بغداد ـ العالم
تعتبر المكاتب العامة في المدن صرحاً حضارياً وعنواناً لتاريخ وثقافة ونمط عيش سكان تلك المدن، فلو أردنا أن نتعرف على أي مدينة نقوم بزيارتها سوف نذهب بالتأكيد إلى مكانين هما المتحف الذي يضم تاريخاً صورياً وشاهداً لتلك المدينة، والمكتبة العامة التي تعتبر تاريخاً موثقاً عن مدى الاهتمام بالثقافة والاطلاع.
وفي خانقين التي اشتهرت بكثرة الشخصيات الثقافية والسياسية والفنية التي خرجت منها، توجد مكتبة عامه تأسست قبل أكثر من 60 عاماً، ولكن للأسف تعاني الإهمال شأنها كباقي المؤسسات في هذه المدينة التي تكاد تكون منسية كونها مشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي الخاصة بـالمناطق (المتنازع عليها).
وأما عن رواد المكتبة، فبسبب التطور التكنولوجي الذي تعيشه المجتمعات وانشغال الناس بمواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، أصبحت المكتبة عبارة عن بناية مهجورة بلا رواد يكاد لا يزورها إلا موظفوها بعد أن كانت هذه البناية يملؤها الزوار في مرحلة من مراحل الزمن.
وفي هذا الصدد، يقول موظف مكتبة خانقين العامة إياد علي، إن «المكتبة تأسست قبل 60 عاماً وتم ترميمها من قبل حكومة الإقليم عام 2005 بمبلغ تجاوز 316 مليون دينار، وكانت لدينا نثرية شهرية حتى عام 2014، ولدى المكتبة موظفين على ملاك الحكومة المركزية وموظفين على ملاك حكومة الإقليم وأيضا لدينا مدير تابع للمركز ومدير تابع للإقليم».
وأضاف أن «المكتبة تحتوي على ما يقارب 23 ألف كتاب من جميع الاختصاصات: الأدب، التاريخ، الفلسفة والدين والكتب العلمية بجميع فروعها وبأكثر من لغة منها الكردية والعربية والإنجليزية والتركية والسريانية، وزودت حكومة الإقليم بعد التغيير المكتبة بحوالي 12 ألف كتاب وعنوان في مختلف المجالات والمجلات، وأقدم كتاب يوجد في المكتبة يعود تاريخه إلى قبل 200 عام وهو باللغة التركية». إلا أن علي يشعر بالأسف بسبب آفة الابتعاد عن القراءة والتي أثرت على رواد المكتبة كمثيلاتها، حيث أثرت التكنولوجيا على الحياة وعلى الكتب الورقية والقراء بصورة عامة.
وتابع أن «مكتبة خانقين العامة عانت كباقي مرافق ومؤسسات المدينة في زمن النظام السابق حيث كانت مرتبطة بإدارة المكاتب بوزارة الداخلية أو وزارة البلديات بعض الأحيان، أما الآن فإدارتها مرتبطة بالمحافظة، ومن جهة كرستان فهي تابعة لوزارة الثقافة. منذ عدة سنوات قدمت المكتبة عدة نشاطات كيوم الكتاب العالمي وأقمنا أكثر من معرض للكتاب وكرمنا الكتّاب والموظفين من مدينة خانقين كما أعددنا المهرجانات الشعرية والثقافة بصورة عامة، ولكن تضاءلت الأنشطة لأسباب يمكن اختزالها بعدم امتلاكنا أية موارد وعدم الدعم للعمل الثقافي بصورة عامة».
أما عن ترميم مبنى المكتبة، أكد علي أن «الموظفين وعلى نفقتهم الخاصة قاموا بترميم المبنى ولأكثر من مرة، ومؤخراً قمنا بترميم قاعة المحاضرات، والهدف من ذلك هو الحفاظ على هذا المبنى من التهالك أو الزوال».
من جانبها قالت آية مولود، إحدى زائرات المكتبة: إن «زيارة المكتبات العامة أصبحت نادرة جداً حتى بالنسبة للطلبة الذين يرغبون بالاطلاع أو عمل بحوث، بالنظر لوجود كتب الكترونية نستطيع من خلالها الحصول على ما نريد من مصادر».
واقترحت آية «توفير أجهزة كمبيوتر وخط انترنت أو مكتبة الكترونية ومقهى لجذب الرواد إلى المكتبة، بالإضافة إلى عمل منصات ثقافية بإدارة المكتبة العامة في خانقين وبمفهوم اجتماعي شامل، تلتقي فيه أنماط الإبداع الثقافي كافة، ويجد فيه الأفراد من مختلف شرائح المجتمع ما يمنحهم المعرفة والمشاركة والتفاعل في تجربة ثقافية متكاملة».