2024 عامُ المسؤُوليَّة
1-كانون الثاني-2024

نزار حيدر
١/ في مُجتمعِنا فإِنَّ الغائب الأَكبر والمُستدام هو [المسؤُوليَّة] ولذلكَ ترانا نمرُّ بكُلِّ هذهِ المِحَن فتراقُ الدِّماء وتُنتهك الأَعراض وينتشر الفَساد ويتكرَّر الفشَل من دونِ أَن يتحمَّلَ أَحدٌ المسؤُوليَّة، فنرى [تدوير النِّفايات] في المواقعِ على قدَمٍ وساقٍ! وكأَنَّ كُلَّ الذي يجري هو قضاءٌ وقدرٌ ليسَ أَمامنا إِلَّا الإِستسلام لهُ والتَّعامُل معهُ كأَمرٍ واقعٍ لا شأنَ لنا بهِ ولا علاقةَ لنا بفعلهِ، فنحنُ ندفع الثَّمن فقط أَمَّا المسؤُوليَّة فيتحمَّلها أَيَّ أَحدٍ في الدُّنيا باستثناءِ الـ [أَنا] والـ [نحنُ].
٢/ والسَّببُ في غَيابِ المسؤُوليَّة هي ثقافتَنا وتربيتنا التي نشبُّ عليها ونحنُ صغارٌ، فعندما كانَ التِّلميذُ يرسب في درسٍ ما يرفض أَن يتحمَّل المسؤُوليَّة أَمامَ والِدَيهِ فيُبرِّرُ قائِلاً [المُعلِّم عداوة مَعي] المُعلِّم هُوَ السَّبب!.
٣/ المسؤُوليَّة والحريَّة توأَمان سياميَّان لا ينفصِلان، فأَنتَ حرُّ إِذن أَنتَ مسؤُولٌ، مسؤُولٌ عن خياراتِكَ ومسؤُولٌ عن قَبولِكَ ورفضِكَ، ومسؤُولٌ عن نفسِكَ وعِيالِكَ وأَهلِكَ ومحلَّتِكَ ومدينتِكَ وشعبِكَ وبلدِكَ.
حتَّى إِذا لم تكن حُرّاً فأَنتَ مسؤُولٌ كذلكَ، كما وردَ في وصيَّةِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) لولدهِ الحسَن السِّبطِ (ع) {ولَا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وقَدْ جَعَلَكَ اللَّه حُرّاً} لأَنَّك فرَّطتَ بحُريَّتكَ وأَضعتَها وتركتَ غَيركَ يتصرَّفُ بخَياراتِكَ ويُقرِّر عنكَ ويختارَ آرائِكَ ويُحدِّد لكَ الطَّريق ويقرأ عنكَ ويُفكِّر بدلاً عنكَ!.
والمسؤُوليَّة والثِّقة كذلكَ تَوأَمان ساميَّان، فكلَّما أَظهرتَ تحمُّلاً أَكبر للمسؤُولية كلما وثِق بِكَ النَّاسُ أَكثر ووثِقُوا بخِطابِكَ وخُططِكَ ومشاريعِكَ، والعكسُ هُوَ الصَّحيح فالنَّاسُ لا تثِقُ باللَّاأُبالي الذي يعِدُ فيُخلِفُ ويخطبُ فيُناقِض خطابهُ سلوكهُ!.
٤/ الذين يقُولونَ مالنا والمُجتمع؟! {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} دع كُلَّ واحدٍ يقلع شوكَهُ بيدهِ، هؤُلاء هُم الأَنانيُّونَ الذين يتصوَّرُونَ أَنَّ بإِمكانهِم أَن يسعُدُوا في مُجتمعٍ شقيٍّ وينجحُوا في مُجتمعٍ فاشلٍ ويعدِلوا في مُجتمعٍ ظالمٍ، ويظنُّونَ أَنَّ بمقدُورهم أَن يعيشُوا حياتهُم بمُفردهِم، أَبداً، فلقد خلقَ الله تعالى النَّاسَ أَفراداً وجماعات لا يُمكِنُ الفصلَ بينَ إِنسانٍ وآخر أَبداً {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} ولذلكَ أَسَّس أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) لمبدأ التَّعايش في المُجتمعِ بقولهِ في عهدهِ للأَشترِ النَّخعي لمَّا ولَّاهُ مِصر {وأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ والْمَحَبَّةَ لَهُمْ واللُّطْفَ بِهِمْ، ولَا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ؛ إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ}.
كما أَنَّ القُرآن الكريم نبَّهَ الرَّسول الأَعظم (ص) إِلى هذا المبدأ الإِجتماعي الذي يُمثِّل حجر الزَّاوية في البناءِ بقولهِ {وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.
ولَو كانَ بمقدُورِ المرءِ الإِعتزالَ لما قالَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {وأَفْسَدْتُمْ عَلَيَّ رَأْيِي بِالْعِصْيَانِ والْخِذْلَانِ حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ ولَكِنْ لَا عِلْمَ لَه بِالْحَرْبِ}.
٥/ ليُكن هذا العام الجديد [٢٠٢٤] عامُ المسؤُوليَّة يتحمَّل كُلَّ واحدٍ منَّا مسؤُوليتهِ على قدرِ حضُورهِ وحسبَ موقعهِ، وندَع ثقافة البحث عن شمَّاعات وأَكبش فِداء نرمي عليها وبِها تقصيرَنا وقصورَنا جانباً، ولتكُن الآية الكريمة {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} شعارَنا الذي يهدِينا طريق تحمُّل المسؤُوليَّة.
إِنَّ القُرآن الكريم حازِم وحاسِم في مبدأ المسؤُوليَّة، فلا مفرَّ من تحمُّلِها بعدَ أَن أَغلقَ أَبواب الهرَب والتذرُّع، وهو القائِل {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ}.
يقولُ تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} و {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}.
ولنقرأَ هذا الحوار الخطير {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.
فهذهِ الشَّريحة من المُجتمع ظنَّت أَنَّ التذرُّع بـ [الإِستضعاف] سيُساعدها على الهربِ من المسؤُوليَّةِ! ولكن {أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.
فأَنتَ مسؤُولٌ إِذا استنسختَ ولصقتَ ما يصلُكَ من منشوراتٍ وصُورٍ وأَفلامٍ، لا تسقُط عنكَ المسؤُوليَّة إِذا كتبتَ مُنبِّهاً [كما وَصلني] أَو [منقُول] خاصَّةً إِذا كانَ المنشورُ فيهِ انتهاكٌ لحُرمةِ أَحدٍ كائِناً مَن كان، والله تعالى يقُولُ {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ َاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

الاقتصاد النيابية تبحث المواصفة العراقية لاستيراد المركبات مع جهاز التقييس
3-نيسان-2024
وزير العدل خالد شواني لـ"العالم": نعمل على "أتمتة" عمل التسجيل العقاري وكتّاب العدول
25-آذار-2024
الحسناوي لـ"العالم": حصة المواطن من الموازنة العامة سنويا 4 آلاف دينار
23-آذار-2024
وزير الداخلية لـ"العالم":نخطط لاستبدال المنتسبين الرجال في المطار بكادر نسوي
12-آذار-2024
حادث سير يودي بحياة "مشرفين تربويين" على طريق تكريت - موصل
12-شباط-2024
العراق يتأثر بحالة ممطرة جديدة تستمر لأيام تتبعها ثالثة "وربما رابعة"
12-شباط-2024
هزة أرضية تضرب الحدود العراقية التركية وسكان يستشعرون قوتها في دهوك والموصل
12-شباط-2024
العراق يدعو إلى تدخل دولي لمنع خطط التهجير الجماعي لسكان جنوب غزة
12-شباط-2024
بمشاركة السوداني وبارزاني إنطلاق قمة عالمية بدبي للحكومات
12-شباط-2024
الأمن والدفاع: العراق لا يستطيع حماية أجوائه من المسيرات
12-شباط-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech