بعد المصالحة مع واشنطن.. علاقات الصين بالاتحاد الأوروبي على المحك
11-تموز-2023
بغداد ـ العالم
بعد الترحيب بوزيرة الخزانة الأمريكية جانيت بيلين، في بكين، في محاولة لإصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة، يمكن للصين الآن توجيه اهتمامها إلى علاقات أخرى ذات أهمية اقتصادية وجيوسياسية، بأوروبا.
رفضت بكين انتقاد الغزو الروسي، أو حتى الاعتراف به.
كان من المقرر أن يصل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل إلى بكين، الإثنين، للاجتماع مع وزير الخارجية الصيني تشين جانغ، وغيره من كبار المسؤولين. ولكن فجأة أجلت الزيارة، يوم الأربعاء الماضي، دون تفسير. وهي المرة الثانية التي يضطر فيها بوريل إلى تأجيل سفره، بعد أبريل(نيسان) الماضي لإصابته بفيروس كورونا.
ترحيب وانتظار
وقال الكاتب والمتخصص في التمويل والسياسة الآسيوية ماثيو بروكر، في وكالة بلومبرغ للأنباء إنه رداً على سؤال عن الإلغاء الذي أعلنه الجانب الأوروبي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ بين: "نرحب بزيارة الممثل السامي جوزيب بوريل للصين في وقت قريب مناسب للجانبين". وأضاف أن الصين "تعلق أهمية كبيرة على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي" وستظل على اتصال.
وأضاف بروكر في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء أنه لا يجب أن يخفي ذلك الأسلوب المهذب، العقبات أمام تحقيق علاقات أكثر سلاسة بين الجانبين. ففي 30 يونيو(حزيران) الماضي نشرت هولندا ضوابط جديدة للتصدير من شأنها تقييد تصدير آلات تصنيع الرقائق الإلكترونية للصين، والمطلوبة لإنتاج أشباه الموصلات الأكثر تقدماً. وبعد 3 أيام فرضت الصين قيوداً على تصدير الغاليوم والجيرمانيوم، وهما من المعادن التي تستخدم في صناعات أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية، للتذكير بقدرتها على استخدام القيود التجارية سلاحاً.
من ناحية أخرى، ردت الصين بغضب على قرار البرلمان الأوروبي في الشهر الماضي، الذي دعا إلى إطلاق سراح قطب الإعلام جيمي لاي، وغيره من النشطاء الآخرين دعاة الديمقراطية الذين يخضعون لقانون الأمن القومي في هونغ كونغ.
ولكن من وجهة النظر الأوروبية، هناك أمر مثير للضيق يتجاوز جميع الأمور الأخرى، وهو غزو أوكرانيا. ويقول بروكر إنه بعد عام ونصف العام من غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، ليس هناك ما يدل كثيراً على أن الصين تقدر مدى عمق تأثير موقفها الموالي لروسيا على تصورات أوروبا.
واتسم خطاب بكين الرسمي عن الأمر بالصمت، وستظل احتمالات إعادة بناء الثقة وتحسين العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين أمراً مشكوكاً فيه طالما ظلت بكين تتجاهل ما يبدو أنه سوء فهم عميق.
الحياد الصيني.. إهانة
وتعلن الصين حيادها، ولكنها ترفض انتقاد الغزو الروسي، أو حتى الاعتراف به، وتصفه بـ"أزمة" وليس حرباً، ما يعكس تأكيد روسيا أن هذه "عملية عسكرية خاصة". ومثل رد الصين على التوترات التي أججها هذا الموقف في الحث على اتباع سياسة "استقلال استراتيجي" في أوروبا. ويعني هذا أن الغزو كان سببه استفزاز الولايات المتحدة، وعلى أوروبا تجنب اتباع واشنطن في دعم أوكرانيا بصورة عمياء.
ويقول بروكر إن هذه إهانة، وغير دقيقة، فأوروبا ليست في حاجة لمساعدة لتدرك أن عدواناً، في فنائها.
وأدت الشراكة "بلا حدود" التي أعلنها بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ قبل أقل من 3 أسابيع من غزو أوكرانيا إلى فتح الأعين الأوروبية على عداء الحزب الشيوعي للنظام العالمي الليبرالي القائم، ورغبته في إعادة تشكيله بطريقة تخدم بدرجة أكثر مصالح الدول المستبدة.
وعندما لم يتمكن بوريل من التوجه للصين في أبريل(نيسان) الماضي، نشر الكلمة التي كان سيلقيها هناك وجاء فيها "لست هنا لإلقاء دروس أو لنصح للصين، فأنا أحترم كثيراً استقلالها وسيادتها. ومع ذلك، أود أن أقول هذا بدافع الصداقة سيكون من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، أن يبقى الاتحاد الأوروبي على علاقات تتسم بالثقة مع الصين، وهو ما أود أن أراه، إذا لم تسهم بكين في البحث عن حل سياسي قائم على أساس انسحاب روسيا من الأراضي الأوكرانية. إن الحياد في ظل انتهاك القانون الدولي أمر غير معقول. نحن لا نطلب من أحد أن يتبنى موقفنا. ببساطة، نطلب الاعتراف بأن في هذه الحالة هناك انتهاك صارخ للقانون الدولي". وقال بروكر في ختام تقريره إن "أوروبا تنتظر، وتساءل: هل تسمع الصين ذلك"؟.