السوداني يسير نحو الهاوية
2-أيار-2024

علي الشرع
الظاهر ان السوداني بدأ مشوار السير نحو الهاوية التي ركبها سلفيه عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي. فمن اجل حل مشكلة الازدحام فسوف يحول بغداد الى كتل من الكونكريت (ولنطلق عيها كنكرة بغداد مشتقة من الكونكريت) من خلال تشييد المجسرات. ومشروع كنكرة بغداد سيشوه شكل العاصمة المشوه اصلاً لغرض معالجة الازدحامات التي انتجتها سياسات الحكومات المتعاقبة التي جاءت بعد خلاص الشعب العراقي من نظام عات ظالم غشوم يبغضهم ويبحث لهم عن أنواع الأذى والضرر لينغص عليهم حياتهم. ولجوء السوداني الى المجسرات لحل هذه المشكلة امر يثير الاستغراب كون السوداني مهندس زراعي وكنا نتوقع منه ان يحول بغداد الى مناطق خضراء تريح النفس وتنبعث منها رائحة الزهور لا رائحة التبليط، ولا يوجد تفسير لسلوك السوداني هذا سوى أنه يريد الهروب من تهمة لا تفارقه وهي أن جل خبرته تقع في المجال الزراعي، وهي لا تؤهله لادارة الدولة "المخربطة" التي يعاني من سوء الإدارة فيها جميع المواطنين. فالرجل ليس لديه خبرة واسعة متدرجة في الإدارة، فهو يعرف كيف ومتى يسقى الزرع وتوقيتات مواسم الحصاد، اما أنه يتمكن من إدارة الدولة المتشعبة فهذا عبء لا يستطيع تحمله والنهوض به. وكل ما اعرفه عن السوداني انه رجل مغرم بتدقيق القوائم وهذا ما اشتهر به عندما كان وزيراً، ثم كان اول شيء فعله عندما اصبح رئيساً للوزراء هو تدقيق القوائم كما يتذكر الجميع، فما يصلح له -كتقييم له- هو "مدقق قوائم" لا "رئيس وزراء"، والرجل فعلاً قد نجح في تدقيقه للقوائم لكنه فشل في كيفية التخطيط لحل مشكلة الازدحام. والسبب هو أنه اعتمد عل مستشارين فاشلين ورثهم من رؤساء الوزراء الذين كانوا قبله، وهم انفسهم قادوا من كان قبله الى الفشل وقد حذرناهم مرارا وتكراراً من خطورة الاعتماد على هؤلاء المستشارين المخضرمين في الفشل، ولكنهم اغلقوا اذانهم عن سماع النصيحة، الى ان تمت الإطاحة بهم، فتباً لهم، ثم تباً لكل من لا يبالي بمعاناة ولا يكترث لاهات الشعب العراقي المظلوم.
ونشر الجسور الكونكريتية التي احتلت مكاناَ بارزاً لها في وسط بغداد هو حل ترقيعي، فهذه الجسور لن تحل مشكلة؛ لأنها وضعت لتجاوز عقد الازدحامات لا وضع حل جذري لمشكلة الازدحامات. أن حل مشكلة الازدحامات المزمنة (ولوكان ممكناً من الناحية الفنية تنفيذه) انما يتم من خلال ربط الجسور بمناطق طرفية خارج نطاق الازدحامات من خلال مدّها مثلا من مدينة الصدر الى الكاظمية (وليس الى شارع فلسطين) ومن مدينة الصدر الى الكرادة ...الخ، وهكذا، ولا يسمح لاصحاب السيارات استخدام هذه الطرق الخاصة الا من خلال دفع مبلغ مالي (أي انه ليس مجانياً)، والذين يبحثون عن سرعة الوصول ويتأفف من الازدحام سوف يدفع هذا المبلغ، ونكون بذلك قمنا بتمويل تشييد هذه الجسور من المستخدمين وليس من المال العام. ولو تم مد الجسور بهذه الطريقة المقترحة فأنها ستغنينا عن المترو الذي سيسبب البطالة لاصحاب السيارات الصغيرة (النفرات) ولن يخلق فرص عمل كثيرة كما يطمح المناصرون للمترو والمصرون عليه لغرض التباهي والبهرجة لا اكثر.
ثم تفتق ذهن السوداني عن حل اخر ترقيعي لمشكلة الزحام العويصة من خلال فرض توقيتات جديدة للدوام ضربت بالصميم اهم وزارة من اجل خاطر عيون أصحاب السيارات الا وهي وزارة التعليم العالي. وعلى فرض ان مديرية المرور هي من قدمت مشروع التوقيت الجديد للدوام فهؤلاء نظروا الى حل مشكلة من زاوية تخصهم ولا علاقة لهم بدراسة اثارها الأخرى التي يمكن ان تكون اعمق واطول اثرا الا وهي الحاق الضرر بفئة اكثر أهمية من مشكلة الازدحام. اما من يشخص طبيعة هذا الضرر فهو رئيس الوزراء الذي يفترض ان يكون لديه رؤية شاملة عن النتائج السلبية التي يمكن ان تطال فئات أخرى في حال تطبيق مثل هكذا توقيتات، ولا يمكن قبول حل مشكلة على فرض حلها على حساب خلق مشكلة اكبر تطال التعليم نفسه وليس الموظفين فيه فقط (مع ان المشاهدات تقول غير هذا حيث تم تمديد ساعات الازدحام او تفريقه على مساحات زمنية اكثر وبشهادة المرور انفسهم حيث يقولون انه خفض الازدحامات بمقدار فقط 40% وهو رقم صغير لا يبرر ابداً تغيير التوقيتات والمفروض ان تصل النسبة الى اكبر من 70% -80%حتى نقول انه نجح في حل مشكلة الازدحامات). ولو ان مديرية المرور نظرت الى موضوع الازدحامات بعمق لوجدت الحل المناسب الذي لا يسبب اي ضرر لاحد وهو النظر اليه من جانب اخر هو جانب أصحاب السيارات من غير الموظفين، فهؤلاء يجب فرض حظر عليهم بالنزول الى الشارع الى ما بعد الساعة التاسعة صباحاً حيث يكون جميع الموظفين والطلبة قد وصلوا الى اماكن عمله والى الجامعات. اما في نهاية الدوام فمشكلة الازدحام لا يحلها أي اقتراح لا تغيير توقيت الدوام ولا فرض حظر على المركبات؛ لأن بغداد هي العاصمة وتدخلها سيارات إضافية من المحافظات تزيد من حجم الاكتظاظ، مع انه ليس مهما الازدحام في نهاية الدوام مادام الموظفين قد ادوا مهام عملهم ولم تتعطل إدارة الدولة.
