ماذا كانت تفكر «حماس» في 7 أكتوبر؟ «تحول استراتيجي أنهى حلم إسرائيل»
28-تشرين الثاني-2023

بغداد ـ العالم
تحدث الخبير في مجموعة الأزمات الدولية طارق باقوني في تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، عن عملية "طوفان الأقصى"، والعدوان الإسرائيلي على غزة.
وقال باقوني في التحليل المطول، أن حركة حماس "وجهت ضربة قاضية لحلم إسرائيل بأن بإمكانها أن تستمر في احتلالها وفي حصارها إلى الأبد".
وتاليا الترجمة الكاملة للتقرير:
أطلق هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) سلسلة من الأحداث غير المتوقعة، وما زال من المبكر جداً معرفة كيف سيكون تأثير الهجوم على مسار مستقبل النضال من أجل التحرير الفلسطيني. ما من شك في أن الدمار الهائل الذي حل بقطاع غزة والخسارة المروعة في الأرواح شكلا ضربة مؤلمة للفلسطينيين، تذكر بما جرى لهم في نكبة 1948. ولكن في نفس الوقت، تبدد الوهم بأن القضية الفلسطينية يمكن أن تركن جانباً بينما يستمر نظام الفصل العنصري الإسرائيلي قائماً، وها قد عادت فلسطين لتتصدر الأجندة العالمية – مع الاعتراف المتنامي بأن قضيتها لا بد أن تعالج، حتى وإن كانت المذابح الوحشية التي ارتكبت في السابع من أكتوبر قد أدت إلى حالة من الاستقطاب في الجدل الدائر حولها.
منذ عام 2007، انحصر وجود حماس في المناطق المحتلة داخل قطاع غزة، حيث تم بفعالية احتواء الحركة من خلال استخدام الحصار المغلق، والذي يسجن جماعياً 2.3 مليون فلسطيني داخل القطاع. أثناء عملية احتوائها، حُشرت حماس داخل ما أطلق عليه مصطلح "التوازن العنيف"، حيث برزت القوة العسكرية كوسيلة للتفاوض على التنازلات ما بين حماس وإسرائيل. بحيث تستخدم الأولى الصواريخ وغير ذلك من الوسائل من أجل إجبار إسرائيل على تخفيف القيود المفروضة على القطاع بسبب الحصار، بينما ترد الثانية بقوة غاشمة لبناء الردع وضمان "الهدوء" في المناطق المحيطة بقطاع غزة. ومن خلال ذلك العنف، عمل الكيانان ضمن إطار يتيح لحماس الاحتفاظ بدورها كسلطة حاكمة في غزة ولو تحت وطأة الحصار الذي يمارس من خلاله العنف بشكل يومي ضد الفلسطينيين.
بدءاً من العام 2018، بدأت حماس في تجربة سبل أخرى لتغيير هذا التوازن. كان أحدها من خلال القرار بالسماح بتنظيم احتجاجات شعبية ضد الهيمنة الإسرائيلية على القطاع. فكانت مسيرة العودة الكبرى في عام 2018 واحدة من أكثر نماذج التعبئة الشعبية الفلسطينية اتساعاً وشمولاً. برز النشاط الاحتجاجي كما لو كان جهداً يقوده المجتمع المدني، الذي حصل على الإذن وحظي بالدعم، وكانت تقوم على إدارته في نهاية المطاف لجنة تتشكل من مختلف الأحزاب السياسية في غزة، بما في ذلك حماس. وانطلاقاً من كونها السلطة الحاكمة في القطاع، وفرت حماس جل البنية التحتية الضرورية المطلوبة للتعبئة، مثل الحافلات التي كانت تنقل النشطاء إلى مواقع الاحتجاجات. كان ذلك بمثابة تغيير واضح وابتعاد عن الوسائل التي كانت حماس تلجأ إليها تقليدياً من أجل تحدي الحصار.
