"العالم" تغطي نتاجات طلبة منتدى القصة القصيرة والشعر في كلية الفنون بجامعة بغداد
27-آذار-2023
العالم/ خاص
تبادر صحيفة "العالم" الى تغطية نتاجات طلبة (منتدى القصة القصيرة والشعر) في جامعة بغداد ـ كلية الفنون الجميلة ـ قسم الفنون السينمائية والتلفزيونية.
وانبثقت فكرة المنتدى من درس الدراما الذي يقدمه الأستاذ الدكتور ياسر الياسري؛ إذ تعد القصة القصيرة نوعا من أنواع الدراما. فمع وجود عدد كبير من الطلبة الموهوبين، تم تأسيس المنتدى، ليحتضن تلك المواهب، ويعمل على إنضاجها وتنميتها، عبر استضافة قصاصين وروائيين كبار لتقييم تجارب هؤلاء طلبة المنتدى.

حرب آلهة القصب ...

.
هاني محسن
في ليلة من الليالي كان الظلام دامسا، فيها وضوء القمر كان خافتا بسبب حزن الاله سين ولا يكاد يسمع في تلك الليلة الا صراخ الامهات ودموع فراق الاحبة اصوات جموع من البشر امتزج قبري بالدماء اه اللعنة بالكاد كانت الارض تمتص هذا الدماء امتزج قبري بالدماء وفزعت من ذلك الصوت لا اعلم ماذا كان ذلك الصوت ولكنه صوت امره بعد ركود دام الاف السنين، اهتز قبري بعد ما اغتظ قبري بالدماء عدت الى الارض مجدا خرجت من تابوتي وبدأت اجوب بلاد الرافدين وانا كلي استغراب واستعجاب ما الذي حصل، لكم لبثت في قبري. ما الذي اراه في عيني هل اصابت بلادي لعنة ام ماذا رعيّتنا يتقاتلون في ما بينهم، رعيتنا يقتلون اخوانهم، ما الذي حصل بالضبط في بلاد الرافدين اصوات عالية جدا بعضها مفهوم وبعضها غير مفهوم، ما الذي حصل: هل ازالت الالهة لعنتهم، ام ما ما الذي يحصل لاناس يركضون وجثث كثيرة. اصوات عالية تنطلق من المعادن، معها شرارة لقد خفت من ذلك المعدن: هل هو سحر اسود ام ماذا؟ ما زلت صورة ذلك الشاب الجميل لقد تلطخت بشرته السمراء بدمائه وكان ناظرا الي وكانه يقول لي انقذني لقد تجمدت في مكاني، فجأة انبثق نور ساطع من السماء ارتفعت من الارض واذا بي اجوب سماء بلادي وهي لا تخلو من السنة النار وأعمدة الدخان الاسود. القصب الاخضر والاصفر يحترق والارض مملوءة بدماء المحاربين يقتلون ابناء جلدتهم. ما الذي يحصل لم تكن الاوضاع هكذا عندما لعنتني الالهة، بسبب تمردي فجأة عدت الى العالم السفلي ووجدت الالهة جميعهم مجتمعين، وقد قالوا هذا جزاؤك ان تلعن بسبب تمردك واختيارك، ثم قال يا نركال لقد امر الحاكم الحالي لبلاد ما بين النهرين بوضع المناضل في المعصرة حتى يتفسخ لحمه ويصبح جسده اجزاء متناثرة، حتى لا يتذكر احد نضاله. هم لا يعلمون ان هذا المناضل سيصبح شمعة يستضيء بها رفاقه المناضلون اننا اليوم نقف امام تحدٍ وموقف عظيم ومصير سيحدد مستقبل ارض الرافدين بين الازدهار والخراب والموت والحياة. لقد قررنا ان نرفع لعنتك فهل لك ان تساعدنا ولم نجد شخصا متمردا اكثر منك فهل لك القدرة على محاربة ومقاومة ابناء جلدتنا المرتزقة المنشقين، وطرد وانتصار رعيتنا على المحتلين. لقد جلت في ارض بلادك وقد رأيت الذي حصل لم اهتم لكلامهم بقدر اهتمامي للاله ايل. كان ينظر الي بعينين حمراوين من الغضب، وقد ابيض شعره، وكانت ملامح وجهه عابسة.
لم انطق بكلمة، وقد عدت الى العالم الاعلى ومعي الاله نحول، والاله وسين، وحيواننا الطائر عدنا الى بغداد، الى ارض المعركة ووجدت الاوضاع مضطربة، اكثر من ذي قبل، فقلت نحول اهتمي ببركاتك وقدرتك على الجرحى، وسين عليك بالجنوب وقبل رحيل كل منهم على مهمته، قلت لهم هذا الحرب هي طريق طويل من الدماء ومعتم جدا، وفي غاية القذارة والبؤس وامام هذا الطريق جدار شاهق الارتفاع وعلى يمين ويسار ومنتصف هذا الطريق رجال مقنعون من ابناء جلدتنا، الذين يحمون اعداءنا وبعد هذا الجدار يوجد اعداؤنا الحقيقيون. نحن الان اشبه بسفينة نوح ومع ذلك يجب ان اعترف ان اعداءنا حقراء جدا وسفاحون ومتعطشون جدا منذ ذكر معركة بين العراق وبلاد فارس وعلينا ان لا نستهين بهم. انها حرب بين طرفين: طرف مدجج في الاسلحة وطرف عاري اليدين. سنخوض هذه الحرب ويجب ان نفتخر بها لان المحاربين يتفاخرون بحروب خاضوها بالسلاح، ونحن نتفاخر بحروب خضناها عزل، وقبل انطلاقكم اتمنى ان يحالفكم الحظ والتوفيق في حربنا، لكي نتمكن في الحفاظ على حضارتنا وشعبنا وامجادنا، ومن واجبنا ان ننتصر في هذا الحرب لعدة اسباب
اولا، لأننا الهتهم وثانيا لانهم اعداؤنا منذ الازل، ونحن لا نخشى المخاطر والصعاب فاندفعوا وانطلقوا وراء الحق غير آبهين للمخاطر. اه شعبنا يمتلك عزيمة جبارة ولا تخافوا، ثم تعانقنا في ما بيننا واسرعنا لركوب ثيراننا الطائرة وعند انطلاقنا كانت الشمس تلوح في الافق وصلت الى بابل توقفت على احد اسطح الابنية العالية واخذت اراقب الاوضاع بكثب وقد علمت ان في هذا الحقبة الزمنية الدمار والفوضى يعمان ارجاء البلاد نتيجة الصراع الدموي بين احرار ونبلاء العراق والشسمة حتى ان الرئيس نفسه كان في الصراع الخفي مع الشسمة لاستعاده سلطته. راح قطاع الطرق والمرتزقة الموالون الى الشسمة يعتدون على الثوار المتمردين والنبلاء والمثقفين يسرقون ويستولون على الاراضي ويفرضون الجباية ويقتلون ويغيبون ويكفرون. وفي وسط هذه الفوضى والدمار ظهر في احدى المدن شاب في مقتبل العمر متوسط القامة اسمر البشرة اسود العينين ذو شعر طويل ظاهر على شكله دلائل العزم والذكاء قد كان مهتما في الفن والادب منذ نعومة اظفاره لم يكن هذا الشاب سوى علي الابن الاصغر لمحمد. في ذات يوم من ايام عام ٢٠١٩ عندما تأزم الوضع جدا واستشرى الفساد ولم يعد يحتمل الوضع، عزم هذا الشاب على مغادرة المنزل للمشاركة في التمرد والثورة ضد السلطة الفاسدة واعوانهم قاصدا ارض التحرير في مدينة المجد والدمار ومحطمي امال الابطال المتمردين مضجع السلطة الفاسدة في بابل املا في الحصول على حياة كريمة ومع ذلك كان الشاب اصغر فرد في العائلة وحب امه له كان اقرب الى الجنون الا ان امه لم تعارضه، بل شجعته على المشاركة في الثورة مع انها تعلم ان ولدها ذاهب الى الموت عانقت مروة ابنها وأعطته ثلاثة اسلحة
صوتها الحر الذي ارعب الشسمة ولم تعل اصوات بنادقتهم ومدافعهم وبدرعها، علمها العراقي ليصد به رصاص الغدر، وقلم لإيصال صوته الى ابعد الحدود.
