السيد عمار ابو رغيف
القسم الثاني
في فضاء الفكر الديني بدأت حركة التجديد والإصلاح فالنهضة الأوربية الحديثة. فالراهب الاوغسطيني {ارازموس} الذي لم يقبل حرمان أفلاطون وسينكا من الخلاص لم يتمكن من الامتناع عن الصلاة على روح القديس سقراط. ووبخ الاساقفة والكرادلة والبابوات على بدءهم للحروب بإسم الدين. وكان للوثر وكالفن وحركة الإصلاح الديني وما تبعها من صراع اليم بين الكاثوليك والبروتستانت الأثر الحميد لتعالي صيحات التسامح مع الآخر.
اما دور الراهب الانجليزي وليم الاوكامي فقد سبق كل إرهاصات النهضة والإصلاح، وكان دوره شاملاً لم يقتصر على اللاهوت، بل امتد ليشمل الحكمة والمعرفة بأسرها، فأسس لبيكون وكنْت.
استيقظ عمانوئيل كنْت من سباته الديموغاجي العميق على صيحات {دافيد هيوم} الذي بدأ به عصر المذهب التجريبي الحديث، بل الحداثة كما أؤرخ، لم يَعُد أرسطو بمنطقه ونظريته المعرفية وبميتافيزيقياه مثلاً، بل أصبح هدفاً للنقد والتجريح والتجاوز. لقد حاول كنْت الذي رمى رصاصة الرحمة على الميتافيزيقيا الأرسطية والعصر الوسيط، حاول التوفيق في المعرفة بين أرسطو وهيوم، بين العقلية والتجريبية، فلم يكتب لمحاولته الصمود أمام مد التجريبية الزاحف، وحاول أيضاً أن يرسي دعائم نظرية عقلية للأخلاق فيؤسس لأخلاق الواجب في فكر الغرب، لكن محاولته هذه لم تصمد أيضاً أمام أخلاقية الغرب الصناعي، التي آلت إلا أن تستمد من مذهب السعادة الأرسطي قوامها، فكانت برجماتية نفعية.
لقد ذهب {دافيد هيوم} بالمذهب التجريبي إلى نهاية، يستحيل معها الإثبات والتأكيد المعرفي، فأصبحت نظرية الصدق الأرسطية هشيماً تذروه الرياح، حاول عصر الحداثة أن يروغ على نتائج نظريات دافيد هيوم المعرفية، أي حاول عبر كنْت وجون ستيوارت مل والوضعيون عامة وأخيرا مدرسة كارل بوبر أن يعطي للعلم والمعرفة العلمية طابعاً عقلانياً، ويمنح المعرفة طابع الكشف عن الحقيقة أو تكذيب ما يمكن إبطاله من الفروض، لكن مآل التجريبية في عصر ما بعد الحداثة، كما هو الحال لدى فوكو وكوهن، أفضى إلى لونٍ من النسبية المطلقة، إلى ان المعرفة لا تفضي الى الوقوف على الحقيقة سواء أكانت الشيء في ذاته وجوهر الاشياء أم كانت ظواهر عالم الوجود.
بدأ عصر الحداثة ينظر إلى عالم الوجود وميتافيزيقيا الكينونة نظرة المرتاب أمام سحر أفلاطون وسلاسل العلية المتصلة المترابطة، التي صنع أرسطو منها نموذجاً إرشادياً لفهم الفيزيقيا وما بعدها، هذه السلاسل بقيت تأسر عالم الوجود والطبيعة حتى عصر نيوتن، لكن عراها أخذت بالتحلل عبر شك هيوم بالعلية وبواقعية الضرورات التي تحكم الروابط بين الموجودات، نعم كانت فترة نيوتن وعضده عمانوئيل كنْت محطة استراحة المحارب المرهق للعلاقات الضرورية، التي تحكم عالم الصيرورة في رؤية جمهور حكماء الغرب الحديث، إذ ما برح العلم والفلسفة في الغرب التأكيد على المصادفة كقانون للارتباط بين الاسباب والمسببات، بل أخذت الفلسفة الانجلوسكسونية خاصة والغربية عامة تتجه نحو إلغاء الغائية في فهم علاقات عالم الوجود،ومن ثمَّ تُهيّء الأرضية أمام الألماني نيتشه ليعلن موت الإله.
كونٌ سائب ليس لعراه سبب وثيق يتكأ عليه، وليس لصيرورته هدفٌ تتجه إليه، وعالم تحكمه المصالح والمنافع يُقذف في وسطه الكائن الإنساني قذفاً، وهو مزود بغرائز الملك والجنس، هذه الغرائز التي لا ترحم، نعم الجنس وحده ينطبق عليه قانون العلية في ثقافة الغرب الحديث، فهو الضرورة الملحة لكي يطلق لها العنان فتشبع على هدي {الفرويدية} ومذاهب التحليل النفسي والسلوكي القائمة في النهاية على ميتافيزيقيا التشتت والعالم الذي يسير نحو المجهول.
حاول هيجل أن يعيد للوجود هيبته عبر الروح المطلق، ومن خلال منطقٍ معارضٍ لمنطق البرهان الأرسطي، فأخذ بالديالكتيك وصراع الأضداد أداة ومنهجا لتفسير الصيرورة، وبذلك يجد منطقاً منسجماً مع التحولات والتغييرات التي تدخل في لُحمة وسدى عالم الوجود، ويحفظ للوجود وحدته رغم التنوع في التعيّنات.
لكن هذه المحاولة المتألهة وقعت بيد تلميذ تأخر تلمذه على يد صاحبها، فأنقض عليها، ليصحر بمذهب الإلحاد الفلسفي، ويؤسس عقلياً للمادية الملحدة، كان ذلك {فويرباخ}، الذي ورث كارل ماركس ماديته، واخذ الأخير من هيجل ديالكتيكه وجدله، لينتعش الإلحاد في ثقافة الغرب الحديث عبر ثالوث فويرباخ، ماركس، نيتشه، ويتجلى من خلال أدب اللامعقول عند كامو وكافكا .... فترثه الوجودية المعاصرة على يد زعيمها {هيدجر}.
الوجود لدى هيدجر كينونة الكائن الإنساني اليومية، الوجود ليس وحدات مترابطة ترابطاً ضرورياً حتمياً تنتهي بعلة العلل وواجب الوجود، وليس هو وحدة الروح المطلق الهيجلي، الوجود هو تعينات وكينونة الكائن الإنساني، هذا الكائن جوهره الفهم والوعي، ومن ثمَّ فالوعي والفهم متن الوجود، بل هو جوهر الوجود. وهذا الوجود الفردي يتجلى باللغة واللسان الذي يصبح في نهاية المطاف تعيّنات سيّالة، ودلالات لا نهائية.
وبهذا أرسى هيدجر دعائم انطولوجيا التأويل، وما يدعى الهرمونتيك المعاصر.
لقد قاربت ثلة من المفكرين إشكالية التعددية أو التفرد الديني إنطلاقاً من موقف معرفي يعتمد النسبية المطلقة وموقف وجودي ينطلق من التفتت والتفرد الوجودي، فليست هناك حقيقة واحدة، وليس هناك صراط مستقيم واحد وفرقة ناجية واحدة، الحقيقة متكثرة بتكثر الأديان والمذاهب، فالأديان نصوص ومتون، ووجود يتعين تبعاً لكينونة وموقع المتلقي. ثم يحلو لبعض الباحثين أن يستند إلى نصوص الصوفية والعرفاء فيتخذ من ابيات محي الدين ابن عربي مستنداً :
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
وقد صار قلبي قابلاً كل صورة
فمرعى لغزلان وبيت لأوثان
ودير لرهبان وكعبة طائف
والواح توارة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب انّى توجهت
ركائبه ارسلت ديني وايماني
ويتكأ على مثنويات جلال الدين الرومي ونصوص سائر العرفاء والقديسين، أو يرجع إلى متون الكتب السماوية ليجد فيها ما يستطيع أن يفيد منه لإثبات إن ليس هناك حق واحد أو فرقة واحدة تنجو من الجحيم، بل الناجون من الجحيم كثار.
ثم إن الحقيقة الدينية ليبست جدولاً منطقياً وليست معادلات رياضية، بل هي نصوص ومتون، ومن ثم ليس لدينا من الحقيقة الدينية سوى فهم هذه النصوص وتأويل هذه المتون وتفسيرها، والفهم والتأويل والتفسير ليس نصاً أزلياً، إنما هو جهد إنساني غير مقدس يصيب من الحقيقة شيئاً، ولا يصيب كبدها ويستولي على جوهرها، بل يتعدد ويتكثر تبعاً لإجتهادات بني البشر المختلفين زماناً ومكاناً، المتنوعين ثقافات ومناخات. فالمعرفة الإنسانية في نهاية المطاف نسبية لا تستطيع أن تقف على حقائق الأشياء ومضامين الوجود.
وهنا أضع الملاحظات التالية:
1ـ النقد المؤسس لنظرية إقامة تفسير التعددية على اُسس معرفية ووجودية يتطلب بحثاً مستأنفاً لفحص هذه الأسس. وهنا اقتصر على الإشارة إلى إن النسبية المطلقة معرفياً تفضي إلى استحالة المعرفة، وان الذهاب إلى التعددية الدينية على أساس إن ليس هناك حق خالص وليس هناك دين يمتلك الحقيقة يتناقض مع واقع المتعدديين، الذين يتمسك كلٌ منهم بدينه على انه الدين الحق.
