امينة خيري
اليوم، يحتفي العالم باليوم الدولي للتعليم كعادته. شعار 2025 هو "الذكاء الاصطناعي والتعليم واتصالهما بفاعلية الإرادة البشرية في عالم مؤتمت". احتفاء العالم هذا العام يلفت الانتباه إلى التأثير التقني والرقمي القادم بسرعة وثقة من كل الاتجاهات، ملقياً بظلاله على كل المجالات، والتعليم ليس استثناءً.
منظمة الأمم المتحدة تقول إنه على أنظمة العالم التعليمية والتربوية أن تنظر هذا العام إلى قدرة التعليم على تزويد الأفراد والمجتمعات بالقدرة على التعامل المرن والسلس مع التقدم التكنولوجي والتأثير فيه والاحتفاظ بالقدرة على التفرقة بين ما هو آدمي وقدراته، وما هو آلي والتحكم فيه.
عصر التسارع التقني
ويبدو أن المنظمة الأممية، وفي القلب منها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، تستشعر خطراً قادماً متمثلاً في زيادة تعقيد أنظمة التعليم المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وتلاشي الحدود بين القدرة والاختيار والرغبة البشرية من جهة، والعمل الذي تقوم به الآلة من جهة أخرى. لذلك، فهي تدعو هذا العام، في اليوم الدولي للتعليم إلى البحث عن حلول تضمن صون السلطة الإنسانية وإعادة تعريفها وتمكينها في عصر التسارع التقني.
هذا العام يتضاءل الحديث عن مواجهة الأمية الأبجدية ومنع التسرب من المدارس وسد الفجوة بين تعليم البنات والأولاد والنظر في جودة التعليم وسبل تطوير المدرسة لتكون جاذبة للصغار وتطوير المناهج ودمج مفاهيم التسامح والتفكير النقدي والتركيز على مشكلات البيئة والتلوث. حتى نقاش الاستخدامات الرقمية في العملية التعليمية لم يعد المهيمن.
التعلم المستمر
من جهة أخرى وفي القلب من الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، تبرز فكرة "التعلم المستمر" والحاجة إليه كإحدى نتائج التقدم التكنولوجي السريع والذي يؤثر كذلك على ديناميكيات السوق بصورة غير مسبوقة، مما يعني أن مخرجات التعلم تحتاج هي الأخرى إلى تدخلات الذكاء الاصطناعي لتواكب هذه المتغيرات المتسارعة على الجانبين، التعليم وسوق العمل.
وتحاول المنظمات الأممية الضالعة في منظومة التعليم المساعدة في ربط استخدامات وأدوات الذكاء الاصطناعي بفكرة التعلم مدى الحياة، من دون إعطاء الأولوية لكفاءة أدوات الذكاء الاصطناعي والتقنيات على حساب العنصر البشري وتنميته. بمعنى آخر، يجري اليوم التذكير بأهمية التوفق والتكافؤ بين العنصرين البشري والتقني في عملية التعلم المستمر، حتى لا يطغى الثاني على الأول.
اليوم الدولي للتعليم مناسبة أممية، أي لا تستثني دولة بعينها، أو تختص بمنطقة من دون غيرها. وعلى رغم ذلك، يقف موضوع الاحتفاء بالمناسبة هذا العام على طرف نقيض مما يجري على صعيد التعليم في عديد من الدول العربية.
العام الأصعب
القول إن عام 2024 كان ضمن الأصعب، إن لم يكن الأصعب على صعيد التعليم المدرسي لملايين الأطفال العرب، ليس مبالغة. لذلك حين تصفه منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" عربياً بأنه "كان عاماً من الاضطرابات اللانهائية"، يبدو الوصف دقيقاً.
دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ. واستقر لبنان على رئيس ورئيس وزراء. وسكنت أصوات القصف في جنوب لبنان. ووجدت سوريا لنفسها إدارة جديدة تترأسها قيادات "هيئة تحرير الشام"، لكن تبقى هذه المنطقة على "كف عفريت". أما ليبيا، فالوضع سيئ. وفي اليمن، الوضع سيئ جداً. وفي السودان، الوضع أسوأ.
في مطلع العام الدراسي الحالي، بلغ عدد الأطفال المحرومين من حق الذهاب إلى المدرسة، لا وضع الخطوط الفاصلة بين التعليم والذكاء الاصطناعي، نحو 45 ألف طفل في السادسة من العمر، إذ كان معظمهم قد نزح من البيوت ويواجه معركة يومية لا من أجل التحصيل الدراسي، بل البقاء على قيد الحياة.
خسائر قطاع التعليم في غزة فادحة، ليس فقط لمقتل آلاف المعلمين والطلاب في سن المدرسة، ولكن سبب النزاع العنيف الذي أحدث خسائر رهيبة في بنية التعليم. وبلغ مجموع الأطفال الذين حرموا من عام دراسي كامل نحو 625 ألف طفل.
قالت المدير الإقليمية لـ"يونيسيف" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خضر إن مدارس غزة أغلقت أبوابها منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، وآلاف الطلاب لم يتمكنوا من الخضوع لاختبارات نهاية المرحلة الثانوية بعدما فاتهم عامهم المدرسي الأخير، وكل طلاب المدارس في غزة يعانون حالاً من عدم اليقين والقلق. فمن دون تعليم يتعرض الصغار لخطر متزايد من الاستغلال وعمالة الأطفال والزواج المبكر وصور أخرى من الإساءة، والأهم من ذلك وقوعهم جميعاً في دائرة خطر الانقطاع عن المدرسة بصورة دائمة.
ما لا يقل عن 84 في المئة من مدارس قطاع غزة في حاجة إلى إعادة بناء كاملة أو إعادة تأهيل كبيرة. في مطلع العام الدراسي الحالي، دشنت "يونيسيف" 39 مساحة تعليمية موقتة في قطاع غزة تخدم أكثر من 12 ألف طالب وطالبة. في هذه المساحات، يتم تقديم حزم التعلم المخصصة بحالات الطوارئ، إضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي، وما تيسير من أنشطة ترفيهية.
يشار أن هؤلاء الصغار ظلوا يعانون لعقود من عدم الحصول على تعليم جيد وآمن، لكن مجريات ما بعد عملية السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أخرجتهم جميعاً من العملية التعليمية.
لبنان تأثر
وعلى رغم أن وضع المدارس والطلاب والمعلمين في لبنان أفضل كثيراً من غزة، ألقت حرب القطاع بظلال ثقيلة على منظومة التعليم اللبنانية المثقلة أصلاً. وبحسب تقرير صادر عن "مركز الدراسات اللبنانية"، فقد تأثر نحو مليون طالب و45 ألف معلم بوصول حرب القطاع إلى لبنان، لا في الجنوب فحسب، بل في سائر البلاد. وأدى القصف الإسرائيلي عام 2024 إلى إغلاق عدد كبير من المدارس، وتحول نحو 40 في المئة منها إلى ملاجئ للنازحين الهاربين من نيران القصف، ناهيك بـ30 في المئة من المدارس كانت تقع في منطقة القصف المباشر. ويشار إلى أن نظام التعليم في لبنان ظل يعاني ضغوطاً هائلة لأعوام طويلة لأسباب اقتصادية وسياسية.
وللاجئين نصيب
وضاعفت الحرب التي تمددت من غزة إلى الجوار من حجم مأساة الأطفال اللاجئين السوريين في لبنان، مع العلم أن ثلث الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان فقط كانوا ملتحقين بالمدارس. كما شهد لبنان في بداية العام الدراسي الحالي دعوات سياسية لمنع التحاق الأطفال السوريين المقيمين في لبنان بصورة غير شرعية بالمدارس اللبنانية، وذلك لـ"إجهاض مشروع التوطين"، والعمل على إعادتهم وأسرهم لسوريا بعد استقرار الأوضاع. وكان ذلك قبل إسقاط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، ودخول "هيئة تحرير الشام" دمشق وتمكنها من مقاليد السلطة.
وكانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" قد قدرت عدد الأطفال السوريين في سن المدرسة في كل تركيا والأردن ولبنان بنحو 1.5 مليون طفل، نصفهم تقريباً لا يحصلون على تعليم. وأشارت إلى عدد من العوامل التي تعرقل جهود الدول المستضيفة لتوفير التعليم الحكومي لهؤلاء، مثل عمل الأطفال وشروط التسجيل في المدارس وصعوبة وغلاء أسعار المواصلات.
الحرب السورية والصغار
الحرب الأهلية في سوريا التي استمرت 13 عاماً حفرت آثارها على الصغار. بين تعرض للعنف والهجمات العشوائية، وفقدان الأهل والأحباب، وتدمير المنازل والممتلكات كل ما كانوا يعرفونه ذات يوم، نشأت الملايين وهي لا تعلم شيئاً في الدنيا غير الأزمة.
اليوم، تبلغ نسبة اللاجئين السوريين في المنطقة العربية ممن هم دون سن الـ18 سنة نحو 47 في المئة، وأكثر من ثلثهم لا يحصلون على تعليم. وفي داخل سوريا يوجد أكثر من 2.4 مليون طفل خارج المدرسة، و1.6 مليون آخرون معرضون لخطر التسرب من المدارس. الإدارة السورية الجديدة ما زالت في أيامها الأولى، ولم يتضح بعدما كانت ستنجح في إصلاح جانب مما دمرته الحرب أم ستخفق، أم ستكتسب أزمة التعليم أبعاداً أخرى أو قيوداً جديدة على تعليم الإناث أو تديين التعليم. أما أزمات الذكاء الاصطناعي، وقيود تغلغله في العملية التعليمية، فما زالت بعيدة من المنظومة التعليمية في سوريا الجديدة، ومن قبلها القديمة.
اليمن منهك
وبعيداً كذلك من عامل الذكاء الاصطناعي ومدى هيمنته على العملية التعليمية، يبزغ اسم اليمن في اليوم الدولي للتعليم مثيراً كثيراً من القلق. نظام التعليم المنهك تماماً في اليمن يكشف عن 2.7 مليون طفل يمني باتوا خارج النظام التعليمي، و8.6 مليون آخرين يحتاجون شكلاً من صور الدعم لمساعدتهم على مواصلة التعليم. كما تعرضت نحو 2800 مدرسة للتدمير الكامل أو الضرر بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، أو لاستخدامها لأغراض غير تعليمية.
وعلى رغم انخفاض حدة ووتيرة الأعمال العدائية في اليمن وخفوت شبح الحرب الأهلية التي قتلت الآلاف وشردت الملايين، ما زال النزوح الذي طال والتهميش والتمييز بسبب العادات والتقاليد والأعراف يؤثر سلباً في أطفال اليمن في سن المدرسة.
ليبيا وعدم الاستقرار
أطفال ليبيا في سن المدرسة أيضاً يجدون أنفسهم في اليوم الدولي للتعليم معرضون لخطر البقاء خارج العملية التعليمية. الوضع في ليبيا ليس مستقراً. وأول انعكاسات عدم الاستقرار يظهر في كل ما يخص بالأطفال، وعلى رأسها التعرض للخطر وسوء التغذية والحرمان من الصحة والتعليم.
يشير تقرير لـ"يونيسيف" إلى أن معدلات الالتحاق بالمدارس انخفضت كثيراً، لا سيما بين الأطفال الليبيين الذين اضطروا إلى النزوح داخلياً مع أسرهم. وفي العام الدراسي 2021/2022، قالت 11 في المئة من الأسر إنها لم تسجل صغارها في نظام التعليم. وبلغ عدد الأطفال المهددين بفقدان الحق في التعليم في حال لم تصل إليهم المساعدات الإنسانية أكثر من 111 ألف طفل وطفلة.
السودان والانهيار
أما السودان فنظام التعليم على شفا الانهيار. وتراوح عناوين التقارير الواردة من هذا البلد عن حال التعليم والمدارس بين "المدارس خارج الخدمة" و"التعليم موقوف لحين إشعار آخر" و"ملايين الأطفال يواجهون مستقبلاً بلا مدارس" و"فجوة تعليمية مدمرة في السودان".
