كرد وعرب
14-حزيران-2023
محمد عبد الجبار الشبوط
حان وقت المصارحة العربية الكردية، ومناسبة المصارحة رسالة الرئيس مسعود البارزاني في ١١ حزيران الجاري والتي قال فيها من بين امو اخرى مهمة: "أن إقليم كوردستان هو ملك للشعب الكوردستاني". علي ان اذكر الاستاذ مسعود وبقية الاخوة الاكراد، من ضمن المصارحة، بموقفي من القضية الكردية، وهو موقف موثق ومكتوب ومنشور منذ اوائل التسعينات على الاقل، وخلاصة موقفي انني مع حق الشعب الكردي في تقرير مصيره. وقد قرر الشعب الكردي مصيره ضمن دولة اتحادية هي العراق. وهذا موقف لا يتطلب الفزع عربيا، ولا الغضب كرديا. فالاكراد من الناحية القومية شعب مثل الشعوب الاخرى كشعب سكوتلاندا. يحق لهم ما اقرته الشريعة الدولية على اقل التقادير. وعلى هذا الاساس تمت كتابة دستور ٢٠٠٥ بمشاركة عربية كردية، وصوت عليه الكرد بالموافقة بفرح وسرور لانه قدم لهم اقصى ما يمكن تقديمه في دولة اتحادية منذ قيام الدولة العراقية الى اليوم.
والدستور في مثل هذه الحالات (كما في الدستور الماليزي والدستور السويسرى على سبيل المثال) يكون وثيقة لتسهيل الاندماج بين "شعوب" الدولة الاتحادية على اساس وحدة الوطن، ووحدة المواطنة. لكن مواد الخلل في دستور ٢٠٠٥ والممارسات اللاحقة جعلت منه وصفة للتقسيم والانفصال اكثر منه وصفة للوحدة والاندماج. اذا كان الدستور ينص على الاتحادية او الفيدرالية، فان الواقع يقول شيئا اخر. الوضع الحالي ليس فيدراليا، انما هو فيدرالية مشوهة باتجاه الكونفدرالية ومن ثم الانفصال. وهذا ليس وضعا يقره الدستور ولا العقد الاجتماعي الحاكم.
الخطورة تكمن في جملة السيد مسعود البارزاني التي سوف اذكرها مرة اخرى:"أن إقليم كوردستان هو ملك للشعب الكوردستاني". هذه من المسائل المهمة والشائكة. فهل يعتبر السيد مسعود البارزاني كردستان جزءاً من العراق ام لا؟ فاذا كانت جزءاً من العراق فهي ملك كل العراقيين وليست فقط ملكا للاكراد فقط. واذا كانت ملكا للشعب الكردي، فهل اكراد تركيا وايران وسوريا شركاء في هذه الملكية؟ وباي حق يكون مواطن كردستاني رئيسا لجمهورية العراق؟ واذا قال اهل البصرة ان البصرة ملك للبصراويين ووافقناهم على ذلك فهل سيكون نفط البصرة ملك لاهل البصرة فقط؟ لهذا اقول ان هذه المسألة خطيرة، واتمنى من السيد مسعود البارزاني ان يصحح هذه العبارة. انني اطمح ان يركز السيد مسعود البارزاني ومعه العقل السياسي والشعبي الكردي على مفهوم وحدة الوطن وهو العراق من ضمنه اقليم كردستان، ووحدة المواطنه ومن ضمنهم المواطنون الاكراد، والا تسيطر ثنائية العراق وكردستان على الاذهان بعد ان تحرر العراق من الدكتاتورية واصبح دولة اتحادية على اساس وحدة الدولة ووحدة الوطن ووحدة المواطنة.
كردستان جزء اصيل من العراق حالها كحال البصرة والانبار، وليست جزءا ملحقا به. والاكراد مواطنون عراقيون حالهم كحال اي مواطن عراقي. وحينما تثور مشكلة ما فلا يكون خط الدفاع هو القول بان كردستان ملك للشعب الكردي فقط، لان لهذا القول تبعات كثيرة وكبيرة وخطيرة. ولن يفرح به الا الشوفينيون من جميع الاطراف.
هذا الكلام يتطلب قدرا كبيرا من الصراحة مع السيد مسعود البارزاني وكل من يفكر بهذه الطريقة، لان هذا هو الضامن الوحيد لوحدة العراق دولة وارضا وشعبا وليس الدستور فقط كما يقول الدستور عن نفسه وهو مجرد نصوص تكتسب قوتها من ايمان الناس بها وبمعانيها.
يفترض بالسياسيين العرب (شيعة وسنة) غير الشوفينيين طبعا مصارحة الاكراد بهذه الحقيقة. وتستهدف الصراحة تصحيح الاختلالات الحالية في العلاقات بين الكرد والعرب من جهة، وبين الكرد والدولة العراقية من جهة ثانية، والعمل على اقامة دولة عراقية على اسس حضارية حديثة يتمتع فيها الكرد بكامل حقوقهم الدستورية ضمن مفهوم الدولة الواحدة وليس خارجها.