ثم قالت له والدته ادعو ايل ان يحالفك الحظ والتوفيق ولا تعد الى المنزل قبل ان تسترجع وطننا من الاوغاد وحفظ شرف حضارتنا الرفيع وامجادها وتذكر ان عليك واجب مقدس وهو الاحتفاظ بشرف اسرتك وحضارتك لأنك كوالدك تحمل لقب سيد القصب. قالها جدك لوالدك قبل ان يذهب للحرب ومن قبله اجدادك واجداد اجدادك واحرص على ان تكرس حياتك من اجل الحرية والوطن فقط ثم قامت الام الحنونة وتحملت على الرغم من هرمها ونهضت من الكرسي وربتت على ظهر ولدها وهي تحدق به بشكل بين العزيمة والانكسار وقالت تذكر يا ولدي ان الفتى الثائر مثلك يتمكن ببسالته وشجاعته وتضحيته ان يشق طريقه الى الحرية. انت الان في مقتبل عمرك ويجب ان لا تخاف لسببين: اولا لأنك تنتمي الى وادي الرافدين المعروف عنها بإنجاب الرجال الاقوياء والمحاربين الشجعان. وثانيا لأنك ابني وتحمل لقب والدك سيد القصب. لهذا لا تخشى المخاطر ولا تخشى من اصوات بنادقهم ومدافعهم فصوتك اعلى من جميع اصوات الاسلحة وقلمك اقوى من اقوى الاسلحة
فقاتل ولا تخف وتمرد. ولست اجهل انت ستواجه بتمردك هذا الموت والعذاب ولكن هذا جزاؤك ان نموت فداء لصوتك، واختيارك انت تسير على نهج والدك. انك بتمردك تتحدى المرتزقة المدججين في الاسلحة والقانون الجائر، واخيرا ليس في جيبي الا 15000 الف، اقدمها لك لتستطيع بها ان تشق طريق ثم عانقت الام ابنها وقبلته على وجنته، وقالت اذهب الى هدفك بحراسة ايل ورعايته. واخذت تردد على سمعه بين الدموع والنصائح
استيقظ الشاب على صوت قاطع التذاكر، وهو يقول افق ايها الشاب لقد وصلت الى بابل. نزلت من العربة واخذت اتمشى الى ساحة الحرية لم تكن هذه المرة الاولى التي تطأ قدماي بابل. اه بابل لقد طال الفراق بيننا فكيف حالك هل بقيت بشموخك ام هرمت. انسي هذا الالم. انها مسالة وقت ولن تدوم طويلا، فسنعيد شموخك ولمعانك وقطعنا عهدا على انفسنا: الفكرة تلح علي كثيرا، هل استطيع ان لا افعل وان اعود؟ قطع تفكيري اصوات القنابل وصرخات البشر كان المنظر بشعا جدا: دخان الاطارات المشتعلة يغطي المكان اصوات تنبيه السيارات يعلو لإنقاذ الجرحى. اصوات المشيعين للمحاربين اصوات المدافع في ساحة الحرية لا تسمع سوى صرخات الجرحى واصوات عربات الإسعاف والمدافع والقنابل كنت اقف في وسط المعركة أشعلت سيجارتي. وبدأت افكر هل نستطيع ان نقاتلهم هل نستطيع ان نسقط نظاما كاملا؟ هل وهل الف علامة استفهام تدور في رأسي تذكرت البارحة عندما سمعت ذلك الصوت كان المنظر مخيفا انبثق ضوء ساطع من الارض الى السماء، ام من السماء الى الاض لا اعرف ما حصل بالضبط اصوات المدافع والبنادق قد صمتت بدا المسعفون بنقل الجرحى الى المشفى ونقل الشهداء الى الطب العدلي مباشرة ليأتي ذووهم ويستلمونهم من هناك وكان هذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة تقدم علينا الاعداء وهم يرتدون ملابس مدنية استغلوا انشغالنا بنقل الجرحى وراحوا يهجمون علينا باستخدام الهراوات وعلى اخمس بنادقهم كان نصيبي اربع ضربات لكن الكثرة تغلب الشجاعة هربت بجسدي وتوقف بجانبي احد سائقي العجلات وذهبنا الى المستشفى لتضميد جراحي ولتفاقم الالم في جسدي خرج الي الطبيب وقال لقد اصبت بكسر طفيف في احد اضلعك ابتسمت له ولم اقل شيئا، ثم قال اخرج بسرعة قبل ان يلقوا القبض عليك فضحكت وخرجت بسرعة هربا من الاعتقال وعند وصولي الى ساحة الطيران رأيت شابا كثيف الشعر متوسط القامة ذا بشرة سمراء كان يشعر بالناس وقد الهمني عندما قال
ويقتلونا وبإسم الله صائحهم هذي حدودي تعالوا جاهدوا بدمي بل احرقوني علَّ الخطبَ يحتدمُ لم يكمل الشاب قصيدته حتى سمعنا صوتا مرعب جدا صدع من السماء
سأحرصُ شخصيا على ان تفقدكم بابل ونينوى والناصرية الصواب الارض التي حكمتها قبل الاف السنين
ومن هنا بدأت بداية النهاية
عملاق هبط من السماء بثور مجنح راح يهجم ويضرب ويقتل
وهو يقول بصوت مخيف جدا جعلهم يتراكضون ويضرب بعضهم بعض من شدة الفزع
صوت الموت
هنالك صوت مخيف لا احد يعلم من اين مصدرهُ انهُ انين او صراخ لايمكن ان تميز بينهُ عند سماع هذا الصوت سيموت احد اجل لقد مات احد بسبب هذا الصوت الذي يصدر من مكان مجهول لاكن انا اعرف ماسبب هذا الصوت كلما ارتفع صوت الحرية مات احدهم وبدأ الصوت بـ الصراخ الحرية جزائها ان تموت وانتَ تنظر الى ايل وتبتسم لهُ
الرقصة_أخيرة
افواه المدافعِ تئنُ أفواة البنادق تبكي لاشيء يوقفُ الأصابع الأرض الجائعة وهاهي تبتلع قلوبنا لاشيء يوقف الأرض وهنالك خلفَ الجدران نايانِ يعزفانِ لم يعد هنالكَ سنديان السماءُ تُلهينا بالمطر ليلاً وتسرقُ أرواحنا فجراً. طيرانِ يهاجرانِ وشجرة العقودِ يصيبها الخريف فيموت التأريخُ قبلَ ميلاده وتولد ثورة من رحمِ الحرمان لعنةُ الموتِ والغدر وتحملُ كيس دمٍ وتراب قيثاران حزينتان تُغنيان أغنية الرحيل. والبجعُ يرقصُ أمام بركتهِ رقصة أخيرة من بين صرخات الجموع إنهُ نبضها هذه صرختها هذا عطرها أشعر بها لقد عادت لتوقف الأصابع لتوقف الأرض والأن القيثاران تغنيان والنايِان يعزفان
عادت الحرية
عادت الحرية


حافلة

أحمد باقر طاهر
"كان يوما آخر سيئا كغيره في عالم بلا معنى ، لا أعرف حقا ما الذي يبقيني حيا، أعيش على انتظار شيء لا أعرفه، أعرف جيدا أن روحي خاوية ومنطفئة، بينما يذبح الملل قلبي ويطحن روحي ثمة شيء خفي يدفعني للاستمرار، ربما الغريزة ليس إلا ، أحب الحديث لكني لا أجد من أحدثه ، أعيش مشردا ككلب أجرب منبوذ وأقضي معظم الأوقات في الشوارع قبل أن أعود لشقتي المتهالكة ، لا أقصد مكانا بعينه لكنني أستقل صباح كل يوم حافلة تأخذني معها إلى حيث تتوقف ، أجلس دائما على المقاعد التي