تتجه الأوساط الشيعية بشكل عام في العراق وبقية دول المنطقة نحو التعبئة بدرجات متقدمة، وذلك في اطار الجهود المبذولة لمساندة جبهات المواجهة في لبنان وامتداداتها، وهي حالة تشبه إلى حد بعيد المسارات، التي سبقت فتوى الجهاد الكفائي، والتي أعلنها المرجع الشيعي الأعلى في النجف اية الله السيد السيستاني حين اندلعت احداث داعش في عام 2014.
وكانت فتوى الجهاد الكفائي عام 2014 الدافع والحافز الرئيسي في قلب المعادلة العسكرية، بعد صدمة واسعة النطاق تسببت بانهيارات على مساحات شملت ثلاث محافظات عراقية، مما قلب الموازين وفرض حالة من التمكين مازالت مؤثرة حتى اللحظة، بل وصارت تعد من أهم معادلات التحول من الانكسار إلى النصر.
ومن هنا بات البيان الصادر عن المرجع السيستاني، على خلفية الأحداث الأخيرة في لبنان، بمثابة البيان التأسيسي، الذي سيمهد لمواقف تصعيدية اعلى، من ناحية كون المضامين تشبه إلى حد بعيد الجهود التحضيرية المعتادة قبل الذهاب نحو اصدار فتوى جهادية، قد تفرضها التطورات القادمة في حال عجز المجتمع الدولي عن ايقاف ماكنة القتل الاسرائيلية.
وتضمن بيان المرجعية تعبيرات خاصة، ربما تكون مفهومة للذين يشرحون عادة هذا النوع من الخطابات الدينية، من قبيل الدعوة لـ"بذل كل جهد ممكن لردع العدوان"، او اعتماد وصف "المقاومين الأبطال"، ويشمل ذلك "القيام بما يساهم في تخفيف المعاناة"، وهي جميعها دعوات تعبئة متعددة الاتجاهات تتعلق بالجوانب الإنسانية والسياسية وحتى العسكرية والإعلامية.
ولعل المبادرات العراقية ابتداءً من عصر الاثنين بدأت فعلياً باتجاه تلبية نداء السيستاني، حيث من المتوقع أن تدخل الأوساط الشعبية والرسمية في اعلى جهوزية ممكنة، سيما وان القضية الفلسطينية لا تعتبر قضية خارجية بالنسبة للعراقيين، فضلاً عن الحالة اللبنانية، والمشتركات في هذه القضايا تاريخية تتعلق بالوجود والأمن القومي والديني والمصير المستقبلي، الذي يفرض فتح جسور برية وجوية لإمداد كل ما يمكن تقديمه من دعم ومساندة، وصولا إلى انتظار فتوى كفائية بالجهاد قد تفرض الحسم.