بغداد - العالم
يرجح محللون واستطلاعلات رأي أن تؤثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ أكثر من 8 أشهر على نتائج الانتخابات التشريعية في بريطانيا، حيث يشعر الكثير من المسلمين بالغضب إزاء موقف الحزبين الرئيسيين ( العمال والمحافظين) من القتال الذي أحدث دمارا هائلا في القطاع الفلسطيني، ما قد يخدم المرشحين المستقلين.
ورغم أن الترجيحات تفيد بأن الفوز سيكون حليفا لحزب العمال في الانتخابات التشريعية، فإن رفض زعيمه كير ستارمر دعم وقف إطلاق نار غير مشروط في غزة أثار انقساما بين الناخبين المسلمين، الذين يدعمون تقليديا وبشكل كبير حزب يسار الوسط.
ويتوجه البريطانيون غدا الخميس الرابع من يوليو بما فيهم 3.9 مليون مسلم يشكلون 6.5 في المئة من السكان إلى مراكز الاقتراع في انتخابات تشريعية يرجح أن تضع حدا لحكم المحافظين المستمر منذ 14 عاما والذي شهد بريكست وتقلبات اقتصادية وفضائح سياسية.
تصويت عقابي
هناك 20 دائرة انتخابية تزيد نسبة المسلمين بين الناخبين فيها عن 30 في المئة من إجمالي 650 دائرة انتخابية
تأمل المرشحة المناصرة للفلسطينيين شاناز صديق في كسب أصوات المسلمين في الانتخابات، وقد لا يتمكن سوى عدد قليل من المرشحين المؤيدين للفلسطينيين الذين يخوضون الانتخابات كمستقلين أو عن أحزاب غير التيار الرئيسي من الوصول إلى البرلمان، إلا أن حملة يطلق عليها اسم “الصوت المسلم” تتطلع إلى الفوز بما يكفي من الأصوات لإرسال رسالة قوية إلى أولئك الذين ينجحون في الفوز بمقاعد.
وقالت شاناز التي تسعى للحصول على مقعد بالبرلمان عن أولدام إيست وسادلوورث شمالي مانشستر، لرويترز إن الوضع في “غزة… لا يتعلق بحالة سياسية. إنها حالة تتعلق بحقوق الإنسان”. وأضافت “لن نبرر لكوننا طرفا (يساند) غزة”.
وتدعو حملة “الصوت المسلم” الناخبين إلى اختيار مرشحين مؤيدين للفلسطينيين يخوضون الانتخابات مستقلين أو من أحزاب أصغر مثل حزب “عمال بريطانيا” المنتمي إلى تيار اليسار والذي قدم 152 مرشحا من بينهم شاناز.
وفاز زعيم الحزب جورج غالواي في انتخابات فرعية أجريت في مارس لشغل مقعد برلماني شاغر في روتشديل وهي بلدة مجاورة لأولدام، وتضم هي الأخرى عددا كبيرا من السكان المسلمين، بعد أن سحب حزب العمال دعمه لمرشحه بسبب تسجيل يتبنى نظريات مؤامرة تتعلق بإسرائيل.
ويزيد عدد المرشحين المستقلين المتنافسين في الانتخابات العامة البريطانية بنحو 230 عن عددهم في انتخابات عام 2019. وتقول صوفي ستوارز من مركز أبحاث “يو.كي.أن أتشينجنج يوروب” إن في المناطق التي يزداد فيها عدد الناخبين المسلمين بصورة ملحوظة، يتنافس الكثير من هؤلاء المستقلين على خلفية برنامج مؤيد للفلسطينيين.
ومن المرجح أن يتأثر حزب العمال الذي يتزعمه كير ستارمر بغضب الناخبين المسلمين، لكن لا يزال من المتوقع أن يفوز في الانتخابات. ويعتمد الحزب منذ فترة طويلة على دعم المسلمين والأقليات الأخرى.
ويواجه حزب العمال انتقادات واحتمال خسارة أصوات ناخبين بسبب تبنيه لنهج تدريجي فقط نحو الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة. ويلتزم حزب العمال بالاعتراف بالدولة الفلسطينية لكنه لا يحدد جدولا زمنيا للقيام بذلك.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة سافانتا الشهر الماضي أن 44 في المئة من المسلمين الذين صنفوا الصراع كإحدى القضايا الخمس الكبرى يفكرون في التصويت لمرشحين مستقلين مؤيدين للفلسطينيين.
وأفاد الاستطلاع بأن واحدا من كل 5 من هؤلاء الناخبين سيصوت لحزب العمال في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي قد يحمل تأثيرا مهما على النتائج في بعض الدوائر الانتخابية التي تضم جالية مسلمة كبيرة، مثل كيغلي وإيلكي في يوركشاير.
وهناك 20 دائرة انتخابية في المملكة المتحدة تزيد نسبة المسلمين بين الناخبين فيها عن 30 في المئة، من إجمالي 650 دائرة انتخابية (جميع نواب حزب العمال المدعومين في عام 2019، وفي سبع من هذه الدوائر يشكل المسلمون أكثر من 40 في المئة من الناخبين).
لكن دعم المسلمين لحزب العمال انخفض من 75 في المئة عام 2001 إلى 38 في المئة عام 2004، بعد حرب العراق. وارتفعت النسبة بحلول عام 2015، عندما صوت 64 في المئة من المسلمين لصالح حزب العمال، وبلغت ذروتها بأكثر من 80 في المئة عندما كان جيريمي كوربين زعيما بين عامي 2015 و2020. والآن مع موقف ستارمر من حرب غزة يرجح أن تتراجع نسبة التأييد للحزب بشدة.
ويقول مرشح حزب العمال في كيغلي، جون غروغان “من المؤكد أن هذه مشكلة، ولكنني آمل أن أتمكن من الاحتفاظ بجزء كبير من أصوات الناخبين المسلمين الذين يشعرون بقلق إزاء هذه القضية”.
وأضاف غروغان “هنا تتخذ المساجد موقفا محايدا، في حين تقول مساجد في بعض بلدات شمال إنجلترا: لا تصوتوا لأي من الأحزاب الرئيسية”.
في المئة من المسلمين الذين صنفوا الصراع كإحدى القضايا الخمس الكبرى يفكرون في التصويت لمرشحين مستقلين مؤيدين للفلسطينيين
عبر براتيش بانجاك وناخبون مهاجرون آخرون عن حماسهم للمشاركة للمرة الأولى في انتخابات بريطانية، وذلك في الاقتراع المقرر إجراؤه في الرابع من يوليو، على أمل أن تكون لهم بصمة تحدث تغييرا في بلد اختاروه وطنا لهم.
ويحق للاجئين والمهاجرين من دول الكومنولث، وجميعها تقريبا كانت أراضي سابقة ضمن الإمبراطورية البريطانية مثل نيجيريا والهند وماليزيا، التصويت في الانتخابات البريطانية.
وقال بانجاك (27 عاما) الذي جاء إلى بريطانيا في فبراير من العام الماضي، إنه متحمس للإدلاء بصوته بعدما لم يتسن له التصويت في الانتخابات ببلده الهند.
وقالت تيه وين سون، وهي طالبة ماليزية تبلغ من العمر 33 عاما، إنها لا ترى فرقا كبيرا بين الحزبين الرئيسيين لكنها ستكون حريصة على التصويت لحزب أكثر تقبلا للمهاجرين.
وتمثل الهجرة قضية أساسية في المعركة الانتخابية في بريطانيا. ويتعهد رئيس الوزراء البريطاني وزعيم حزب المحافظين ريشي سوناك بخفض مستويات الهجرة إذا فاز المحافظون وسط قلق العديد من الناخبين البريطانيين من أنها مرتفعة للغاية وتضع ضغوطا مفرطة على الخدمات الحكومية للصحة والإسكان والتعليم.
وبالفعل، قام سوناك بتشديد قواعد منح التأشيرات وتصدر العناوين في وسائل الإعلام الدولية على خلفية سياسته لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا.