الحرب قائمة ومنذ ما يقارب العام، ونعيش والعالم خطر توسّعها وتمدّدها في كل لبنان وغير لبنان، وكل طرف يتربصّ للآخر وينتظر منه خطوة البداية، طرف يتميّز بضبط النفس (المقاومة) وآخر يُظهر الاستفزاز والتهوّر (إسرائيل)، وما جولات التفاوض والوساطات الاّ وسيلة لإسرائيل لتحقيق اهدافها بالنقاط وبأقل خسائر ممكنة، وليس وسيلة للوصول إلى اتفاق .
اهم انجاز حقّقته إسرائيل، خلال الحرب قبل توسعّها، هي الاغتيالات. تجد إسرائيل مرحلة الحرب قبل توسعّها هي الفترة المناسبة لممارسة الاغتيالات، والتي تطال قياديين في ميدان القتال، لأنها اغتيالات مدفوعة الثمن، ثمنها هو ما تتلقاه اسرائيل كل يوم من ضربات موجعة لجيشها ومغتصباتها في شمال فلسطين، فلماذا تتردّد في الاقدام على ارتكاب جريمة غدر واغتيال هنا وهناك؟ ولماذا تخشى التصعيد طالما هي في حرب تجاوزت فيها كل الخطوط الحمر؟
أمريكا مثل إسرائيل تريد القضاء على حماس وتريد القضاء على حزب الله، وتريد القضاء على الحشد الشعبي، وتريد و تريد ولما لا، حتى تصل إلى تخوم روسيا. ولكنها (واقصد امريكا) لا تريد الآن الحرب لأسباب عديدة، اهمها تعثرها في الحرب مع روسيا في أوكرانيا .
بين نتنياهو وبايدن اتفاق: الاول يريد الحرب، لأنه يعتقد بتحقيق اهدافه بأسرع وقت، والثاني لا يريد الحرب، وفقاً لهذا الاتفاق مسموح لنتنياهو ارتكاب ما يحلو له من جرائم، وتجاوز كل الخطوط، ولكن من دون البدء بتوسيع الحرب، والثاني (واقصد الرئيس بايدن او الادارة الأمريكية) يقف على هبّة الاستعداد في منع المقاومة على البدء بتوسيع الحرب، من خلال ثلاثة اجراءات تكتيكية: خدعة المفاوضات، مطالبة محور المقاومة بضبط النفس والاتصال بأصدقاء الطرفين لممارسة الضغوط على ايران او على حزب الله من اجل عدم الرّدْ والذهاب إلى توسيع الحرب الخ..، والاجراء الثالث هو ارسال البوارج الحربية والطائرات والاسلحة إلى المنطقة واستعراض القوة والتصريح علناً بان مجيء هذه البوارج والطائرات والتعزيزات هي للدفاع عن اسرائيل. وامس 2024/8/22، صرّح البنتاغون بأنَّ ما قمنا به من تعزيزات عسكرية إلى المنطقة بعد اغتيال الشهيد هنيَة، ساهمت بردع إيران والتفكير بعدم الرّدْ، والذهاب إلى توسيع الحرب .
ولكن، احتمال توسّع الحرب وارد، ووارد جداً، حتى ان بعض المراقبين والمتابعين يتوقعها خلال الايام العشرة المقبلة، وبعض الدول، والصين منها، نصحت رعاياها بمغادرة لبنان فوراً. ولطالما الاحتمال وارد ووارد جداً، وتوسّع الحرب يعني مهاجمة لبنان، كل لبنان فلماذا لا يقدم حزب الله على مبادرة الهجوم ونعلمُ كما يقال ”الهجوم خير وسيلة للدفاع”؟ لا الحزب ولا حلفاء الحزب يريدون الحرب، ليست ضرورة قصوى و ليس وقتها، لأنَ مساحة الكره والعداء لإسرائيل في المنطقة وفي العالم تزداد يوماً بعد يوم. يجدون الحالة او المرحلة الحالية، والتي وصفتها (الحرب قبل توسعّها) وهي في الحقيقة حرب استنزاف اسرائيل مناسبة وتؤدي الغرض، بإنهاك واضعاف اسرائيل وخرابها . ولكن ماذا لو فُرِضَ توسعّ الحرب على الجميع؟ هل ستدافع أيران عن لبنان كما صرّح بعض القادة الإيرانيين بذلك؟ وهل ستدخل سوريّة الحرب؟ هل ستدخل روسيا الحرب للدفاع عن سوريّة وبينهما اتفاقيات عسكرية واستراتيجية؟ واسئلة اخرى يفرضها سيناريو توسّع الحرب .
سبقَ لحزب الله ان خاضَ غمار الحرب ووحده مع اسرائيل اكثر من مرّة عام 2000 وعام 2006، وانتصر وهو الآن، وحسب ما يعلنه الحزب، يكشف عن جزء من قدراته العسكرية المتطورة، وقادر على القتال ومحاربة اسرائيل، دون الاستعانة بمشاركة من ايران او من غير ايران، وقد قالها السيد حسن نصر في خطاباته اكثر من مرّة .
تقديري، توسّع الحرب، إن حدث سيكون محصوراً جغرافياً وعسكرياً بين جبهة لبنان والكيان المحتل ولن يدوم طويلاً، سيسارع رعاة الطرفيّن إلى احتواء الموقف، وسترضخ إسرائيل وتطالب بوقف إطلاق النار مع حزب الله، اي تجميد جبهة الإسناد. هل سيوافق حزب الله او المقاومة في لبنان على وقف الحرب مع اسرائيل، وتجميد جبهة الإسناد، دون انهاء الحرب في غزّة؟ لا اعتقد.