إن الانطلاق من قاعدة نسبية الحقيقة مطلقاً ونسبية المعرفة عامة يفضي إلى {بارادوكس}،ونرجع حينئذٍ إلى نقائض المعرفة وإشكالية الجذر الاصم لتشمل المعرفة الانسانية عامة. فنسبية الحقيقة حقيقة ايضا فاذا شملتهاالقاعدة سوف نقع في تناقض {بارادوكس}، لأننا إذا سلمنا بنسبيتها سمحنا لنقيضها بالحياة، وهو وجود معرفة مطلقة، وإذا استثنينا القاعدة من شمول نفسها قضينا على القاعدة وألغينا عموميتها.
2ـ إن مشروع التعددية الدينية {Religious pluralism} المجافي لنظرية الحق الأكمل أو الحق الواحد لا يتعدى أن يكون حقا أكمل وديناً أو طائفة تضاف إلى مجمل الأديان والطوائف المتعددة على الأرض.
وهذا الاتجاه ـ من زاوية عملية ـ لا يحل مشكلة التدافع والتناحر جراء التنوع الديني واختلاف المذاهب والأديان. فالعرفاء والمتصوفة القائلون بدين الحب، والذين أضحت قلوبهم معبد أوثان وكعبة طائف وديراً لرهبان وألواح توراة ومصحف قرآن، هؤلاء لم تقبلهم الأرثودكسية الدينية، بل حتى المتسامحين مع سائر الديانات من أبناء الديانة الواحدة، بل أضحوا فرقة محاصرة في كثير من الأحيان، ودخلوا في صراعات سُفكت فيها الدماء بدعوى انحرافهم العقائدي وخروجهم عن الملة.
3ـ لقد أقاموا التعددية الدينية كمذهبٍ واتجاه على أساس اخذ التعددية مصادرة واقعية، أي الإذعان بواقع التعددية الدينية في حياة البشر، ثم ذهبوا إلى تفسير هذا الواقع، على أساس انه واقع حتمي يُصار إليه بحكم نسبية المعرفة وثراء الحقيقة وتنوع دلالات النصوص.
والسؤال هنا: هل التفسير البلورسمي الواقعي نستنتج منه توصيات بضرورة التعايش وقبول الآخر، لأن ليس لأحد حق مطلق، وليس لأي عقيدة دينية امتياز، ومن ثمَّ فعلى المتدينين في سائر الديانات أن يتعايشوا مع بعض ولا ينفي أي منهم امتلاك الأخر لنصيب من الحقيقة الدينية؛ أم يبقى هذا التفسير مجرد عزاء يأنس به السالكون الأحرار في خياراتهم الدينية؟
إذا اخترنا الفرض الثاني فأي أثرٍ لدعوة التعددية إذا انحصرت عزاءً تسلو بها نخب من المثقفين؟ أما إذا اخترنا الفرض الأول فهذا يعني تحويل البلورسم من تفسير للواقع وحكاية عما هو قائم إلى حكم بما ينبغي أن يكون، أي أن التعدديين انتقلوا من التفسير إلى التوصية، ومن الوصف والتعليل إلى الحكم والتوجيه. وهذا لونٌ من ألوان الانتقال غير المقبول منطقياً. فالواقع وما يتضمنه من قوانين لا تستنتج منه أحكام السلوك وقواعد التشريع، ولم تستنتج.
إن نظرةً لواقع حياة البشر في القرن الميلادي المنصرم تؤكد إن الإنسانية عانت من اُحادية السلوك الإنساني معاناة مريعة، ولم تتحول التعددية القائمة في واقع حياة البشر إلى تشريع يضبط سلوك هذا الكائن الغريب، رغم كل إجراءات العلمنة، ونداءات حقوق الإنسان. فقد شهد القرن العشرون أبشع المذابح، فإحصائيات {رامل} واتجاهات يوخن هبلر تؤكد إن ضحايا الحروب والقتل بأمر الدولة خلافا لمواثيق شرعة حقوق الإنسان شارف على{360} مليون ادمي في قرن المدنية الحديثة، وعلة العلل في كل هذا العنف الذي مارسه البشر هي عدم تحمل الآخر وعدم قبول التنوع والتعدد.
إن التعددية كواقع قائم في حياة الناس لم تتح لهؤلاء الناس أن يمارسوا التعددية بحدها الأدنى. فالتعددية الليبرالية التي تبشر بها نُخب ما بعد الحداثة حد أعلى، ذلك أن يُذعن بنو البشر بأن الآخر الإنساني له حق فيما يختار، وهو على نصيب من الحقيقة فيما يعتقد. لكن المستوى المطلوب للتعايش الإنساني لا يستدعي الإذعان بتنوع الحقائق وتعدد الصدق، وان الحقيقة الدينية والمعرفية تتعدد بتعدد أنفاس العباد، بل يستدعي السماح للآخر الإنساني أن يختار ما يختار من عقيدة، والتعايش معه وقبوله على ما هو عليه من خيارات إنسانية. هذه الخيارات المتنوعة في واقع حياة البشر لم تمنع استخدام الحرب والقمع والإرهاب لمنع الإنسان الآخر والشعوب الأخرى من ممارسة خياراتها.