بعد بضعة سنين حصل تحول آخر في التوازن، وتحديداً في عام 2021، عندما اعتمدت حماس على ترسانتها العسكرية للانتقام من الاعتداء الإسرائيلي في القدس. فحتى اللحظة التي انطلقت فيها صواريخ حماس، كانت إسرائيل تعمل بجد في طرد العائلات في حي الشيخ جراح من بيوتهم لإتاحة الفرصة أمام المستوطنين اليهود ليستقروا فيها. نجمت عن ذلك تعبئة واسعة النطاق للفلسطينيين في كل أنحاء فلسطين التاريخية. فردت الدولة الإسرائيلية باللجوء إلى القوة وإلى حملة اعتقالات جماعية ضد الاحتجاجات التي كانت سلمية واشتملت على إقامة الصلوات في المناطق المحيطة بالمسجد الأقصى. استفزت جهود إسرائيل لتفريق الاحتجاجات والدفع قدماً باستعمارها للقدس الشرقية، حركة حماس، التي ردت بإطلاق الصواريخ.
تثبت هذه النماذج أن حركة حماس لم تزل تبذل جهوداً من أجل التحول نحو الهجوم وتوسيع إطار مقاومتها لتشمل مطالب تتجاوز مجرد رفع الحصار. مثل هذا التموضع يعني ضمنياً أن الغاية هي التصرف كقوة عسكرية تهب للدفاع عن الفلسطينيين ضد ما يمارسه الإسرائيليون بحقهم من عنف استعماري خارج إطار قطاع غزة. تنطلق هذه التكتيكات من تحول استراتيجي واضح من قبل الحركة للانتقال بعيداً عن الإذعان لاحتوائها نحو تحد أوضح للهيمنة الإسرائيلية – وبالتالي الانقلاب على التوازن الذي تكرس على مدى الأعوام الستة عشر الماضية.
ينسجم هذا التحول مع تطور حماس التاريخي كحركة تعتمد على المقاومة المسلحة والمقاومة غير المسلحة في نفس الوقت، في حالة من المد والجزر، من أجل تحدي الاحتلال الإسرائيلي والدفع باتجاه تحقيق المطالب الأساسية للنضال الفلسطيني، بما في ذلك مطلب حق العودة، والذي كان في القلب من المسيرات الاحتجاجية التي انطلقت في عام 2018. (يزخر تاريخ حماس بالأمثلة على حالات عديدة كانت الحركة فيها تقرأ السياق السياسي من حولها، ثم تقوم – على مستوى قيادة الحركة – بتغيير الاتجاه الاستراتيجي للمنظمة، من خلال إصدار تعليمات واضحة للجناح العسكري إما بالتصعيد أو بالتهدئة).
وينسجم التحول الأخير نحو العنف الشامل مع فهم الحركة لدور المقاومة المسلحة كأداة تفاوضية – وهي التي طالما اعتمدت عليها الحركة طوال تاريخها من أجل فرض تنازلات على إسرائيل.
يمكن اعتبار هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الخطوة المنطقية التالية لحركة قررت الانقلاب على حالة الاحتواء التي كانت فيها. بالنظر إلى رد الفعل الإسرائيلي، ذهب بعض المحللين إلى وصف ما فعلته حماس بأنه عمل انتحاري، أو عمل غير مسؤول، إذا ما أخذنا بالاعتبار ما أفضى إليه ذلك الفعل من سقوط أعداد كبيرة من الموتى في صفوف الفلسطينيين. ولكن يعتمد مدى صحة مثل ذلك التوصيف، وما إذا كان صواباً أم لا، على تحليل لأهم الخيارات التي كانت متوفرة لدى حماس وكذلك على لما سينجلي عنه غبار المعركة. ولكن لا يوجد شك في أن الهجوم نفسه كان بمثابة قرار حاسم بالانعتاق، يمثل بوضوح – وبأثر رجعي – الذروة التي أفرزتها جميع المتغيرات التي كانت الحركة تخوض التجارب في التعامل معها. اقتضى التحول الاستراتيجي الانتقال من الاستخدام المحدود للقوة الصاروخية بهدف التفاوض مع إسرائيل إلى شن هجوم عسكري، بكل ما أوتيت من قوة، بهدف إعاقة الاحتواء، وبالتحديد تلك الفرضية التي ترسخت لدى إسرائيل بأن بإمكانها الإبقاء على نظام الفصل العنصري وضمان الحصانة من المساءلة والمحاسبة على ذلك.
