كامل سلمان
أكثر مشاكل العقلاء سببها الجهلاء في المجتمع وأكثر مشاكل الجهلاء سببها هم أنفسهم ، والمشكلة الأكبر هي أن الجهلاء لا يعلمون بأن مشاكلهم من أنفسهم ، هذه المعادلة تجعل العقلاء دائماً في حيرة من أمرهم وتجعلهم ضحية لسلوكية الجهلاء الذين لا يعلمون بأنهم جهلاء بسلوكياتهم ، وتزداد وتيرة المشاكل والهموم في المجتمع عندما يصبح الجهلاء ضحية خزعبلات الدجالين حيث تخرج فئة محترفة منحرفة من الدجالين في المجتمع تكون قادرة على التلاعب بعقول الجهلاء وتسخيرها لغاياتهم . لا يوجد عاقل ولا يوجد إنسان نبيل في المجتمع يفكر في استغلال جهل الناس لغاياته لأنه يعلم بأن استغلال جهل الجهلاء ستنعكس سلباً على الآخرين ، بينما أصحاب النوايا الشريرة لا يهمهم مدى الاضرار التي يسببها جهل الجاهل بل كل ما يهمهم تحقيق مآربهم الشريرة والوصول إلى أهدافهم القذرة ، ومن خلال الجهلاء يستطيعون التأثير على بعض العقلاء الضعفاء ليجعلوهم تبعاً وواجهة لتحقيق غاياتهم … فعندما يتحقق ذلك تتحول حياة المجتمع إلى حياة الغابة ، تموت القوانين ، ويعلو صوت القوي ، وتنتشر الفوضى ، وتتوقف عجلة التطور ، وتشتعل الحروب ، وتكثر المجاعة وتعم الأمراض والفساد .. فليس هناك من يستطيع تسخير واستغلال الجهلاء بطرق عقلية ، فالجهلاء لا يستجيبون لصوت العقل ، وإنما الاستغلال يأتي عن طريق العواطف والأفكار المخادعة .. نزلاء السجون غالبيتهم العظمى هم الجهلاء ، الراقدون في المستشفيات جلهم من الجهلاء ، العاطلون عن العمل جيوش من الجهلاء ، عصابات القتل وتهريب المخدرات غالبيتهم من الجهلاء ، فأينما تجد الشيء السيء تجد رجالاتها وعناوينها هم الجهلاء ، هؤلاء مشاريع جاهزة للتخريب ولا يمكن أن يراهن عليهم أحداً بأنهم سيكونون ادوات بناء . . في الدول المتقدمة التي يقودها العقلاء يستثمرون القوة البدنية والعضلية للجهلاء في بناء بلدانهم ويشغلونهم عن الانحراف ، فالعمل والمال والخدمات تسد أفواه الجهلاء وتشغلهم ، بينما في الدول المتخلفة يستغل قادتها القوة العقلية المتحجرة للجهلاء في بناء سلطتهم . أما قوة الجهلاء العضلية تذهب هباءاً منثورا فتتحول البلدان إلى ارض بوار وتموت الحياة … ما القيمة وما المنفعة من خروج الملايين في الشوارع فقط ليهتفوا ويصرخوا بشعارات لا يسمعها إلا ساداتهم وبها تتعطل الحياة كلها ، تصوروا هذا المشهد يتكرر معظم ايام السنة ، يصرخون ويلطمون ويبكون ثم يتوجهون أفواجاً لمرساهم أو مكان رعي أفكارهم ليستفرغوا طاقاتهم البدنية والنفسية ويعودون إلى بيوتهم منهكين عاجزين عن أي فعل خير ، فعندما تسألهم ماذا قدمتم لأنفسكم بأفعالكم تلك ؟ ليس لديهم جواب لأنهم لا يعرفون من أين والى أين ولماذا ، فقط يعرفون أنهم يشعرون براحة الضمير الوهمي … هل يعلم هؤلاء الجهلة بأنهم يقتلون أنفسهم وأبناءهم عندما يوقفون حركة الحياة ليضيعوا اياماً و لياليا في الشوارع يهتفون ويصرخون ؟ هل يعلم هؤلاء الجهلة بأن الدول التي تحتل اوطانهم تباعاً بأن شعوب تلك الدول لا تضيع أوقاتها بالصراخ والنحيب ؟ هل يعلم هؤلاء الجهلة بأنهم يعودون إلى بيوتهم لا طعام ولا كهرباء ولا خدمات ولا مستشفيات لأن من يقدم لهم تلك الخدمات مثل حالهم تاركي أعمالهم ليجوبوا الشوارع مرددين شعارات وصيحات لا تغني لهم من جوع ولا تسد لهم نواقصهم؟ ، هم لا يشعرون بمضارها ولكن العقلاء وحدهم يشعرون بالألم والخيبة . يشعرون بالخيبة عندما يقارنون أوطانهم وما آلت إليه أحوال أوطانهم من دمار وسوء ورجعة إلى الماضي ، للأسف سيناريو متكرر ودائم ومن سيء إلى أسوأ لأن الجهلاء صاروا عبيداً طائعين لا حول ولا قوة لهم يندبون حظهم وهم غير قادرين على كشف سر معاناتهم فقد سلبت إرادتهم وأصبحوا ضائعين هم وأبناءهم . وتستمر حسرة أصحاب الوعي ويستمر مسلسل ضياع الفرص في بناء الأوطان !