4ـ Religious piuralism {رليگيوز پلوراليسم} كتفسير للتعددية ينتهي إلى إن الحقيقة الدينية نسبية، وان البشر في سعيهم لمواجهة الأمر المتعالي سواء في الإفادة وإمكانية الاهتداء إلى نور الحق بأي دينٍ دانوا وبأي شرعة تمسكوا. هذا التحليل الذي تطرحه عقول من النخبة يتطلب لكي تفيد منه الناس وتستضيء بإستنارته يتوقف على مصادرة أساسية وهي:{أن العقل الإنساني بل المزاج العام لبني البشر مهيأ لقبول الآخر على أساس الإذعان بأن له نصيباً من الحقيقة وأن الحقيقة الدينية ليست واحدة, بل تتعدد بتعدد الديانات وتتنوع تبعا لتنوع خيارات الآدميين}.
دون إثبات هذه المصادرة تصبح دعوى التعددية الدينية أي{ رليگيوز پلوراليسم } أمراً غير عملي, تشبه تعميم التجربة الصوفية على بني البشر, وأن يصبح الناس جميعاً عرفاء في النظر سالكين في العمل, بل تشبه الدعوة الى لغة عالمية واحدة, حيث لا يمتثل إليها اللسان البشري, ولم يجدها احد من الحصفاء دعوة عملية ممكنة. فهذه الأماني قد تكون نبيلة طموحاً في نفسها, إلا إن تجسيدها على ارض الواقع دونه خرط القتاد.
فحص هذه المصادرة وتمحيصها بشكل علمي مستوفٍ أمر تتحمل مسؤوليته علوم البشر المعاصرة, بدءً من التأريخ وعلوم النفس والاجتماع وفلسفة هذه المعارف. ولكن إذا لذنا بالتاريخ وتاريخ العقل والسلوك الإنساني فلا أعتقد أن هذا التأريخ سيساعدنا على التفاؤل بأن العقل الإنساني في يقينياته وإعتقاداته وجزمه الديني مهيأ بعامة لقبول التضاد والتناقض. بل رافق الإعتقادات الدينية وغيرها رفيق خذول لنزعة التفاؤل بالتعايش, إلا وهو الجزم والتعصب.
نعم التناقض والتضاد قد يملأ حياة الصوفية والعرفاء, بل تزدان حياة هؤلاء زهواً بهذا التناقض اللذيذ في ذائقة أصحاب السلوك. لكن هؤلاء رغم جلال عالم الأفذاذ, ورفعة أرواح السالكين, سرعان ما يتحولون كفرقة إلى إشكالية إضافية ـ في كل الديانات ـ تعقد عملية التعدد وقبول الآخر.أضحوا مشكلة أمام الكنيسة الكاثوليكية, واختارت لهم الحنبلية أعواد المشانق في دمشق وبغداد,وأضحوا هدفاً للقتل غيلة, وصيداً لزاهقي الأرواح الليليين في بقاع من المعمورة. أنها التجربة الفردية التي لا يقبل جلالها إلا التفرد, وحينما تتحول إلى فرقة وإتجاه كسائر الإتجاهات والفرق تفقد روعتها وجلالها, بل تتناقض مع ذاتها, وتدخل في ما تأسست للإباء والترفع عنه.
5ـ لكي نضع المسألة في صورتها السليمة، علينا إلقاء نظرة عاجلة على السياق التأريخي ومآلات الراهن لأوضح ليبرالية قائمة ـ لا أقل من وجهة نظر الليبراليين أنفسهم ـ أعني(أمريكا) هذه القارة التي ظهرت صدفة إلى الوجود وفاجئت التاريخ الإنساني بنموها المفاجئ، كان قدرها أن تكون أرضاً يأوي إليها الناس على اختلاف مذاهبهم، فالكاثوليك على تنوعاتهم والبروتستانت على مختلف مذاهبهم والأرثودوكس واليهود على اختلاف اجتهاداتهم والمسلمون بمذاهبهم، ومسيحيوا الشرق الذين ـ رغم مسيحيتهم ـ طبع موطنهم الأصلي ديانتهم بطابعه فتميزوا عن أبناء نحلتهم. أضف إليهم أديان الشرق الأقصى من بوذية ومجوسية... والتدين التلفيقي، واتجاهات التدين والتأله الحر...