من يفتح الباب للبلبل السكران؟
13-آب-2023
عامر بدر حسون

بدأت علاقتنا بالبلابل يوم اهدانا احد الاصدقاء ثلاثة بلابل عراقية.
قال انه سيغادر الشام لاجئا وانه لا يستطيع اطلاق سراحها لأنها ستضيع في الغربة او شيئا من هذا القبيل!
على مضض قبلنا المسؤولية (الوطنية!) وقدمنا للبلابل خدمة "خمس نجوم" على امل ان اخذها، يوما، الى بستان واطلق سراحها هناك.
وبناء على الدلال والعشرة الطيبة تحسنت اخلاق البلابل، وصارت تغادر القفص لتأكل وتشرب معنا وتقف على اكتافنا ثم تعود للقفص.
وفي النهاية تورطنا معها عاطفيا بعد ان صار بيننا رز بسمتي وفواكه وحبوب!
لكننا كنا نقول بين حين واخر:
- لا بد ان نطلق سراحها.. فمكانها البساتين وليس الاقفاص!
مضت سنوات ونحن نؤجل موعد اطلاق سراحها بحجة الحرص عليها من (الضياع)! ووصل الحرص بنا (من اجلها طبعا!) حد اغلاق الشبابيك عند اخراجها من الاقفاص.. وصار كل همنا هو كيف نحميها من الحرية التي فسرناها بالضياع! ونشرت مرة مقالة عن محنتنا مع الوعد المؤجل بإطلاق سراح البلابل ومنحها الحرية، وعن عزمي عدم التشبه بالحكام الذين يسجنون شعوبهم بحجة توفير الامن لهم والخوف عليهم من الحرية!
لكنني لم افتح باب القفص لهم يوما. وبدأت بالبحث في تاريخ البلابل، وعرفت ان البلبل العراقي السعيد هو الذي يعيش بين النخيل والانهار.
وعرفت انه هناك.. كان يحفر التمرة بمنقاره (كمن يحولها الى كأس!) ثم ينزل الى النهر ويحمل بعض الماء ويضعه داخل التمرة.
ثم يعود من النهر وهو يحمل قطعة صغيرة من الطين ويغطي بها التمرة او كاسه، ويعود في اليوم التالي ويكرر العملية مع تمرات اخرى.
وحين ينتهي من عمله يذهب الى التمرة القديمة ويزيل عنها الغطاء ويشرب الماء الذي تحول الى مادة مسكرة!
وآه من صوت البلبل السكران!
لقد لمسنا الفارق في غناء البلابل في موسم التين والتمر وتصنيعها لخمرتها حتى وهي في القفص. وعرفنا الطريق الى الاطباء البيطريين البعيدين عن موقع سكننا.. وشاهدنا عن قرب تجدد ريشها عبر الفصول، وبين حين واخر كنا نشتري لها اقفاصا اجمل.. رغم اننا لم ننس وعدنا لها بالبستان!
كانت ام نوار تقول انها بلابل طيبة وساذجة وسترمي نفسها بين مخالب اول قط تراه من طيبتها.
وكانت تسأل: - ما هي الضمانة ان لا تغادر البستان وتعود للمدينة فيهجم عليها القط؟! - ما هي الضمانة ان لا تقع البلابل الطيبة والبريئة بيد صياد عابث؟ الخلاصة ان كل الطرق كانت تقود البلابل الى البقاء في القفص.
وارجو ان تبقى مع البلابل ولا تقارن بين قفصها وقفص الاهل بسبب رغبتهم، الاب خصوصا، في جعلهم نسخة مكررة منهم. وان تتناسى موقتا ان الحاكم وان الحزب او اي تنظيم مشابه، هو اب اخر بنفس المواصفات ولكن اكثر قسوة، وهدفهم جميعا ان لا تحلق بجناحيك بعيدا
وذات يوم بادر احد البلابل بالهرب من القفص والبيت.. ناديناه فلم يعد كما في مرات سابقة.. بل فضل الطيران. كنا نتابعه وهو يطير لمسافات قليلة ويتوقف ثم يعود للطيران.. وفجأة مد جناحيه الصغيرين وطار عاليا وبعيدا مثل نسر مولع بالقمم. لقد اختار الحرية وفضلها على البسمتي والفواكه وخمرة القفص! ودون اتفاق مسبق، وقفتُ، وام نوار، في النافذة ممسكين بالقفص وفتحنا الباب في مواجهة الفضاء.. فطار واحد، بعد تردد.. ثم تبعه الثاني وكررا نفس عملية تدريب الجناح على الطيران ثم انطلقا بعيدا.
ام نوار صرخت قائلة ان قطا قريبا هجم على احدهما واكله.. فبكت!
لكنني لم ار ذلك.. لقد رأيت انه هرب! ورحلت ام نوار ولم نصل لاتفاق على المشهد الاخير! وفي كل الاحوال فان للحرية ضحايا وثمن عند البشر و.. عند البلابل. الفرق بين البلبل والانسان ان البلبل مستعد لدفع الثمن حتى لو كانت القطة بانتظاره! اما الانسان (خصوصا الذي في بالي!) فهو دائم الحنين للقفص.. ودائم التذمر من هذا الفضاء الرحب للروح والعقل وامكانياته الجبارة خارج القفص!
ولقد رأيت في اعادة هذا المنشور القديم فرصة لتوجيه هذا السؤال:
- هل البلابل اليوم واحفادها تصنّع خمرتها من ماء النهر وطينه وتمره وتغرد وهي سكرى وفرحة بحريتها؟
وهل يستحق هذا الغناء الحلو دفع ثمن باهظ كالوقوع بين انياب القطط والصيادين؟!
الاقتصاد النيابية تبحث المواصفة العراقية لاستيراد المركبات مع جهاز التقييس
3-نيسان-2024
وزير العدل خالد شواني لـ"العالم": نعمل على "أتمتة" عمل التسجيل العقاري وكتّاب العدول
25-آذار-2024
الحسناوي لـ"العالم": حصة المواطن من الموازنة العامة سنويا 4 آلاف دينار
23-آذار-2024
وزير الداخلية لـ"العالم":نخطط لاستبدال المنتسبين الرجال في المطار بكادر نسوي
12-آذار-2024
حادث سير يودي بحياة "مشرفين تربويين" على طريق تكريت - موصل
12-شباط-2024
العراق يتأثر بحالة ممطرة جديدة تستمر لأيام تتبعها ثالثة "وربما رابعة"
12-شباط-2024
هزة أرضية تضرب الحدود العراقية التركية وسكان يستشعرون قوتها في دهوك والموصل
12-شباط-2024
العراق يدعو إلى تدخل دولي لمنع خطط التهجير الجماعي لسكان جنوب غزة
12-شباط-2024
بمشاركة السوداني وبارزاني إنطلاق قمة عالمية بدبي للحكومات
12-شباط-2024
الأمن والدفاع: العراق لا يستطيع حماية أجوائه من المسيرات
12-شباط-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech