الصراع الأزلي
23-آب-2022
سمير النشمي
حقيقة الصراع الأزلي علمياً واجتماعياً هو تنازع بين قوتين متساويتين في القوة من أجل البقاء. والبقاء عادة سيكون لصالح الأقوى ولو بنسبة واحد بالألف، أو هو قد يكون بين الأصلح وغير الأصلح؛ ففي ثبات أحدهما على ساحة الصراع ويندحر الثاني مرغماً، وما دامت كفتا الميزان في هذا الصراع غير مستقرة، فهذا يعني من جملة ما يعنيه أنّ هناك صراعاً مرّة يكون خفياً ومرّة يكون ظاهراً، والصراع الخفي هو ما سيتم التركيز عليه في هذه المقالة.
قد يتفاجأ البعض من حقيقة أنّ الانسان المفرد عبارة عن كون كامل التكوين لأن الله تعالى قرنه بالآفاق حينما قال [سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق] ( سورة فصلت / آية 53 ) إذن الإنسان ليس كائنا بسيطا بل هو كون كامل، وهذا الكون الإنساني لا يخلو من الصراع بل هو مليء بألوان متعددة من هذا الصراع، وغالباً ما يكون صراعا داخليا ، ولكن تظهر بعض آثاره حينما ينفجر هذا الإنسان على نفسه أو على الآخرين ..
ولكن قد يسأل البعض، لماذا هذا الصراع ..؟ ولماذا هذا الانفجار ..؟ وحتى نتبين سبب ذلك نعود إلى الطبيعة العامة التي خلق فيها الانسان فهو مكون من عقل مفكر وروح سليمة ومن نفس تواقة لإشباع الرغبات بأي صورة كانت؛ فالعقل سيقف بدءا كعامل كبح لرغبات النفس، ولكن كثرة المغريات التي تحيط بالإنسان قد تجعله ينزلق فتكون نتيجة هذا الصراع بين العقل والنفس، لصالح النفس ورغباتها. ولا يتوقف الأمر عند حالة واحدة بعينها، أو لمرة واحدة ، بل الصراع مستمر مع الانسان طالما هو حيٌّ، فالله قد وضع في الإنسان قوتين هما (الفجور والتقوى) ومن هنا يحدث هذا الصراع إذ يقول الله تعالى [ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسّاها] (سورة الشمس/ آية 7 ـ 10)، وظاهرة الصراع تشمل عموم البشر منذ أن خلق الله آدم إلى يوم يبعثون، وغالباً من يكون الصرع لصالح النفس [لأن النفس أمارة بالسوء] والسبب في غلبة النفس لأن وساوس الشيطان هي الأخرى تشجعه على التغاضي عن التقوى ويسوغ له الانغماس في الانحراف، لكنه بعد الانتهاء من حالة الانغماس في الشهوات، يشعر البعض بخطأه؛ فمنهم من يندم ويستغفر ومنهم من لا يبالي ويستمر في أفعاله المنحرفة إلى ما لا نهاية، ويكون هذا الصنف سببا في إغواء آخرين للسقوط معه في الرذيلة لذلك فإن السلوك والممارسة تصبح أمراً طبيعياً طالنا لم يجد رادعا فوريا لإنحرافاته هذه فمن يراه قد يحذو حذوه، ويسير في ركابه، مما ينتج بالتالي أجيالا لا تبالي بما تقوم به من انحرافات، وهذا يسخط الرب على عباده فيبتليهم بأنواع البلاء كالأمراض مثلا أو يعاقبهم بمصائب فردية أو جماعية، وهم يعتبرونها طبيعية ولا ينسبونها لغضب الله تعالى عليهم.
وكما نوّهت آنفاً أن جميع أبناء آدم لديهم أنفس (أمّارة بالسوء) باستثناء الرسل والانبياء وأوصيائهم والأتقياء من عباده، وهؤلاء دائما هم القلة القليلة ، فأبناء آدم يمرون في مسيرة حياتهم باختيارات صعبة وشاقة على هذه الأرض وعليهم اجتياز هذه الاختبارات الصعبة بنجاح، وقليل من الناس من يفهم لماذا هذه المشقة على الأرض ، لأنهم يتناسون أنهم خلقوا للبناء والعمران ولتوفير الأقوات من أجل أن يعيشوا بعد ذلك في راحة تامة وهذه الراحة لا تكون في الحياة الدنيا للأتقياء طبعا أما غير الاتقياء فأنهم لا في الدنيا يرتاحون ولا في الآخرة، لأنهم سيعذبون على اقترفوه من رذائل وهم على الأرض.
فما أريد الوصول إليه بعد هذا الاستعراض الموجز، هو أن الانحراف لا يقتصر على المنحرف فقط في مجتمعه، بل سيترك أثره على من يحيط به أو يعيش معه، فيوجد من بين من يعيش به من يتأثر به ويحاول تقليده لإثبات وجوده، وإن كان المسلك منهيا عنه ونتائجه زيادة أعداد المنحرفين، ثم أن القوانين فيما بعد تشرع من خلال معالجة الانحراف من خلال الانحراف نفسه، وسأضرب لكم مثلا، الزواج بين رجل وامرأة مباح شرعا وعرفا، ولكن أن يحدث التزاوج ما بين رجل ورجل أو امرأة وامرأة، وتحت عنوان الزواج، نكون هنا قد كرسنا الانحراف من خلال القوانين التي نضعها له، كالحقوق والواجبات وما شابه، وبمرور الزمن يصبح هذا الانحراف واقعا مقبولا وتتبناه الأكثرية، ولكن مع كل هذا الانحراف هب ينتهي الصراع، بدا بل يبدأ صراع آخر هو أن نبني علاقات جديدة بنفس المسنوى مع آخرين فيكون الهوى متجها إليهم والرغبة الكامنة تبقي الاستحواذ عليهم في كل الاديان مباح.. ثم أنّ المنحرفين يعلمون تماما أنهم قد انحرفوا ولو علمهم بذلك يأتي بعد وقت غير قصير، ولكنهم بدافع الحقد يعمدون إلى إشاعة هذا الانحراف على مدى واسع، كما يلاحظ ذلك في الافلام الاباحية وبكل أنواع الشذوذ التي تقدم مجاناً على نطاق من خلال أجهزة التواصل الاجتماعي، فأول من يتأثر بها هم الشبيبة من المراهقين والشباب من الذكور والإناث، وهذا بدوره خلق صراعات جديدة خفية، فمن لم يستطع تحقيق ما يريده، ربما يصل به الأمر إلى الانتحار ..
إذن، كيف نتخلص من هذا الصراع أو في الأقل كيف نخفف من تأثيراته ..؟ فهذه العملية لا يتحملها أفراد بل يتحملها المجتمع بكل أجهزته ومؤسساته ابتداءً من رياض الأطفال وحتى الجامعة، إضافة إلى رقابة الدولة لكل ما هو يؤدي إلى الانحراف فلا تسمح بنشر الرذيلة بوسائل التواصل الاجاماعي، وكذلك دور الأبوين مهم جدا في هذا المجال، فالرقابة ينبغي أن تكون دائمة على أولادهم، ولا ننسى دور علماء الدين في عملية التوعية، بأن يبنوا تأثرات ذلك على السلامة النفسية والفكرية والاجتماعية والا يقتصروا في أحاديثهم على العموميات، أو يقتصروا على أحداث الماضي فقط.
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech