المشتبك.. يوميات الوزير الذي لا يكل ولا يمل!
8-نيسان-2023
عمار البغدادي
ورث وزير الداخلية عبد الأمير الشمري تركة ثقيلة من المعرقلات "الداخلية" ونكوصا عن أداء عدد مهم من المسؤوليات الوظيفية "وقلة معرفة " في سياق مهم جدا من المديريات والاقسام والشعب والوكالات وفي كل واحدة من هذه السياقات شكلها ورجالها وشبهات الفساد التي تحوم حول مسببها لذا فان هذا المرفق الأمني المهم يشبه السيارة القديمة التي شدت لها الحكومة الحالية مكينة جديدة !.
باشر الوزير "الهميم" فور وصوله الى كرسي الوزارة باجراء مجموعة من المهام والافعال وصياغة سياقات جديدة على خلفيات فهم ورؤية عميقة عارفة بالازمة عبر رجال من اهل الخبرة وهم ضباط كبار في وزارة الداخلية عرفوا بالنزاهة والمعرفة والهدوء في معالجة الإشكاليات البنيوية التي عانت وتعاني منها الوزارة إضافة الى ذلك ان هؤلاء الرجال الخبراء لايجاملون أحدا ولايرتابون من شيء ولايقلقهم شي مماثل باستثناء القلق على الامن وهو قلق دائم وهاجس إعادة الوزارة الى سابق عهدها وزارة سيادية عارفة وقادرة على حل المشكلات والعقد التي واجهت الوزير في مستهل استلامه الوزارة .
ولان الوزير الشمري يؤمن بالشورى ويفهم اطارها النظري والميداني فقد كان واحدا من اهل الخبرة في جلسات هيئة الراي وفي النقاشات التي تجري لمعالجة مفصل مهم في الوزارة او التطوير لمرفق او القيام بإصلاحات عميقة تتناول جانبا نوعيا من جوانب عمل الشرطة لاتكاد تتبين الوزير من الخبير .. فهو كاحدهم لايمارس أي نوع من الاملاء بل يتيح هامشا يشعر فيه اهل الراي انهم امام مسؤولياتهم المهنية والتاريخية وعليهم ان يؤدوا الأمانة الى أهلها ويقدموا الراي الحصيف والعميق والصادق وان لايجاملوا في ذلك وهو يقف الى جانب الراي السديد ويسجل الملاحظات ويناقش ويتقن فوق هذا وذاك فن الاصغاء !.
هذا لايعني ان الوزير الشمري يشاور في الامر من موقع المصغي انما يناقش من موقع الخبرة والعمق والوضوح لكنه في نهاية الامر يتبين الراي الاصوب حين يكون في موقع الراي الصائب وهو سر نجاح تجربته في استقدام من يستعين بهم اليوم من اهل الخبرة في هيئة الراي .
على المستوى الميداني تشهد البلاد نوعا من الاستقرار الأمني المريح في المدن والمحافظات العراقية التي ساد فيها في الفترة الماضية نوع من التوتر والاضطرابات الأمنية السبب في ذلك ان الوزير دخل على خط الموضوع الاجتماعي والتقى من بيدهم ناصية الحل والنفوذ من الشخصيات الاجتماعية والعسكرية والأمنية والشعبية وادرك وهو المدرك منذ بداية حراك 2019 في ساحة التحرير ان ثلاثة ارباع الازمة السياسية في البلاد تكمن في الموضوع الاقتصادي وما استعصى في السياسة يحله الاقتصاد والاستثمار وفتح المجال امام الشركات المحلية والعربية والأجنبية للعمل في البلاد والاستفادة من الطاقات والامكانيات الوطنية في الداخل .
الأهم من ذلك كله ان الوزير الذي يتحدر منبته من الجنوب يفهم المزاج الشعبي العام إضافة الى اطلاعه على تفاصيل الازمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد والدور الذي لعبته عدد من اللوبيات "السرية" في توفير الأجواء وايصال البلاد الى هذا المستوى من الشحن المستمر!.
زياراته المستمرة لمناطق التوتر الاجتماعي ولقائه الاعيان والطبقات الوسطى من المجتمع وحراكات وطنية معتدلة وفر الأجواء لفهم مشترك يؤكد على المنجز الوطني وإمكانية التوصل الى حلول تجنب البلاد الانزلاق في الفتنة السياسية التي ان اشتعلت فلاتبقي ولاتذر ويلح على المضي في التصالح ما بين المجتمع ومطالبه الوطنية المشروعة وحكوماته المحلية إضافة الى محاولة إيصال هذه المطالب وبالطاقة الكهربائية التي تملكها الى صاحب القرار السيادي والسياسي الأول في البلد .
اعتقد وعلى ضوء الحسابات الميدانية المنظورة ان حراك الوزير الاجتماعي ولقائه بالفاعليات الشعبية والعشائرية والأمنية في الناصرية مثلا وفرت الأجواء لقيام نوع من الفهم الوطني المشترك القائم على حماية البلاد من المضاربات السياسية التي يراهن البعض عليها لاشعال الفتنة في بيادر المدن التي تنتظر حلول حكومة السوداني الموضوعية مثلما اصبح هنالك نوع من الثقة النوعية والكبيرة بجهود الحكومة في الحل عبر داخلية الشمري التي تعمل بشكل متساو على الامن والاجتماع والاستثمار وتحريم استخدام السلاح وملاحقة جماعات الحيازة وفرض القانون بقوة القانون الذي يستند الى الاجماع الشعبي واراء العقلاء واهل الخبرة والحل والعقد في المحافظة.
ميزة الشمري ان وزارته لاتعمل بقوة القانون النافذ دون الاستعانة بقوة القانون الاجتماعي والتفاهم مع البنية الشعبية وحمولاتها العشائرية والقبلية والزعامات المحلية .. لقد حدث ان اشتغلت الدولة العراقية في السابق بقوة القانون في فرض القانون دون الاستعانة بالهوامش الاجتماعية والزعامات القبلية والعشائرية والتفاهم معها لصياغة عقد اجتماعي لحماية الامن واستقرار الأوضاع لكنها لم تستطع انهاء المشكلة من الجذور وبقيت المشاكل قائمة عكس الحكومة الحالية التي تعمل على حل دائم وقيام الدولة العراقية التي يشعر مواطنوها بالاستقرار والذهاب الى الاعمار والاستثمار بدل الاستثمار بالدم واعمار المزيد من المقابر !.
وزارة الداخلية بادائها الحالي وحراك وزيرها على المستويات الخاصة بالبنية الداخلية للوزارة وذهابه الى حراك الواقع الاجتماعي والحاجة الى مصالحة دائمة وإقرار الحقوق المدنية تكون قد دشنت عهدا جديدا من التوازن والعمل على الاولويات الامنية النوعية.
نحن امام ظاهرة في الامن تعمل على إقرار الحقوق بالتزامن مع العمل على توفير البيئة الموضوعية لقيام الامن الدائم .