وفيما يتعلق بالتعليم العالي المتضرر الأكبر من تغيير التوقيت، وعلى عكس ما يقوله المتحدث باسم الوزارة من ان هناك مؤشرات ايجابية في الأسبوع الأول مع ان الموظفين يأنّون من تغيير التوقيت، فاذا كان هذا صحيحاً فلتنشر وزارة التعليم العالي نتيجة استطلاعها لرأس منتسبيها الذي جرى الاسبوع الفائت، وهل ستأخذه بنظر الاعتبار وترفع هذا التوقيت الظالم عن منتسبيها ام لا؟! والأكثر غرابة ان يستولي الخوف على الموظفين الى درجة انهم اضحوا غير قادرين على التوقيع على التماس يقدم للوزارة يُشرح فيه ضررهم؛ لأنهم يخشون من العقوبات التي يمكن ان تطالهم لو انهم اعتبروا عصاة لاوامر إدارية عليا، والاسوأ منه لو تم اتهامهم بالانتماء الى تيار سياسي منافس يريد تسقيطهم من السلطة فتعم البلوى وتكبر.
ثم الحق السوداني عثراته بعثرة أخرى وهي رفع سعر البنزين قد يكون الهدف منها ليس زيادة الإيرادات كما يفهم البعض بل الضغط على أصحاب المركبات الخاصة بعدم النزول للشارع ومن ثم تخفيف الزحام، وكل هذه التضحيات تجري على حساب المواطن البسيط؛ لأن أجور التكسي وسيارات النفرات سوف يرتفع وسيتحمل أصحاب الدخل المحدود الأعباء الجديدة حيث انها ستنقل اليه وسيحتفظ أصحاب السيارات الأجرة بأرباحهم كما هي من دون تغيير، ومن سيتضرر هو المواطن لا غير.
لا شك ولا ريب من ان السوداني بدأ يسير بنفس المسار الفاشل الذي سار عليه عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي وسيورد موردهم. ولكن الفرق بين الكاظمي والسوداني هو ان الكاظمي كان تابعا للتيار، ومعلوم ان التيار يمكن الوصول الى اي مسؤول فيه والتواصل معه لحل مشكلة طارئة، ولكن السوداني واقع تحت تأثير مظلة الاطار ذات الرؤوس المتعددة، ولا يُعلم أي رأس يمكن قصده لتتحدث معه لحل مشكلة ضارة مثل مشكلة هذه التوقيتات. والسوادني لا رأس له بينهم، أنه ينفذ قرارات يتخذها رؤوس الاطار التي من الممكن ان تكون لهم مصلحة في تقليل الازدحام حتى تزيد متعتهم وهم يقومون بسياقة سياراتهم الغالية الثمن.
ان شكاوى يومية واستنجادات ترد من موظفي وزارة التعليم العالي لاسيما النساء منهم اللواتي يناشدن ولا من مجيب او متضامن معهن، وخائفات ان يطال الضرر -بسبب هذه التوقيتات الظالمة الخاطئة- استقرار اسرهن، لهذا السبب فأنه واجب على كل احد ان يقف ضد هذه التوقيتات المجحفة ويساهم في رفعها فوراً، لا ان ينتظر حتى تنتهي فترة التجريب، فكل يوم يمر من هذا الكابوس يزيد في معاناة الموظفات الأمهات في التعليم العالي التي إن لم يستمع لمناشداتهن فلا سبيل لهن سوى النزول للشارع والتظاهر وبأيديهن اولادهن ( ومعهن الطلبة الذين يبكون من هذا التوقيت السيء) وسيقف معهم بقية المواطنين المتضررين من سياسات السوداني برفع سعر البنزين المجحف كما فعل أصحاب البسطات التي كسرها وازالها بالقوة عادل عبد المهدي حتى يحقق شعاره (من اجل بغداد اجمل) على حساب المستضعفين، فتمت ازالته من السلطة التي كان يحلم بها كما حلم بها السوداني ونالها، فليخاف على حلمه ان يتبخر كما تبخرت أحلام عادل عبد المهدي والكاظمي، ومن الواضح ان الاطار التنسيقي يريد ان يحرق ورقة السوداني بسرعة فورّطه بهذه الحلول حتى يزداد السخط عليه ولا يطالب بدورة رئاسية ثانية.

النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech