Blonde الشقراء الواضحة بين المعتمين
4-تشرين الأول-2022
لبنى علي منصور
تحظى أفلام السيرة الذاتية بشعبية كبيرة، وهو ما يُفسر إنتاج عدد كبير منها سنويًا في هوليوود والعالم، لكن الأمر اللافت للنظر هو أنّ ذلك النوع من الأفلام كان هو الأقدر على إحداث التوازن ما بين النجاح الجماهيري والنقدي، واليوم فيلم Blonde الذي أثار الضجة وغضب المشاهدين. سيناريو رواية تحمل الاسم ذاته للكاتبة جويس كارول أوتس، صدرت عام 2000، وحققت أعلى المبيعات في الولايات المتحدة الأميركية وهي تحكي قصة مارلين مونرو (ممثلة ومغنية وعارضة أزياء أميركية)، قدمت 29 فيلما في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وصنفها معهد الفيلم الأميركي واحدة من أعظم أساطير الشاشة النسائية في العصر الذهبي لهوليود، لذلك من المنطقي أن تكون قد رويت قصتها عدة مرات، خاصة بعد وفاتها المأساوية عام 1962 نتيجة جرعة كبيرة من الحبوب المنومة. يعيد فيلم "شقراء" الجديد تصوير حياة مارلين مونرو بدءا من طفولتها التعيسة، باسمها المثبت بشهادة ميلادها نورما جين، ثم يرصد صعودها إلى النجومية وقصص الحب في حياتها.
يصنع الفيلم حالة ضبابية لا يمكن التمييز فيها بين الحقيقة والخيال، الفيلم من إخراج آندرو دومينيك، وهو مخرج أفلام وكاتب سيناريو أسترالي مولود في نيوزيلندا، اشتهر بعمله "كيلنغ ذيم سوفتلي" (Killing Them Softly) عام 2012، وأخرج حلقات من سلسلة "مايند هانتر" (Mindhunter) التي عرضت على منصة "نتفليكس" (Netflix) عام 2019. فيلم Blonde دومينيك –مخرج العمل- يقفز بين حياة مونرو الخاصة ومهنتها السينمائية بنمط عشوائي، باستخدام نسب أبعاد مختلفة ومخزون من الأفلام لمزيد من طمس السرد القياسي للسيرة الذاتية على سبيل المثال، يدمج بين اختبار الشاشة المكثف الذي قامت به مونرو لدورها في فيلم Don't Bother to Knock عام 1952، ثم مشهد آخر تظهر فيه مارلين، في عمر أكبر، وهي تغرق في الذهان، وتقلب منزلها رأسًا على عقب في البحث عن أموال لا تتذكر أين وضعتها، في مزج بين الحقيقة والخيال، يبدو أن دومينيك مهتم بمشاهد مثل الحركة البطيئة المبهرجة للعرض الأول لفيلم "Some Like It Hot" ، حيث تصطف حشود من الرجال المفترسين على الأرصفة عند وصول مارلين، وهم يهتفون بشكل محموم باسمها. يتمادى بالمثل في تصويره للحظة الصرامة الشهيرة لمترو الأنفاق من "The Seven Year Itch" ، مع فستان مارلين العاجي الرسن الذي يتصاعد حولها وهي تضحك وتبتسم للحشود والكاميرات. (تصميم الأزياء من جينيفر جونسون، مدهش بشكل مذهل في كل مكان، من فساتينها الشهيرة إلى السترات الصوفية البسيطة وسراويل الكابري)، نراها باللونين الأسود والأبيض، بحركة بطيئة وسرعة منتظمة، من كل زاوية يمكن تخيلها، مرارا وتكرارا. حيث الشكل والمضمون، لكن دومينيك أضاف إلى مشاهد الأبيض والأسود لمارلين مونرو مشاهد كارتونية لا تصلح للعرض على الأطفال، وقد صنف الفيلم بالفعل للكبار بسبب مشهدين أحدهما مع الرئيس الأميركي جون إف كينيدي، وهو فضلا عن كونه مشهدا مسيئا، فإنه لا يمثل أي ضرورة درامية في العمل. لعب المخرج على مساحات الشائعات التي حاصرت مارلين مونرو في حياتها وبعد موتها، ليقدم في النهاية صورة لفتاة يتم استغلالها من الجميع. استطاع المخرج دومينيك أن يحقق القليل من المتعة والبهجة، خاصة في تلك المشاهد التي حملت صدقا كبيرا من قبل الممثلة آنا دي أرماس، فضلا عن مشاهد حوار مارلين مونرو مع زوجها الثاني الكاتب آرثر ميللر على الشاطئ. في هذا المشهد بالتحديد، يقدم صناع العمل حقيقة أن الشابة الحسناء بحثت دائما عن الأب الذي حرمت منه، فتعرضت للاستغلال بشتى الطرق. من الناحية الجمالية كانت Blonde ساحرة. مزج نسب العرض إلى الارتفاع، والانتقال باليد في لحظات غير متوقعة، واستخدام النجوم والحيوانات المنوية والشلالات والصحون الطائرة كقطاعات وانتقالات.