الرجل النار عليه. تهم السعلاة بمهاجمته أيضا لكنه يسدد نحوها إطلاقة قاتلة. تسقط السعلاة ميتة. يذهب الرجل ليبشر القرية بقتله لها ولابنها. تنهض السعلاة تحمل ابنها. تنظر نحو الأكواخ وهي تبتسم بمكر تغطس في النهر مع ابنها. يخرج القرويون ليروا السعلاة وابنها ميّتين، ولكنهم يتفاجؤون بعدم وجود أيّ منهما، يتوجهون جميعاً نحو النهر. يقفون على حافته وينظرون إليه بحيرة واستغراب. تجمد حركتهم على خشبة المسرح لحظات. يقفلون راجعين الى أكواخهم. يدلفون فيها. تخرج السعلاة نصف جسدها فوق الماء. تشير بيديها الى استمرار فعلتها والى ما ستقوم به في قادم الأيام متوعدة.
تطفأ الأضواء.