بغداد ـ العالم
سلّطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الضوء على العلاقات التي تعمّقت بين روسيا وإيران، ما يشكّل "مصدر قلق" بالنسبة لواشنطن.
وأوضحت الصحيفة أنه بعدما كانت علاقات البلدين ضعيفة حتى هذا العام، بسبب تضارب الأجندات في سوريا وشكوك إيران التاريخية في التدخل الأجنبي والدور التاريخي لروسيا كقوة مهيمنة في آسيا الوسطى والقوقاز، دفعت العزلة الدولية البلدين نحو مزيد من التعاون التجاري والعسكري، حيث سرّعت الحرب الروسية على أوكرانيا الجهود المبذولة في هذا الإطار.
وأشارت إلى أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان وصف، مؤخراً، العلاقات الروسية الإيرانية المزدهرة بأنها "تهديد عميق"، مضيفاً أن الدولتين تشتركان في معارضة النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، ويعاني كلاهما من عقوبات أمريكية صارمة.
تعاون عسكري وتجاري
وأوضحت الصحيفة أن أي تحالف روسي إيراني أوثق، من شأنه أن يساعد كلا البلدين على التخفيف من تأثير العقوبات الغربية، من خلال إيجاد أسواق جديدة لمنتجاتهما وتعزيز التعاون العسكري، الذي يمكن أن يساعد موسكو في حرب أوكرانيا وأنشطة طهران الإقليمية في الشرق الأوسط.
في يوليو (تموز) الماضي، أصبحت إيران أكبر مشتر للقمح الروسي في العالم. كما أطلقت روسيا هذا الشهر قمراً صناعياً إيرانياً إلى الفضاء في نجاح نادر لبرنامج طهران الفضائي.
وبينما أشارت إيران إلى أن القمر الصناعي سيساعد في تعزيز "القدرات الإدارية والتخطيطية" في الزراعة والموارد المائية وإدارة الكوارث أو مراقبة الحدود، تشتبه الولايات المتحدة في إمكانية استخدام طهران للقمر الصناعي للمساعدة في مراقبة تحركات القوات الأوكرانية.
والأسبوع الماضي، استضاف الجيش الإيراني تدريبات مشتركة باستخدام طائرات بدون طيار مع القوات الروسية، حيث حذّرت الولايات المتحدة من أن موسكو تستعد لاستقبال طائرات إيرانية بدون طيار لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا.
كما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طهران في يوليو (تموز)، في ثاني رحلة خارجية له منذ بدء الحرب على اوكرانيا، بعد زيارة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى موسكو في يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما تعهّد البلدان بمزيد من الأنشطة الاقتصادية والتعاون العسكري.
ممر تصدير: وبشكل عام، ارتفعت التجارة الثنائية بنسبة 10% بين روسيا وإيران هذا العام. وفي 2021، ارتفعت التجارة بين البلدين بنسبة 80% إلى 4 مليارات دولار. وقال إسفنديار باتمانجليغ، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "بورز آند بازار"، وهي منظمة فكرية مقرها المملكة المتحدة تركز على الدبلوماسية الاقتصادية، إن "إحياء الاتفاق النووي، الذي تبدو واشنطن وطهران على وشك إبرامه، يزيد من الاستثمار الروسي في إيران".
وأفاد رجال أعمال إيرانيون بأن الروس تدفّقوا على طهران خلال الأشهر الأخيرة؛ غالباً لمناقشة سبل الالتفاف على العقوبات.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من بين الصفقات المطروحة للمناقشة إنشاء ممر تصدير يمتد من روسيا إلى الهند عبر إيران، وإنشاء نظام مصرفي معزول تماماً عن العقوبات الأمريكية.
"زواج مصلحة": كما أن اللغة الروسية باتت شائعة في المحال التجارية والفنادق بطهران، حيث تفتح إيران أبوابها للمسافرين الروس الذين عزلوا عن معظم الدول الغربية. وتشير التقديرات إلى أن عدد العملاء الروس تضاعف منذ فبراير (شباط) الماضي، ويشكّلون الآن نصف قاعدة العملاء في السوق الكبير بالعاصمة الإيرانية طهران. كما وقّعت شركة النفط الإيرانية الوطنية التي تديرها الدولة في طهران صفقة مع شركة غازبروم الروسية العملاقة للطاقة لاستثمار 40 مليار دولار في صناعة الغاز الطبيعي الإيرانية.
وتقدّم إيران لروسيا خبرة في تجنّب العقوبات الغربية، بينما يبدو أن موسكو أعطت إيران أفضلية للصادرات الزراعية وسط مخاوف من نقص الغذاء.
وختمت الصحيفة أن التجارة المزدهرة بين موسكو وطهران بمثابة "زواج المصلحة"، في وقت يتجنّب فيه التجار الأوروبيون العقود الجديدة في الحبوب الروسية وغيرها من السلع.