لا ريب في أن الهجوم الدموي الذي شنته حماس يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) تجاوز توقعات الحركة، وأن حجم المذابح التي ارتكبت داخل إسرائيل أثار الرأي العام الإسرائيلي والرأي العام العالمي بطرق لم تكن بتاتاً لتخطر ببال حركة حماس. أي عملية عسكرية كبيرة قد تكون حماس نفذتها بأي درجة من النجاح – استهدافاً للقواعد العسكرية المحاذية لمنطقة السياج الفاصل بين إسرائيل وغزة والاستحواذ على عدد كبير من المقاتلين الإسرائيليين – كانت كفيلة بتحطيم نموذج الحصار واستجلاب رد فعل إسرائيلي مدمر.
إلا أن هذا الحجم من القتل بين المدنيين – سواء دفعت نحو ذلك قيادة حماس أم لم تدفع وسواء أعدت نفسها لمثل هذا المستوى من سفك الدماء أم لم تفعل – استثار رد فعل إسرائيلي شرس في غزة، مكن له الضوء الأخضر الذي منحه للحكومة الإسرائيلية معظم زعماء الدول الغربية. ولقد رأى بعض الباحثين المتخصصين في موضوع الإبادة الجماعية أن الحملة الإسرائيلية ترقى إلى التطهير العرقي والعزم على تنفيذ إبادة جماعية.
ليس من المجدي الجدل حول ما إذا كانت ردود الأفعال تلك ستقع فيما لو لم يحصل قتل أو خطف في صفوف المدنيين. أياً كان الأمر، ما من شك في أن هجوم حماس العسكري وما تلاه من عنف هائل بدل إلى غير رجعة طبيعة الرد الذي يمارس ضد الفلسطينيين في غزة.
من منظور عسكري استراتيجي بحت، وسوى استخدام القوة، كان الخيار الوحيد المتاح أمام حماس ما قبل الهجوم هو البقاء مقيدة ضمن إطار الحصار، بينما يوسع المستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين داخل الضفة الغربية، ويسعى السياسيون الإسرائيليون إلى تقويض الوضع القائم في مجمع الحرم الشريف/ جبل الهيكل في القدس.

الاقتصاد النيابية تبحث المواصفة العراقية لاستيراد المركبات مع جهاز التقييس
3-نيسان-2024
وزير العدل خالد شواني لـ"العالم": نعمل على "أتمتة" عمل التسجيل العقاري وكتّاب العدول
25-آذار-2024
الحسناوي لـ"العالم": حصة المواطن من الموازنة العامة سنويا 4 آلاف دينار
23-آذار-2024
وزير الداخلية لـ"العالم":نخطط لاستبدال المنتسبين الرجال في المطار بكادر نسوي
12-آذار-2024
حادث سير يودي بحياة "مشرفين تربويين" على طريق تكريت - موصل
12-شباط-2024
العراق يتأثر بحالة ممطرة جديدة تستمر لأيام تتبعها ثالثة "وربما رابعة"
12-شباط-2024
هزة أرضية تضرب الحدود العراقية التركية وسكان يستشعرون قوتها في دهوك والموصل
12-شباط-2024
العراق يدعو إلى تدخل دولي لمنع خطط التهجير الجماعي لسكان جنوب غزة
12-شباط-2024
بمشاركة السوداني وبارزاني إنطلاق قمة عالمية بدبي للحكومات
12-شباط-2024
الأمن والدفاع: العراق لا يستطيع حماية أجوائه من المسيرات
12-شباط-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech