بغداد – العالم
اعلنت القوات الامريكية في العراق ان عددا من جنودها تعرضوا لإصابات في العملية الامنية الاخيرة في الانبار، ضد "داعش"، ما يؤشر الى وجود دور اكبر من "استشاري وفني" لتلك القوات، وفق البيان العراقي بشأن ماجرى في الصحراء.
ويُعتقد ان التنظيم، بحسب تقديرات واشنطن ومحللين عراقيين، مازال يمثل خطرا على البلاد، هو الان في مرحلة البحث عن "حاضنة جديدة"، فيما تضع هذه التطورات خطاب بغداد حول "انسحاب القوات الامريكية" موضع الشك.
وافاد الجيش الامريكي، أن سبعة جنود أمريكيين أصيبوا بجروح خلال "الغارة المشتركة" التي نفذها مع قوات الأمن العراقية في غربي العراق الخميس وأدت الى مقتل 15 من عناصر "داعش"، حسبما أعلنت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)، في بيان.
وأوضح مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية أن خمسة من الجنود أصيبوا خلال الغارة، بينما أصيب اثنان بسبب سقوطهما. وقال مسؤول عسكري أمريكي إن "جميع الأفراد في حالة مستقرة".
وأعلنت (سنتكوم) ان قواتها نفذت مداهمة مشتركة مع قوات الأمن العراقية في غربي العراق في الساعات الأولى من يوم 29 آب، ضد تنظيم "داعش".
وذكرت سنتكوم في البيان أن "هذه المجموعة من عناصر تنظيم داعش كانت مسلحة بالعديد من الأسلحة والقنابل والأحزمة المتفجرة"، مضيفة أنه "لا يوجد ما يشير إلى وقوع إصابات بين المدنيين".
واستهدفت العملية التي أُعلن عنها سابقا، "قادة في تنظيم داعش بهدف التعطيل والحد من قدرة التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ هجمات ضد مدنيين في العراق وكذلك ضد المواطنين الأميركيين والحلفاء والشركاء في كل أنحاء المنطقة وخارجها". وفق بيان "سنتكوم".
وأشارت القيادة العسكرية الأميركية إلى أن "قوات الأمن العراقية تواصل استكشاف موقع الغارة"، مشددة على أن "تنظيم داعش لا يزال يشكل تهديداً للمنطقة وحلفائنا وكذلك لوطننا".
وقالت "ستواصل القيادة المركزية الأميركية إلى جانب التحالف وشركائنا العراقيين ملاحقة هؤلاء الإرهابيين بقوة".
وهذه المرة الثانية التي تحذر فيها واشنطن من خطر وجود التنظيم. القيادة الامريكية قالت في تموز الماضي أن "داعش" تبنى 153 هجوماً في العراق وسوريا خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024 مقارنة بـ 121 هجوماً خلال العام الماضي.
واشارت حينها إلى أن الزيادة في الهجمات تشير إلى أن "داعش يحاول إعادة تشكيل نفسه بعد عدة سنوات من انخفاض قدراته".
وتنشر الولايات المتحدة نحو 2500 جندي في العراق وقرابة 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم "داعش".
وكانت قيادة الجيش العراقية، قد اعطت معلومات مختلفة بعض الشي عن رواية الجيش الامريكي فيما حصل بـ"عملية الانبار".
وقالت العمليات المشتركة في بيان لها، انه تم "قتل 14 إرهابياً بعضهم يرتدي أحزمة ناسفة، ويحمل رمانات يدوية" في في صحراء الأنبار في منطقة الحزيمي شرق وادي الغدف.
وتابعت أن "المعلومات الاستخبارية الدقيقة تشير الى أن من بين القتلى قيادات مهمة من الصف الأول لعصابات داعش الإرهابية".
وكشفت القيادة ان تلك العملية جرت "بتعاون وتنسيق استخباري وفني من التحالف الدولي".
وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات في شأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف في العراق، من دون إعلان موعد رسمي للانسحاب المفترض.
إلى ذلك يقول احمد الياسري رئيس المركز العربي - الأسترالي للدراسات الستراتيجية إن "نشاط (داعش) بدأ يتصاعد منذ احداث غزة، العام الماضي، وظهرت عمليات في شمال بغداد، ديالى، والانبار، ومدن اخرى".
واضاف في تصريح تابعته "العالم"، أن: "تقييم نشاط التنظيم لايعتمد على التقديرات العراقية او هذه العملية (عملية الانبار الاخيرة) لأنه يخضع للتقديرات العسكرية الامريكية"، لافتا إلى أن "مراقبة (داعش) في العراق وسوريا ضرورة أمريكية بغض النظر عن انعكاسها الداخلي، يعني بغض النظر عن تقديرات العراق لحربه ضد التنظيم وقوة وضعف (داعش)".
ويؤكد الياسري أن "هناك إرادات مشتركة بين العراق وإيران والولايات المتحدة في منع تقوية (داعش)، لكن بغداد تريد استثمار هذا الملف في قضية سحب القوات وإحراج الفصائل، وتحويلها إلى حالة من الضبط الأمني".
لكن خطة العراق غير صحيحة، حسبما يقول رئيس المركز العربي. ويضيف: "العراق مازال محتاج الى الدعم الامريكي، والعملية الاخيرة تشير إلى أن التنظيم مازال قويا، لكن تحول من مرحلة التهديد الاكبر إلى حرب تعرضات وليست حرب مفتوحة كما كان في الموصل في 2017".
ويتابع "(داعش) خرج من المدن ولكن لم يخرج من العراق، مازال يبحث على بيئة حاضنة، إذا حصل ذلك سيكون خطرا ستراتيجيا"، محذرا من أنه "يجب قتل البيئة الحاضنة، بمشروع سياسي مشترك بعدم تهميش السنة، لان هذا يخدم اجندة التنظيم، ويقوي فاعليته على مستوى حرب العصابات والمدن".
وشدد الياسري على أن التنظيم "بحرب العصابات حصل على ترسانة أسلحة واخضع مدن، وليس مستحيلا تكرار ذلك في ظل الفشل السياسي"، مشيرا إلى أن "خطاب الاغلبية السياسية بالعراق وهم اصدقاء إيران يجعل (داعش) ينهض من جديد. يجب تدعيم المصالحة ضد تلك الخطابات".
وختم الياسري قوله ان "اشتراك الأمريكان بهذه العملية (عملية الصحراء) يعطي انطباعا ان ما تطرحه الحكومة في المنابر السياسية والاعلامية حول ضرورة اخراج القوات الامريكية لا يتطابق مع الواقع".