محمد عبد الجبار الشبوط
قرأت مؤخرا خبرا مفاده ان الطالب سجاد جبار طعمه الحيدري ناقش رسالة ماجستير في قسم التاريخ، كلية التربية للعلوم الإنسانية جامعة البصرة- وكان عنوان الرسالة (مجلة الجهاد، اتجاهها، موضوعاتها، ١٩٨٠_١٩٨١ دراسة تاريخية). وقد سرني ذلك على الاقل لان نشاطاتنا الاعلامية اثناء المعارضة اصبحت موضوعا لرسائل الماجستير في الجامعات العراقية. وقد كان لي علاقة مباشرة في هذه النشاطات وبخاصة فيما يتعلق بصحف "الجهاد" التابعة لحزب الدعوة الاسلامية و"البديل الاسلامي" المستقلة، واخيرا "المؤتمر" التابعة للموتمر الوطني العراقي الموحد.
مرت صحيفة "الجهاد" بمرحلتين من الناحية الفنية، الاولى حين صدرت كمجلة وهي المرحلة التي تناولتها رسالة الطالب سجاد، والثانية حين صدرت كجريدة. في المرحلة الاولى تولى رئاسة تحرير "الجهاد" الشهيد ابو ياسين، عز الدين سليم، المفكر الاسلامي المعروف الذي اصبح عضوا في مجلس الحكم بعد سقوط النظام الصدامي، واستشهد اثناء رئاسته للمجلس في ١٧ مايس عام ٢٠٠٤. بعد انتقال حزب الدعوة الاسلامية الى ايران بعد اشتداد المواجهة المسلحة بينه وبين النظام الصدامي حدثت خلافات كثيرة بين الدعاة حول موضوعات كثيرة من بينها كيفية اختيار القيادة. وقد انقسم الدعاة في وقتها الى قسمين، كان في احدهما طبعا الشهيد ابو ياسين. فلما حصل الانشقاق المعروف، ترك ابو ياسين مجلة "الجهاد"، التي توقفت عن الصدور. في تلك الفترة كنت اعمل في الكويت كمدير لتحرير مجلة "صوت الخليج" لصاحبها المرحوم باقر خريبط. وكانت حالتي المادية والمعيشية جيدة بل مرفهة ولم يكن يعوزني شيء في هذا المجال. وفي وقتها كنت عضوا في اللجنة السياسية العاشرة في الكويت التابعة لتنظيم حزب الدعوة في الكويت، والتي تصدر نشرة "الكاشف"، برئاسة الداعية هيثم محفوظ وعضوية ابو مهدي المهندس واخرين. اما رقم "العاشرة" فلم يكن يعني شيئا.
وفي احدى الامسيات رن جرس الهاتف في مكتبي واذا بس اسمع على الطرف الاخر صوت الاخ الداعية فخري مشكور (ابو عارف) الذي كانت تربطني به علاقة حزبية في السبعينات قبل ان نهاجر كلانا من العراق الى بلدان المهجر. بعد السلام والتحايا الطبيعية سالني ابو عارف: هل تستطيع المجيء الى ايران؟ سالته للزيارة ام للعمل؟ قال: للعمل. سالته: اين؟ قال: في مجلة "الجهاد". وحكى لي قصة توقفها. سالته: بطلب منك ام من الام؟ و(الام) اسم مستعار للدعوة. قال: بطلب من الام. قلت له: حسنا، موافق، سوف أأتي خلال شهر. واتفقنا على اللقاء في دمشق، بعد شهر، ومن هناك نسافر الى طهران. كان ابو عارف في وقتها عضو لجنة الاعلام المركزي التابعة لحزب الدعوة ومن اعضائها ابو عصام وابو ياسر وابو محمد ويرأسها ابو احمد الجعفري.
اخبرت زوجتي بما حصل، و وافقت ان تأتي الى طهران، بعد ان تستقيل من وظيفتها كمدرسة وتخلي شقتنا.
تم كل ما اتفقنا عليه، ابو عارف وانا، وما هو الا شهر الا وانا في طهران. كان ذلك في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من عام ١٩٨١. اقمت في فندق قدس القريب من ميدان ولي عصر، وبدأت تحركاتي من اجل اعادة اصدار "الجهاد". كان علي ان استكشف الامكانات الطباعية في طهران، وتشكيل هيئة تحرير، والعثور على مصمم او مخرج جيد، وما الى ذلك. و كان علي ان انسق مع لجنة الاعلام المركزي في قراراتي المتعلقة بكل ذلك.
رزت عددا من المطابع، وكانت المطبعة الرئيسية تعمل بنظام الرول وليس بنظام الشيت sheet . وقررت ان هذا النظام افضل لطبع جريدة منه الى طبع مجلة. وهكذا كان قراري الاول بتحويل "الجهاد" الى جريدة بحجم A3 اي حجم التابلويد Tabloid وهم حجم وسط بين حجم ال A4 وحجم ال A2 وهو اسهل على المصمم من الناحية الاخراجية. ولم اكن ادري ان هذا الحجم سوف يكون موضوع مناقشات ساخنة في لجنة الاعلام المركزي وبخاصة مع احد اعضائها، اعني ابو ياسر الشاعر.
يتبع..