بغداد - العالم
نشر موقع "DW" الإخباري الألماني، يوم الأربعاء، تقريراً "خطيراً" حول جنود حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والمسؤولة عن عمليات عسكرية مهمة في العديد من بلدان العالم، حيث كشف عن وجود عناصر عملت في "فرق الموت" و"كتيبة العمل السريع" في بنغلاديش، قد التحقت داخل القوات المعروفة مهمتها من اسمها، إلا وهي "حفظ السلام".
ووفقاً للتقرير الألماني، فإنه حصل على صورة اعتبر أنها ليست ضارة كما تبدو، ترجع إلى وجود رجل أصلع في منتصف المجموعة. تنعكس الشمس في نظارته ويلتف ذراعه بشكل عرضي حول كتف جندي آخر. هذا الرجل هو السبب وراء تسريب هذه الصورة لفريق التحقيق الاستقصائي.
وقبل إرسال الرجل في المهمة التابعة للأمم المتحدة، كان يشغل منصبا مختلفا تماما: نائب مدير قسم الاستخبارات في كتيبة العمل السريع. وهي من وحدات النخبة في بنغلاديش.
ووفقا لبحث نشره "DW" العام الماضي، بالتعاون مع منصة "نيترا نيوز" للتحقيقات الصحفية، فإن هذه الوحدة مسؤولة عن عمليات الإعدام والتعذيب. وقد تمت الموافقة على الأمر برمته، أو على الأقل موافقة ضمنية، من قبل كبار المسؤولين الحكوميين. وهو الاتهام الذي رفضته وزارة الداخلية البنغلاديشية بغضب في رد أرسلته لـ"DW" و"نترا نيوز"، ووصفته بأنه "مفتعل وملفق وذو دوافع سياسية".
من الواضح أن أعضاء "فرقة القتل" هذه، كما أطلق أحد محاورينا صراحة على "وحدة النخبة"، يتم إرسالهم من قبل بنغلاديش بشكل منهجي في مهام تابعة للأمم المتحدة. هذه هي نتيجة بحث جديد أجرته "DW" و"نترا نيوز" وصحيفة "زود دويتشه".
قمنا طوال أشهر بفحص وثائق عسكرية سرية، وتحدثنا إلى مصادر في بنغلاديش والأمم المتحدة، وقمنا بتقييم الملفات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. وتمكنا من التحقق من هوية الرجل الذي في الصورة من خلال مسارات تحركه اليومية في بانغي، عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى. كما تعرفنا على جندي آخر موجود على الصور الرسمية لحفل توزيع أوسمة.
في المجمل، تمكنا من التعرف على أكثر من 100 جندي، من بينهم 40 جنديا خدموا خلال السنوات الخمس الماضية في كتيبة العمل السريع، قبل أن يصبحوا جنود حفظ سلام في مهام الأمم المتحدة.
كان ثلاثة منهم مثيرين للاهتمام بشكل خاص، لأنهم عملوا في قسم المخابرات في كتيبة العمل السريع. واثنان منهم كنائبين لمدير هذه الوحدة.
وأكدت عدة مصادر أن جهاز المخابرات هناك يحتفظ بشبكة سرية من زنازين التعذيب في بنغلاديش. وفيها، كما يقول أحد المخبرين العسكريين، "يتم إجبار المدنيين على الكلام". وقد تحدث لنا العديد من الأشخاص الذين قابلناهم عن أشكال التعذيب مثل الإيهام بالغرق والصدمات الكهربائية وعمليات الإعدام الوهمية.
ومع ذلك، فقد أرسلت بنغلاديش هؤلاء الرجال الثلاثة وغيرهم من أعضاء كتيبة العمل السريع السابقين، ليكونوا من ذوي الخوذ الزرقاء. رغم أنه كانت هناك تحذيرات صريحة. فقد كتبت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وهي لجنة من الخبراء المستقلين، في تقرير عام 2019 عن "قلق عميق" بشأن "التعذيب والاعتقالات التعسفية والاحتجاز غير الموثق والقتل خارج نطاق القانون" من قبل قوات الأمن البنغلاديشية.
لم يستخدم معدو التقرير هذا المصطلح "باستخفاف"، كما يتذكر ينس مودفيغ، الذي كان عضوا في لجنة مناهضة التعذيب في ذلك الوقت. وقدمت اللجنة توصية واضحة باستبعاد أعضاء كتيبة العمل السريع من بعثات السلام.
ومع ذلك، تم إرسال جميع الجنود، الذين حددت "DW" و"نترا نيوز" وصحيفة "زود دويتشه" هويتهم، بعد نشر تقرير اللجنة الأممية. ويبدو أن التحذيرات الصادرة من داخل الأمم المتحدة قد تم تجاهلها. السبب يكمن في عملية الاختيار في منظمة الأمم المتحدة، حيث يُترك الأمر للبلدان المساهمة بقوات لاختيار الجنود وفحصهم. وعلى الرغم من أنه يتعين على الحكومات المعنية أن تؤكد عدم علمها بجرائم حقوق الإنسان، إلا أنه لا يتم التحقق من المعلومات إلا نادرا. ولا تقوم الأمم المتحدة، مع استثناءات قليلة، إلا بالتحقق من كبار القادة ونوابهم.
وكتب متحدث باسم الأمم المتحدة لـ"DW" و"نترا نيوز" وصحيفة "زود دويتشه" أن الغالبية العظمى من القوات تقوم بعمل جيد وأن الأمم المتحدة لا تملك المعلومات أو الموارد للتحقق من جميع القوات العاملة. وفي حالة بنغلاديش، تركت الأمم المتحدة "لحكومة إجرامية مهمة التحقق من الضباط الذين ارتكبوا الجرائم" تقول ميناكشي غانغولي، نائبة مدير قسم آسيا في هيومن رايتس ووتش. وتضيف قائلة إن تصرفات وحدة العمل السريع لا تزال دون عقاب إلى حد كبير، و"ليس هناك اهتمام في بنغلاديش بمحاسبة الأشخاص على جرائم حقوق الإنسان". أندرو غيلمور حاول أن يكون دبلوماسيا في إجاباته، ويقول: "بصراحة، بعض جنود الخوذ الزرق وحشيون للغاية"، هكذا عبّر الدبلوماسي السابق في الأمم المتحدة، والذي كان مؤخرا نائبا للأمين العام لشوؤن حقوق الإنسان، ويرأس الآن مؤسسة بيرغهوف في برلين. تعمل المؤسسة الوقفية من أجل السلام في جميع أنحاء العالم. في بعض الأحيان تكون هناك وحدات كاملة، وأحيانا جنود أفراد، ممن كانوا متورطين في انتهاكات لحقوق الإنسان قبل إرسالهم في مهام للأمم المتحدة.