بغداد _ العالم
رفعت وزارة النفط، امس الاثنين، دعوى قضائية ضد حكومة إقليم كردستان بسبب عقود نفط وغاز وقعتها مع شركات أمريكية الأسبوع الماضي.
وقالت وكالة "رويترز"، أن بغداد تعتبر العقود التي أبرمها إقليم كردستان مع شركتي "إتش كي إن إنرغي" و"غرب زاغروس" لتطوير حقلي الغاز "ميران" و"توبخانة كردمير" قرب مدينة السليمانية، غير قانونية. وتعتبر بغداد أن الصفقات تنتهك القانون العراقي لأنها وقعت دون مشاركتها، بينما يُصرّ إقليم كردستان على أنه تصرف في إطار الاتفاقات السابقة. ويعد هذا التحدي القانوني أحدث عقبة أمام استئناف تدفق النفط عبر خط أنابيب النفط العراقي التركي، المتوقف منذ آذار/ مارس 2023، رغم ضغوط إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وكان وزير النفط، حيان عبد الغني، أكد الأربعاء الماضي (21 آيار/ مايو الجاري)، أن الوزارة سجلت ملاحظات بشأن الاتفاق الذي أبرمته حكومة إقليم كردستان مع شركات نفطية أمريكية لاستثمار عدد من الحقول داخل الإقليم.
وقال عبد الغني، إن "مثل هذه العقود والاتفاقيات يجب أن تُبرم من قبل الحكومة الاتحادية حصراً، كون ملف إدارة الثروات النفطية من صلاحياتها".
وأعربت وزارة النفط، الثلاثاء الماضي، عن رفضها استثمار حكومة اقليم كردستان حقلين نفطيين في محافظة السليمانية، معللة ذلك بأن هذه الإجراءات مخالفة للقرارات الصادرة من محكمة التمييز الاتحادية، التي أشارت إلى عدم شرعية العقود المبرمة بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى المرقمة (59 /اتحادية 2012 وموحدتها 110 /اتحادية 2019). بدورها، ردت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان، على وزارة النفط، مؤكدة أن الاتفاقيتين المبرمتين مع شركتي HKN وWesternZagros الأمريكيتين ليستا جديدتين، وقد تم تصديقهما سابقاً من قبل المحاكم العراقية باعتبارهما قانونيتين ولا تشوبهما أية إشكالات.
وكانت حكومة الإقليم قد أعلنت، الاثنين الماضي (19 آيار/ مايو الجاري)، توقيع اتفاقيتين مهمتين بمجال الطاقة في العاصمة الأمريكية واشنطن.
والاتفاقيتان أُبرمتا بين حكومة إقليم كردستان من جانب، وشركتي النفط الأمريكيتين "HKN ENERGY" و"WESTERN ZAGROS" من جانب آخر.
وتهدف هاتان الاتفاقيتان اللتان تُقدر قيمتهما الإجمالية بعشرات المليارات من الدولارات، إلى تطوير وتنمية قطاع النفط والطاقة في إقليم كردستان، بالإضافة إلى تعزيز بنيته التحتية الاقتصادية.
وفي ردود محلية، قال متابعون ومعلقون من داخل الإقليم إن العقود المبرمة هي مجرد اتفاقيات لتطوير البنية التحتية لإنتاج الطاقة عبر شركات جديدة للعمل في الحقول القديمة، بهدف رفع القدرة الإنتاجية للكهرباء في الإقليم من 8 إلى 10 آلاف ميغاواط، لتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية، لا سيما في القطاع الصناعي. وأشاروا إلى أن تمسك بغداد بإغراق الإقليم بإجراءات قانونية وقضائية هو محاولة لإخضاع كردستان اقتصادياً تمهيداً لقسره سياسياً، ولا هدف له سوى ذلك. من جهتهم، أصدر مجموعة من النواب، من وسط وجنوب العراق، بياناً وصفوا فيه العقود الأخيرة بأنها "تجاوز على سيادة العراق ودستوره"، مطالبين الحكومة الاتحادية باتخاذ إجراءات وتدابير حازمة. الباحث في شؤون الطاقة ريبر هنكاو، وصف ما يجري بأنه "مجابهة بلغت حدها الأقصى".
وقال انه "منذ أكثر من عامين توقّف تصدير نفط كردستان، ورغم كل التنازلات التي قدمها الإقليم والوعود التي بُذلت، لم يُستأنف التصدير عبر الشركة الوطنية، ولم تقدّم الحكومة قانون النفط والغاز إلى البرلمان، كما لم يُحل حتى الآن ملف رواتب موظفي الإقليم أو حصته من الميزانية العامة. لذلك، يرى الساسة في الإقليم أن السبيل الوحيد هو الاعتماد على ما يكفله الدستور من حقوق، دون انتظار موافقة الحكومة الاتحادية".