طه المراياتي
الجزء الثالث
الكثير يتهم المجاميع التي قاتلت جيش الاحتلال السوفيتي في افغانستان قبل ان تتحد و تعلن عن تشكيلها "تنظيم القاعدة" ، بانها ولدت من رحم جهاز المخابرات الامريكية ، و لكن هذه الكلام فيه اشكال كبير ، اولا ،لان السياسة الامريكية لا تؤمن بصداقات مستمرة بل تؤمن بصداقة تحقق لها مصالحها القومية، فلا يمكن لها ان تضمن الاسلام و حركاته كحليف دائم لانه في النهاية هو عدو شاؤوا ام أبَوْا، و لكنللامانة التاريخية ، ان اغلب هذه الجماعات المسلحة التي شكلت فيما بعدتنظيم القاعد جاءت نتيجة مبادرة امريكية لانهاء وجود الاتحاد السوفيتي في افغانستان و اضعافة ايضا على مستوى الصراع من اجل السيطرة على العالم.يعني و وفق مبدأ عدو عدوي صديقى ؛ تلاقت مصالح امريكا مع الجماعات الاسلامية "التي شكلت فيما بعد تنظيم القاعدة"،وهذا لا يعني ان تنظيم القاعدة هو جزء من المنظومة الامريكية التي تقاتل نيابة عن امريكيا او هي جزء تابع لمخابراتها ،قد تكون بعض تنظيمات القاعدة " فروعها و فصائلها" مخترقة دون ادنى شك من قبل الموساد و الـ سي آي أي ، و ربما استغرَبَ البعض من هذا الكلام وربما استبعدَ حدوثه آخرون، غير أن العلاقات بين الولايات الأمريكية والجماعات الجهادية بما فيها الإخوان المسلمين تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، حينما التقى الرئيس الأمريكي «أيزنهاور» مع كبار قادة الحركة الإسلامية حول العالم، وكان من ضمنهم سعيد رمضان صهر حسن البنا و اللقاء كان اهم اسبابه هو توحيد المواقف ضد الشيوعية و ضد مصر عبد الناصر.ففي وقت مبكر اعتبرت أمريكا أن ما تسمى الحركات الجهادية و الإخوان أداة متقدمة لمواجهة الشيوعية والمد السوفيتي، و ظهرهذا للعلن من خلال الدعم الأمريكي للمقاتلين الأفغان في سنة 1978، حيث مثل الفكر الإخواني منطلقًا أيديولوجيا لهؤلاء المقاتلين، قبل تحولهم إلى مرحلة فكرية وحركية أكثر تطرفًا وإرهابًا.
قلنا في الجزء السابق ان امريكا كانت تراقب بكثب عما يحدث في الساحة الافغانية عن طريق جواسيسها المنتشرين في افغانستان و الملتحقين بقوافل المقاتلين و المتغلغلين في المنظومة السياسية والدينية الافغانية و كانت تسيَّر بشكل مباشر و
غير مباشر سياساتها و افكارها و اهدافها و غاياتها حسب المرسوم و وفق سياقاتها الاستخباراتية ... و كانت تعرف بمجرد ان ينسحب الروس من افغانستان سيبدا الصراع الافغاني الافغاني و سيرفع ابن لادن و جماعته الرايات البيضاء لانه يعلم جيدا بان معركته مع الفصائل الافغانية خاسرة، و سيضطر هو ومجموعته (العرب الافغان) الى مغادرة افغانستان .
عام 1994 شهد بشكل مفاجئ ظهور حركة طالبان في جنوب قندهار، واستيلاؤها على الإقليم. وفي سبتمبر/أيلول 1996 استولت طالبان على العاصمة كابل بعد أن اجتاحت البلاد دون قتال، حيث تراجعت قوات التحالف الشمالي باتجاه وادي بنجشير وقامت طالبان بشنق الرئيس الافغاني الشيوعي نجيب الله وشقيقه.و في 25 مايو/أيار 1997 اعترفت باكستان بحركة طالبان حكومة شرعية بأفغانستان وتلتها المملكة العربية السعودية في اليوم التالي، ولحقت بهما دولة الإمارات العربية المتحدة التي اعترفت أيضا بحركة طالبان كممثل شرعي في أفغانستان. و لكن هناك ثمة اسئلة تبحث عن جواب ، اولها ظهور طالبان المفاجئ و المدوي الذي من خلالهاستطاعت في زمن قصير ان تسيطر على اغلب اراضي باكستان و ضمنها العاصمة بمعية و مساعدة ابن لادن وتنظيمه المسمى تنظيم القاعدة. ترى هل جاملت الولايات المتحدة شريكتها في هذا الملف المملكة العربية السعودية و كان انتصار طالبان هو مكافأة للمملكة . طيب لماذا وفرت طالبان ملاذ آمن للقاعدة رغم ان ابن لادنكان على خلاف مع المملكة، ثم على مدار 45 عام منذ اندحار روسيا الى اليوم كانتحركة طالبان و لا تزال هي الوحيد التي تتبوأكرسي الحكم في افغانستان بخلاف كل الفصائل الموجودة في افغانستان ... الا يعني هذا ان طالبان هو خيارامريكا الاول و الاخير عند الملمات.