أحدث الأرقام تشير إلى وجود 19 مليون طالب وطالبة سوداني في سن المدرسة خارج المدرسة، بينهم 12.5 مليون نزحوا حديثاً. منظمة "يونيسيف" تحذر من أن أطفال السودان معرضون لأخطار البقاء خارج منظومة التعليم، حيث عمالة الأطفال والزواج المبكر والتجنيد ضمن صفوف الجماعات المسلحة.
في اليوم الدولي للتعليم يبحث العالم عن الخط الفاصل بين البشر والآلة في المنظومة التعليمية. وفي اليوم نفسه، يرفع عديد من الدول في المنطقة العربية راية النزاعات المسلحة، المستمرة أو التي تلوح في الأفق أو تلك التي توقفت، لكن تهدد بمعاودة الانفجار بين لحظة وأخرى.
المدارس والنزاعات
على مدار عام مضى حققت أعداد أطفال العالم الذين يعيشون في مناطق نزاعات أو تم تهجيرهم قسرياً بسبب النزاع والعنف الرقم القياسي في التاريخ. أكثر من 473 مليون طفل، أي طفل بين كل ستة أطفال يعيشون حالياً في مناطق متأثرة بنزاعات. من جهة أخرى يشهد العالم اليوم أكبر عدد نزاعات منذ الحرب العالمية الثانية.
وعلى رغم أن نسبة الأطفال تبلغ 30 في المئة من سكان العالم، يشكلون نحو 40 في المئة من نسبة اللاجئين، و49 في المئة من المهجرين داخلياً. هذه الملايين تعاني انتهاك غالب حقوقها، وبينها عدم الالتحاق بالمدارس. وتشير المديرة التنفيذية لـ"يونيسيف" كاثرين راسل إلى أن التعليم شهد تعطيلات شديدة في مناطق النزاعات على مدار عام 2024. ويقدر عدد الأطفال في مناطق النزعات غير الملتحقين بالمدارس بنحو 52 مليون طفل.
تعلم الكبار
هذا عن الصغار في الدول المتضررة بسبب الصراعات. أما الكبار، فبحسب "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم"، يقر عدد من يعانون الأمية الأبجدية، لا الرقمية، بنحو 100 مليون عربي. وتشير المنظمة إلى أن عدد الأميين في الدول العربية ارتفع ارتفاعاً ملحوظاً في الأعوام القليلة الماضية، إذ ارتفع من61 مليون أمي عام 2016 إلى 70 مليون عام 2020، وذلك في الفئة العمرية من 15 عاماً وما فوق.
بمعنى آخر، مواطن عربي واحد بين كل خمسة مواطنين عرب في الفئة العمرية من 15 سنة وأكثر يعاني الأمية. وتبلغ نسبة الأمية عربياً 21 في المئة، وتشكل تسعة في المئة من الأمية في العالم. المعدلات الأعلى في الصومال (64 في المئة) وموريتانيا (48 في المئة). أما الأدنى، ففي البحرين (2.5 في المئة).
أما الأسباب الأبرز لهذه الأعداد الكبيرة من الأميين، فهي الصراعات المسلحة، وعدم الاستقرار السياسي والأمني، وتدهور الأوضاع الاقتصادية. والمفارقة هي أن جامعة الدول العربية نظمت قبل أيام احتفالية في مناسبة "اليوم العربي لمحو الأمية" (الأبجدية). وجاء في الاحتفالية أن الجامعة بذلت جهوداً كبيرة على مدار تسعة أعوام، بالتعاون مع الدول العربية والمجتمع المدني والمنظمات الإقليمية والدولية، للتغلب على مشكلة الأمية!
وأشار مسؤولو الجامعة كذلك إلى أن التحدي لا يقتصر على مواجهة الأمية الأبجدية، بل الأمية الرقمية كذلك. وأضافوا أن التطورات التقنية جعلت الوسائط الرقمية والأدوات التكنولوجية من أهم الوسائل لتعليم الكبار، إذ مكنهم من الوصول إلى المعرفة والمهارات بسهولة ويسر!
ما يطلبه المتعلمون
تعليم الكبار، سواء للقضاء على الأمية الأبجدية أو الرقمية، إضافة إلى منظومة أو فكرة التعلم المستمر ضمن مكونات "اليوم الدولي للتعليم". فعلى رغم أن الاحتفاء بالمناسبة هذا العام يركز على الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية وحدوده الآخذة في التماهي مع العنصر البشري، فإن تعليم الكبار والتعلم المستمر مطروحان ضمن أركان "اليوم الدولي للتعليم" هذا العام.
اللجوء للذكاء الاصطناعي إلى دعم فكرة "التعلم المستمر" أو "التعلم مدى الحياة"، سواء عبر منصات رقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي بصورة كاملة أو جزئية لتقديم ما يطلبه المتعلمون، أو من طريق استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لخلق مادة تعليمية بحسب مواصفات المتعلم.
يشار إلى أن التعلم الذاتي والتفكير النقدي والقدرة على اتخاذ القرارات تعد ضمن المبادئ الرئيسة لفكرة التعلم المستمر أو مدى الحياة. وحين تتوافر هذه المبادئ، وتضاف إليها التقنيات الرقمية وأدوات الذكاء الاصطناعي، يمكن للشخص أن يمضي قدماً في رحلته.
طفرات بفضل كورونا
عربياً، حققت فكرة التعلم المستمر طفرات وقفزات عدة في الأعوام القليلة الماضية. وفرة فرص التسجيل لحضور دورات عبر الإنترنت، سواء بغرض الحصول على شهادة إضافية، أو لاكتسب معرفة ومهارات جديدة شجع كثيرين لصقل سيرهم الذاتية. ويبدو أن الإغلاق الذي فرضه وباء كورونا أكسب فكرة التعلم والتدريب عبر منصات رقمية شعبية كبيرة.
يذكر أن ثقافات عدة، ومنها ما يشيع في مجتمعات عربية كانت تحول دون فكرة التعلم المستمر. ظل وهم "لا أحتاج إلى تعلم المزيد، فأنا أعلم كل شيء" مهيمنة لعقود طويلة. وظلت وصمة طالب العلم الكبير سناً عائقاً يحول دون تعلم الكبار، سواء كانت سيدة تذهب إلى فصول محو الأمية وهي في الـ50 من العمر، أو رجلاً قرر أن يدرس للدكتوراه وهو في الـ60 من العمر. لحسن الحظ أن أوهاماً تبددت، ووصمات سقطت.
فجوات عربية
في اليوم الدولي للتعليم هذا العام، تحتفي أنظمة تعليم عربية بقفزات إيجابية عدة تحققت، وتجد أخرى نفسها في حاجة ماسة إلى الإصلاح الحقيقي وتعديل المسار الفعلي. الحاجة ماسة إلى مواجهة غياب المهارات الأساسية في المدرسة وضعف المنظومة التعليمية والتي ينجم عنها نسب نجاح مرتفعة، مع تدني القدرة على القراءة والكتابة وحل المسائل الحسابية البسيطة. "نجح الجميع، ولم يقرأ أحد" تلخص مشكلة 56 في المئة من طلاب المرحلة الابتدائية و48 في المئة من طلاب المرحلة الإعدادية في عدد من الدول عربية.
من جهة أخرى تبقى العلاقة وثيقة بين الإنفاق على التعليم ومخرجات العملية التعليمية. إنفاق دول مثل السعودية (موازنة التعليم في 2024 كانت 51.9 مليار دولار) أو قطر (5.1 مليار دولار)، أو الإمارات (2.97 مليار دولار) يؤدي إلى منظومة تعليم تختلف عن دولة مثل الصومال التي اعتمدت عام 2024 أكبر موازنة عامة في تاريخها، وهي 1.79 مليار دولار تشمل الصحة والسكن والأمن والغذاء والتعليم وغيرها.