بغداد _ العالم
إذا كانت السلطات تحاول منع السباحة في الأنهار تجنباً لغرق الشباب.. فلماذا لا تبني مناطق مخصصة على ضفاف المدن الرئيسية تكون محاطة بما يشبه كاسر أمواج مع مراقبين وغواصين للسيطرة على حالات الغرق؟.. نقلنا هذا السؤال إلى مسؤولين من 5 جهات حكومية هي الدفاع المدني والشرطة والموارد المائية والسياحة واتحاد السباحة، خاصةً وأن العراقيين يسبحون في أنهارهم منذ ظهرت قبل آلاف السنين، ويرتبكون أمام توجيهات يعتبرونها غير مفهومة بالنسبة لأجيال عاشت على الضفاف، لكن وفيات الغرق شبه اليومية في الوقت ذاته تجعل الأمر جديراً بالتوقف!. وتجمع السلطات على عدم وجود قانون يمنع السباحة في الأنهار، لكن دوريات الشرطة النهرية تعمل وفق تعليمات لمنع الشبان من القفز في الماء، وتقول وزارة الموارد المائية إن بناء كواسر أمواج أو أماكن مخصصة للسباحة ليس من مسؤوليتها، أما السياحة فتقول إن طبيعة أنهار العراق غير ملائمة لبناء مثل هذا الأماكن “فأنهارنا بلا جرف متدرج ولا (گيش) وأعماقها تبدأ بشكل مفاجئ” كما أن أنهار بغداد لا تصلح أصلاً للسباحة بسبب ارتفاع تلوثها، ويقول رئيس اتحاد السباحة خالد كبيان إنه لا يؤيد المنع إلا حرصاً على أرواح الشبان، أما فكرة بناء أماكن مخصصة فيقول إنها قد يكون من المناسب طرحها على الحكومات المحلية.
غواصو بابل "يتوسلون" بالفتيان: نرجوكم.. توقفوا عن المخاطرة فحالات الغرق كثيرة ومؤلمة
نؤاس صباح مدير إعلام الدفاع المدني، قال: سؤولية منع السباحة في الأنهار تقع بالدرجة الأولى على النجدة النهرية، ثم يأتي دور الدفاع المدني كمساند لها، لأن الشرطة النهرية لديها أجهزة تنفس تحت الماء، أما الدفاع فأجهزته مصممة للعمل خارج الماء، ولذلك حرصنا على إصدار جملة من الإرشادات الخاصة بالسباحة في الأنهار، من ضمنها الابتعاد عن الأنهر سريعة الحركة واستخدام “النجادات”.
لا يمكن تحديد حالة النهر بشكل ثابت ومستقر لأنها متغيرة حسب الظروف والمناخ، فبعض الأنهار في وقت ما وتحديداً عند ذوبان الثلوج وفيضان المجرى، تصبح حركة مياهها سريعة وخطيرة، ولا يقوى الشخص على مقاومتها، في حين أنها في فترات أخرى تصبح هادئة، وعلى المواطن امتلاك الوعي وتقدير حركة المياه في النهر.
الدفاع المدني ينصح بعدم السباحة في الأنهار على الإطلاق، لأنها مجازفة كبيرة، فمياه النهر سريعة وأحياناً تحوي مواد طينية، كما أنه يتضمن منعطفات ودوامات، وإذا ارتبك السباح أو فقد السيطرة، قد يجرفه النهر إلى منطقة نائية ويصعب إنقاذه، لذلك من الأفضل الذهاب إلى المسابح.
و عادل الحسيني مسؤول الإعلام في شرطة بابل قال:
لا توجد مادة قانونية تمنع السباحة في النهر، لكن هناك توجيهات من قبل قيادة الشرطة لقسم الشرطة النهرية بتسيير دوريات على طول نهر الحلة لمنع الشباب من السباحة في مياه النهر العميقة، تفادياً لحالات الغرق الكثيرة.
الدوريات تحاول تنبيه وتخويف الشبان من الغرق في المياه العميقة، حرصاً على حياتهم.
مدير إعلام السياحة محسن عبد قال : أنهر بغداد تصب فيها مياه ثقيلة تمنع الشباب من السباحة لأنها ملوثة وتسبب الغرق.
غالبية الأنهر في باقي المحافظات تمر على أراضٍ خاصة وليست عامة، بالتالي لا يمكن بناء حواجز على الضفاف الموجودة داخل تلك الأراضي.
لدينا مسابح داخلية في بغداد، وهي أفضل، ولذلك الشرطة تمنع السباحة حرصاً على حياتهم.
جميع الأنهر في العراق غير منظفة جيداً وفيها أسلاك وحديد وأحجار وهذا يؤدي للغرق، ويفترض بالموارد أن تستمر بالكري لكل المسطحات دون توقف.
حين كانت مناسيب المياه جيدة في الأهوار، كثير من الشباب كانت تسبح في المسطحات، وحتى السواح الأجانب الذين كنا نرافقهم كانوا ينزلون للمياه، لكن حين تأتي الشرطة النهرية، كانت تمنع السباحة لأن الأهوار منطقة طينية وأغلبيتها قصب وبردي، ويُخشى على من يسبح أن يعلق بالجذور والشعاب.
أنهار العراق غير مهيئة للسباحة الآمنة مثل باقي الدول، فلا يوجد فيها جرف، ولا “گيش” أو مساحة سطحية، وتبدأ أعماقها بشكل مفاجئ.
يجب أن تعمل الموارد المائية على تبطين الشواطئ بالحجر لمنع تسرب الماء في التربة ولجريان وصفاء المياه، وأن تخصص أماكن آمنة بالاتفاق مع وزارة الشباب، لأن الأخيرة لديها قسم معني بالسباحة الخارجية المفتوحة على الأنهر.
خالد كبيان رئيس اتحاد السباحة قال :لا يمكن بناء كاسر أمواج على طول ضفاف نهري دجلة والفرات، فهي تمتد لمساحات كبيرة وهذا أمر غير وارد.
من الصعب تطبيق المنع المطلق أو وقوف دوريات 24 ساعة في مئات القرى التي تمر فيها الأنهار والفروع، فالموضوع ليس سهلاً ولا يمكن التنظير فيه أو الحديث بمثالية.
قد يترك دور الأهالي في توعية أبنائهم ومراقبتهم أو منعهم من السباحة في المساحات العميقة، أثراً إيجابياً. لست مع المنع فنحن نقيم بطولات سباحة في العراق، ولكن حرصاً على حياة الشباب من الغرق في الأنهار سيما إذا كانوا غير متمكنين من مهارات السباحة، لا يبقى إلا محاولات المنع من الشرطة.
قد يكون ممكناً أن تتولى الحكومات المحلية في المدن الملف وتبدأ بتحديد مساحات آمنة للسباحة.