بغداد ـ العالم
قال عدد من الخبراء الاقتصاديين، إنّ تغيير سعر صرف الدولار أمام الدينار أمر غير ممكن في ظل ارتباط العراق بصندوق النقد الدولي، الذي رهن دعمه باستمرار السياسات المالية والنقدية الراهنة، مؤكدين أن أي قرار محتمل بهذا الصدد سيجعل الحكومة تفقد 22 ترليون دينار، وهو أمر لا يحتمله الوضع العام في البلاد.
من جهتها، أكدت وزيرة المالية طيف سامي، أمس، أن الحكومة عازمة على المضي في حزمة إصلاحات اقتصادية، مثمنة الدور الذي يضطلع به البنك الدولي في دعم التوجّهات الإصلاحية التي تنفذها الحكومة الجديدة.
وقالت وزارة المالية في بيان تلقته "العالم"، ان سامي التقت في مقر الوزارة المدير الإقليمي للبنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط جون كرستوف والوفد المرافق له، مبينة أنه "تم خلال اللقاء بحث آليات تعزيز التعاون والشراكة الثنائية بين الجانبين في مختلف المجالات، وبما يتوافق مع رؤية الحكومة العراقية الهادفة الى الاستفادة من كافة أشكال الدعم الدولي اللازم لإسناد المشاريع التنموية والاستراتيجية في العراق".
وثمنت سامي "الدور الذي يضطلع به البنك الدولي في دعم التوجّهات الإصلاحية التي تنفذها الحكومة الجديدة"، مشيرة الى أن "الحكومة عاقدة العزم على المُضي في حزمة من الإصلاحات الجوهرية من أجل توفير متطلبات نهضة اقتصادية متوازنة في البلد".
بدوره، أعرب جون كرستوف، عن تقديره "لجهود الحكومة العراقية في مجال الإصلاح الاقتصادي، وقدرتها على تنفيذه على الرغم من التحديات الصعبة"، مثنيا "على الجهود العراقية في مجال تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي بالشراكة مع بقية دول المنطقة الذي يصبّ في النهاية لصالح تعزيز ركائز الاقتصاد الوطني وازدهاره".
وأوضح الخبير الاقتصادي صالح الهماشي، ان تغيير قيمة الدولار امام الدينار امر غير ممكن خلال الفترة الراهنة خصوصا مع ارتباط العراق بصندوق النقد الدولي حيث ان تخفيض القيمة سيفقد الثقة مع هذا الصندوق.
وقال الهماشي، ان "معظم السياسيين ينادون ويصرحون من اجل تخفيض سعر صرف الدولار امام الدينار، في حين ان هذا الامر غير ممكن في الوقت الراهن بسبب وجود التزامات دولية".
وأضاف، ان "هناك اتفاقا مع صندوق النقد الدولي على سعر صرف الدولار الحالي، ومن الممكن ان يتم تخفيض السعر لكن في هذه الحالة فأن العراق سيخسر دعم هذا الصندوق فضلا عن المنظمات الدولية، في وقت يحتاج فيه البلد الى المال". وبين ان "تصنيف ائتمان العراق انخفض الى المرتبة الثانية B بسبب وجود مبالغ بذمة العراق، حيث ان ارتباط البلاد بصندوق النقد يمنحه القدرة على الحصول على الأموال من خلال الاقتراض العالمي، وبالمحصلة فأن مخالفة قرارات صندوق النقد بتخفيض قيمة الدولار يعني فقدان الثقة بين العراق وهذا الصندوق". واكد ان "الحكومة لها القدرة على إيجاد معالجات كبيرة على السلع والبضائع لضمان وصولها بأسعار مناسبة الى المستهلك بدلا من الذهاب نحو التخفيض وخسارة الثقة بينها وبين صندوق النقد الدولي". فيما شخّص الخبير الاقتصادي المحلي باسم عدنان، امس، ثلاثة تحديات تواجه قرار اعادة سعر الصرف في العراق.
وقال عدنان، إن "القوانين رسمت صلاحيات واضحة لملف الإدارة المالية في العراق وهي من اختصاص البنك المركزي الذي يعتبر جهة مستقلة ولا يمكن التدخل بها او فرض قرارات ومنها إعادة سعر الصرف إلى وضعه السابق".
وأضاف، ان "3 تحديات تواجه اي قرار باعادة سعر صرف الدولار الى وضعه السابق أبرزها هي فقدان سيولة مالية تقدر بـ22 ترليون دينار وهو مبلغ كبير خاصة وان امام مرحلة تقلبات متكررة في بورصة أسعار النفط والتي ستجعل أي خطوة قادمة في هذا الاتجاه صعبة بل مستحيلة".
وأشار إلى أن "حكومة الكاظمي ارتكبت أخطاء فادحة جعلت من رفع سعر الصرف أداة لطحن الملايين من الفقراء لأنها لم تحم الأسواق ولم تضع آليات لمنع الاحتكار والمضاربات في المواد الأساسية لتدفع الأسعار للارتفاع بنسبة تتراوح بين 20-50%".
ويدعم العشرات من أعضاء مجلس النواب قرار إعادة سعر صرف الدولار إلى وضعه السابق بسبب تداعيات ارتفاع الاسعار للمواد الأساسية في الأسواق.