«1899» من «نتفليكس» مليء بالغموض والإثارة لكن هل سيرى الموسم الثاني النور
29-تشرين الثاني-2022
العالم - وكالات
إذا كنت من عشاق المسلسلات التي تتطلب كثيراً من التركيز والجهد، فـإن "1899" ستعجبك حتماً وستفتتن بها. السلسلة الجديدة، وموضوع حديث كثيرين، من إنتاج ألماني وتجري أحداثها بـ11 لغة مختلفة، كما أنها أكثر الأعمال التلفزيونية تعقيداً في الوقت الحالي. وتدور قصتها حول مهاجرين على متن سفينة يصادفون شيئاً ينذر بالخطر فيما يعبرون أعالي المحيطات: سفينة أخرى كانت فقدت قبل أيام. حتى اللحظة الأمور بسيطة.
لكن حين يقرر عدد من هؤلاء المهاجرين تفحص السفينة، تبدأ الأمور بأخذ منعطفاً محيراً للعقل. دعني أقول إنه من الأفضل لك أن تشاهد هذه السلسلة وفي يديك قلم ومفكرة. فأحداث العرض محبوكة بشكل خاص لإرباك الجمهور، وإن كنت واحداً من هؤلاء الذين يميلون إلى الأحداث الغامضة التي يكتنفها غموض أكبر، فلا شك ستقع في شباكه وتتعلق به. لكن ثمة مشكلة واحدة فقط: البرنامج يعرض على منصة "نتفليكس".
ولكي أكون منصفاً، فقد تصرفت منصة البث العملاقة بلطافة كبيرة مع "ظلام" Dark السلسلة السابقة للقيمين على "1899"، باران بو أودار Baran bo Odar ويانتيه فريزه Jantje Friese، هذا لو افترضنا أن السماح لأحد العروض بسلوك مساره الطبيعي هو بحد ذاته "لطافة". فسلسلة "ظلام" الناطقة باللغة الألمانية استمرت لمدة ثلاثة مواسم، من 2017 وحتى 2020، ولحسن حظ أودار وفريزه أنها حققت نجاحاً ساحقاً على مستوى العالم. وكانت السلسلة قد أبصرت النور كدراما عائلية بسيطة عن طفل مفقود، لكنها سرعان ما تحولت إلى قصة مترامية الأطراف جديرة بلقب "أكثر البرامج التلفزيونية تعقيداً". بالمختصر المفيد، سلسلة "ظلام" هي من نوع العروض الذي يستهويني شخصياً. وأعتقد أن مثابرة القيمين عليها هي السبب في نجاحها - ثمة أدلة كثيرة على كونها ربما أعظم برنامج في تاريخ "نتفليكس" - ولولا أنها استبعدت قبل الوصول إلى نهايتها، لكانت ستكون عنواناً للمأساة في حقبة البث التدفقي. وأكثر ما أخشاه حالياً أن يكون هذا هو المصير الذي ينتظر "1899". وقد لا تبدو سلسلة "1899" رائعة من الحلقات الأولى على غرار سابقتها "ظلام" - ولكنها تقترب من ذلك. فهي تتطرق إلى المواضيع نفسها التي تطرقت إليها "ظلام" وبالطريقة الصحيحة: مجموعة من الشخصيات العادية منغمسة في موقف استثنائي - طبعاً! أداة غامضة لها القدرة على ثني المكان والزمان - موجودة! سيد أعلى مخيف (أنتون ليسير) يسيطر على مجريات الأحداث - ها هو! ممرات تحت الأرض تؤدي إلى أبعاد مختلفة - موجودة أيضاً! لكن سبب وجودها غير واضح. وعلى العكس من سلسلة "ظلام" التي أثارت إعجاب المشاهدين من غير جماهير قصص الخيال العلمي عن طريق تقديم مؤامرة سهلة المتابعة في بيئة معاصرة (منذ البداية)، فإن سلسلة "1899" وكما يتضح من عنوانها، تستعرض فترة زمنية محددة وتزخر بمجموعة واسعة من الشخصيات التي لم تحدد دوافعها بوضوح وظلت غير قابلة للفهم لسبع حلقات على الأقل من أصل ثماني. وهذا أمر يستدعي القلق، لماذا؟ لأن مشاهدي التلفاز عموماً لا يتابعون إلا المريح من البرامج، ويمكن لأدنى التحديات أن تردعهم عن المتابعة. وهذا أمر لم تأخذه سلسلة "1899" في الاعتبار بتسييرها المشاهدين على خطى شخصياتها وإن كانت مشوقة.