تتوسط الحافلة بالقرب من النافذة ، تكون أذناي في الداخل ، أما عيناي فتتأملان دبيب الحياة في الشوارع ، توقفت الحافلة عند تقاطع مرور ي ، شاهدت على الرصيف قطة سوداء ميتة ، كانت مرضعة ، عرفت ذلك من أثدائها البارزة ، يسير باتجاه الحافلة شاب صغير ربما في السابعة عشر من عمره ، كانت خطواته حزينة ، يرتدي ملابس كبيرة فضفاضة ، شعره طويل ، يحمل بيده كتابا أصفر ، صعد وجلس على المعقد الذي بجانبي ، رحت أحدق فيه ، وجهه شاحب ، شعيرات دموية تملأ بياض عينيه ، كان شارد الذهن كما لو أنه لا ينتمي لهذا العالم ، بأصبعيه الأوسط والإبهام ينتف شعر بارز على وجنتيه ، اعتقدت أنه يتعاطى المخدرات بسبب المكان الذي جاء منه ، راحة يده اليسرى مليئة بالجلد الأصفر الميت ، أثار اشمئزازي وشفقتي ، كما شعرت بنوع من الفضول إزاءه ، ما الذي يدور في خلده ؟ غريب أمرها هذه الحياة ، يحتاج الإنسان لعابر ينصت له ، قلت في نفسي سيبوح لو سألت ، محاولا الحصول على إجابة، قلت له : بني ما بك ؟ عيناك ستنفجران ! أدار وجهه عني، قال بصوت أجش : أبحث عن طريقة…! شعرت أنه كان ينتظرني أن أسأل ، نظر لي بعينيه الحمراوين وأردف قائلا : كانت تجلس على سريري ، تغمض عيني برقة ، تضع يدها على رأسي ، فتتحرك أصابعها في شعري ، اعتدت أن أنام على صوتها وهي تقرأ ، كانت أمي تقرأ لي قصص الأنبياء فقط، منذ نوح وأنا مستيقظ! ثم صمت كحمل وديع ، كانت الإشارة تضيء باللون الأحمر ، توقفت الحافلة مرة أخرى ، نزل الشاب الذي بجانبي دون أن يودعني ، كادت أن تصدمه سيارة وهو يعبر الشارع ويسير باتجاه مطعم ، إنه مسكين، لم يكن سوى نطفة تعاني كملايين النطف الأخرى، لكنه ملهم، عندما أعود لشقتي سأبحث عن طريقة أيضا ، وسط ضوء النهار وغبار شوارع بغداد الوعرة وضجيجها ، مضت الحافلة تشق طريقها نحو المرآب باحثة عن ركاب جدد".

بالون ابيض


امير باقر
كان الجد صادق وحيدا يشاهد التلفاز وهو ممدد على الاريكة، اذ لم يتبق شيء او احد في عالمه الاخير يسليه وينسيه همومه سوى اناس يملون عليه ما يشاؤون دون ان يستمعوا اليه، يراهم كل يوم وكل ساعة، الى جانب التلفاز، على الحائط كانت هنالك صورة معلقة ومؤطرة باطار قديم ورث، كانت في الصورة امراة تبدو كانها في الاربعين ولكن يبدو عليها ايضا انها اكبر من ذلك بكثير، احيانا تبدو كانها تنظر الى الجد صادق وهو يشاهد التلفاز، او عندما يغلق عينيه المتعبتين وينام، او عندما تحضر له مريم حفيدته الصغرى الطعام ومن ثم تراقبه وهو ياكل بصمت. عندما لا يبقى شيء يشغل الجد الصادق به نفسه ينظر الى الصورة، يتاملها فتعيد له الذكريات ومن ثم ينظر الى الشريط الاسود في ركن الصورة فتدمع عيناه بانصاف الدموع ثم يجهش بالبكاء، ولكن بصمت، ثم يجبر نفسه على الانشغال بشيء اخر فيهدأ ويعود الى يومه.
دخلت مريم الى حيث كان الجد صادق. وبخطوات مترددة وصلت الى جانب جدها، لم يكن قد احس بها وهي تدخل من باب الغرفة، لمحت عيناه تبكي، فسالت نفسها مستفهمة عن سبب بكائه. نادته بصوت متردد فلم يسمعها في المرة الاولى نادته ثانية فانتبه اليها واقفة الى يساره، بلا حراك، وهي تتفحصه باستغراب. ادار وجهه الى اليمين ومسح دموعه بيده، ثم نظر اليها فقالت وفي صوتها تردد:
- لا احد في البيت، هل تشتري لي الحلوى من الدكان، ياجدي؟
تطلع اليها جدها وهو يحاول حبس حزنه ودموعه، تمالك نفسه، ثم سألها بصوت متباك:
- اين امك؟
- لا ادري،قلت لك ياجدي ان لااحد في البيت.
سال الجد صادق نفسه ما الذي عليه فعله؟ فهذه الطفلة هي بدورها وحيدة مثله. امها وابوها قد اخذتهما مشاغل الحياة وتركوها تحاول اسعاد نفسها بنفسها. كان الجد صادق قد تقدم في العمر كثيرا ولا يستطيع ان يتخلى عن عكازته، اذ لم تعد قدماه تسعفه على المشي، ولكن وبرغم كل ذلك لم يرفض طلب الصغيرة، استجمع قواه ونهض من على الاريكة. التقط عكازته بيده اليمنى، ومد يده اليسرى لمريم، اخذت يده، وخرجا من البيت. كان الجو عاصفا بالرياح السريعة، واشعة الشمس قليلة احيانا تنفذ من خلال الغيوم واحيانا لا. قاوم الجد صادق صعوبة الجو وتوجه مع حفيدته باتجاه الدكان.
وهما في طريقهما الى الدكان، حين كان الجد صادق شاردا بنفسه ماشيا بخطواته الوئيدة باغتته مريم بسؤال، قالته ومن دون مقدمات: من تلك المراة في الصورة يا جدي؟ اجابها بصوت بدا وكانه قادم من بعيد "انها جدتك". باغتته بسؤال اخر حين قالت: اين هي الان؟. نظر اليها وهي تمشي الى يساره ممسكة بيده، كانت تحدق في عينه تريد اجابة، فاجابها بالصمت ثم ارجع نظره الى الارض، ثم اعاد سؤالها لنفسه، فلم يجد له جوابا.
عند وصلهما الى مشارف الدكان، افلتت مريم يد جدها وراحت تركض وتتقافز، دخلت هي اولا ثم دخل الجد صادق بعدها، القى السلام على من هم في الدكان فلم يرده له احد، وكانه رجل خفي، كان المكان قد ملأه ضجيج الصغار، وقف متسمرا لا يعرف ما يفعله. اشترت مريم حلواها وثم جذبها شيء اخر كعادة الصغار، كانت هنالك مجموعة من البالونات الملونة منفوخه ومشدودة الى عمود، راحت تسال جدها لشراء واحدة فاذن لها، عادت الى البائع وطلبت منه ان يعطيها واحدة. وقالت له ايضا انها تريد التي لونها ابيض، لمحها البائع وفي عينه شيء من العجب؛ اذ ليس من عادة الاطفال ان ينجذبوا الى البالونات البيضاء بوجود الالوان الاخرى. خرج الجد صادق من الدكان ثم خرجت مريم وراءه، امسكت يد جدها بيدها اليمنى والبالون الابيض وكيس الحلوى بيدها اليسرى، وانطلقا الى البيت.
عند دخولهما الى البيت، كانت هنالك حديقة في فنائه، يابسة، تربتها مصفرة وكانها صحراء: اشجارها عارية من دون اوراق، لا عصافير ولا حمام، تفحصها الجد صادق بعينيه، فلم يستطع النظر اليها وهي في هذه الحالة، اذ كان في السنوات الاخيرة يرعاها بيده ويحافظ على خضرتها كالبستان، ولكن اصابه المرض، فاهملها.
عاد الجد صادق الى فراشه ثم نام، مر بعض الوقت، وعندما كانت مريم تلعب في فناء البيت هنا وهناك تركض وتتعب تكف ثم تعاود اللعب، عندها وفي لحظة بدا وكان الزمن قد توقف فيها. افلت البالون الابيض الذي كانت ممسكة به، وقفت متصلبة في مكانها لا تعرف ما تفعله، وهي تنظر الى البالون وهو يرتفع الى السماء، ركضت لتطلب مساعدة جدها، دخلت الغرفه، كان نور الشمس لم يعد موجودا، والظلام اشبه بسواد عين، نادت جدها فلم تلق منه ردا، عادت مسرعا الى الفناء، بكت...
كان البالون قد اختفى.
النهاية

حرب البطاقتين

حسين اياد الياسري
في المقبرة كان هناك عجوزاً يعتبر شيخ الموتى و هو من يدير أمور المقبرة و في احدى الصباحات يجلس الشيخ من النوم ليرى رسالة من الله مكتوب فيها مرحبا يا حاكم و شيخ المقبرة هذه هدية مني انا الرب عبارة عن بطاقتين عودة الى الحياة لشخصين من الموتى اللذين ماتا في هذا اليوم سيرجعان الى الحياة رحمة مني وهذه الهدية بمناسبة ذكرى خلق الارض بعدما يقرأها حاكم المقبرة يقف قليلاً في حالة ذهول ثم يقول سانتظر حتى الظهر لمجيئ بعض الموتى بعد ساعة من الزمن تأتي بنت اسمها رهف تلتفت يميناً وشمالاً وهيّ يوسف اين انت يا يوسف يذهب اليها حاكم المقبرة ليتعرف عليها وكيف ماتت وعن ايّ يوسف تتحدث سألها فقالت له انا رهف انتحرت اليوم مع حبيبي يوسف لان اهلي رفضوا ان نتزوج بسبب الفوارق الطبقية كوني من عائلة ثرية وهو من عائلة فقيرة ثم يأتي حبيبها يوسف ويقفا يتحدثا بكل شوق ويقولوا نحن انتحرنا كي نبقى معا نتمنى لو لم نفعل لاننا سنفترق عند دفننا هنا يفاجئهم حاكم المقبرة بالبطاقتين ويقول لهم بامكانكم ان ترجعا الى الحياة هذه هدية من الرب لكن لا استطيع ان اعطيكم الان عليّ ان انتظر مجيئ موتى اكثر لأعرف من يستحق العودة يتفاجئا و يصيبهم الفرح و الحزن بذات اللحظة فهناك امل للعودة لابد للقتال عليه و بعد فترة زمنية يأتوا شابان يقبل إليها حاكم المقبرة ليسأل عنهم فيقول احدهم انا حسام كاتب مسرحي وهذا صديقي أسامه ممثل متنا في حادث سير و نحن نذهب الى المسرح لدينا عرض يذهب ريعهُ للأطفال المرضى في المستشفيات لكن البري اخذ امانته و لم نحقق هذا الحلم يفاجئهم الحاكم بآمر البطاقتين لكن يقول لهم هناك حبيبُ وحبيبته ينافساكم على هذه البطاقتان و لا اعرف لمن اعطيها اراد حاكم المقبرة إشعال صراع بين الطرفين ونجح بذلك كي يستلذ بهذا الصراع يقف امامهم يخرج اربعة خناجر من تحت ملابسه ويرميها امامهم بعدها يرفع يده عالياً ويرمي البطاقتين بالقرب من الاربعة ينظر الجميع للخناجر والبطاقتين بعدها يتأملون بعضهم الاخر ويظلون جامدين في مكانهم دون حراك صمت لفترة قصيرة لا احد يتقدم لأخذ البطاقتين ينهار حاكم المقبرة يقوم بتمزيق البطاقتين امام انظار الجميع ويغادر المكان بالم واضح الاربعة يظلون على وقوفهم بشموخ.

النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech