بغداد ـ ياسر الربيعي
تعمل أوساط رسمية في الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان على تدشين مرحلة جديدة في العلاقات، من خلال حسم مصير مشروع قانون النفط والغاز، كواحد من أكثر القوانين إثارة للجدل بعد عام 2003؛ فالخلاف النفطي الذي يتجدد بين بغداد وأربيل مع مواسم تشكيل الحكومات وإقرار الموازنات السنوية، مرارا ما يكون سبباً في القطيعة السياسية، قبل أن يتحول الى ملف تسوية، وتبنى عليه علاقة هشة بين الطرفين يهددها كل خلاف.
ويتضمن المنهاج الوزاري لحكومة السوداني فقرة تنص على تشريع قانون النفط والغاز، خلال مدة لا تتجاوز 6 أشهر من بدء عملها وهو ما تأخر لعدة شهور حتى الآن.
وتعول الكتل السياسية خلال الدورة البرلمانية الحالية على امكانية التوصل لحلول للخلافات القائمة والدفع باتجاه تفاهمات ترضي جميع الأطراف لإقرار القانون.
وعلى الرغم من الأهمية الاقتصادية لقانون النفط والغاز الذي ينتظر التشريع في البرلمان منذ عام 2005، والذي ينص على أن مسؤولية إدارة الحقول النفطية في البلاد يجب أن تكون مُناطة بشركة وطنية للنفط، تشرف عليها بغداد، إلا أن الخلاف على موضوع إدارة حقول إقليم كردستان العراق النفطية حال دون التصويت عليه منذ سنوات طويلة، حيث إن القانون تم ترحيله مرات عديدة خلال الدورات البرلمانية السابقة، ولم يدرج ضمن القوانين والتشريعات البرلمانية.
ويؤكد لجنة النفط والثروات الطبيعية النيابية، أنها بانتظار الاجتماع مع رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني لحسم الصيغة النهائية لقانون النفط والغاز، مشيرة في الوقت نفسه إلى إصرار رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني على إقراره بأسرع وقت.
وقال عضو اللجنة النيابية علي سعدون اللامي، إن "قانون النفط والغاز من القوانين المهمة التي تصب بمصلحة البلاد، وقد تأخر إقراره منذ الدورة الاولى لمجلس النواب".
واضاف أن "الخلافات بين الحكومية الاتحادية وإقليم كردستان هي من أخّرت إقرار قانون النفط والغاز في مجلس النواب منذ عام 2007 ولغاية اليوم".
وأشار إلى أن "لجنة النفط والطاقة النيابية اجتمعت برئيسي الجمهورية والوزراء وعدد من رؤساء الكتل السياسية وجميعهم لديهم نية لإقرار القانون".
ولفت اللامي إلى أن "لجنة النفط والطاقة النيابية طلبت لقاء رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني للتباحث حول القانون ولغاية الآن لم نحصل على رد".
وأكد أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني مصّر على إقرار قانون النفط والغاز الذي ينظم ويرتب العلاقة النفطية بين المركز والاقليم".
وأوضح اللامي أن "70% من الخلافات تم حلها ولم يبق الا القليل، والخلاف الحالي المعطل للقانون هو كيفية إدارة الحقول النفطية في كردستان؛ ففي القانون تكون الإدارة من قبل الحكومة الاتحادية إلا أن حكومة الإقليم لها رأي آخر بذلك".
وفي تلك الاثناء، كشف مصدر مسؤول في حكومة إقليم كردستان، عن تأجيل زيارة الوفد الكردي إلى العاصمة بغداد.
وقال المصدر، إن "وفد حكومة إقليم كردستان، قرر تأجيل زيارته إلى العاصمة بغداد إلى يوم غد الاثنين (اليوم)، لاسباب فنية تتعلق بترتيب الوفد".
وكان من المقرر ان يزور الوفد الكردي بغداد مرة ثانية للتباحث حول متعلقات ملف الموازنة ومستحقات الاقليم.
وقبل أيام زار وفد من اقليم كردستان العاصمة بغداد الا ان النتائج تبدو غير مبشرة، حيث لم ترسل العاصمة بغداد بعد مستحقات اقليم كردستان كاملة.
عضو لجنة النفط والغاز النيابية النائب ضرغام المالكي، قال إن "قانون النفط والغاز من القوانين المهمة. وفيه حفظ حقوق العراق بصورة عامة سواء اقليم كردستان أم محافظات الوسط والجنوب".
وفي وقتٍ سابق اتفق رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، مع رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور البارزاني، على حل الخلافات والقضايا العالقة، والتي من بينها ملفا الموازنة المالية للعام 2023، وقانون النفط والغاز، إلا أن القانون ما يزال مثار جدل بعد حديث عن التحضير لنسخة جديدة منه إثر الخلاف على تمريره في ظل تباين الآراء السياسية.
وفي 25 آذار 2023 تم تعليق تصدير نفط كردستان وكركوك بغد قرار محكمة التحكيم الدولية في باريس وذلك في 4 ابريل 2023، وبعدها وقع رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني ورئيس حكومة كردستان مسرور بارزاني اتفاقية في بغداد لاستئناف تصدير نفط كردستان".
ويؤكد وزير الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان، ان الرئيس التركي رجب طيب ارودغان سيزور العراق لبحث مسألة تصدير نفط كردستان، مؤكداً ان وزارته وقعت عقداً مع وزارة النفط العراقية وشركة سومو لاستئناف صادرات كردستان النفطية.
وقال كمال محمد صالح، ان "حكومة كردستان وقعت عقداً مع وزارة النفط العراقية وكذلك شركة سومو لاستئناف تصدير نفط كردستان، وسيتم حل هذه القضية على مستوى رفيع بين الجانبين التركي والعراقي، خلال زيارة الرئيس التركي الى العراق".
وأضاف وزير الثروات الطبيعية، ان "70% من مشروع قانون النفط والغاز قد اكتمل، وان وفد حكومة كردستان سيزور بغداد قريباً لهذا الغرض".
وكان وزير النفط العراقي حيان عبدالغني قد أعلن في 11 ايار الماضي انهم أبلغوا السلطات التركية باستئناف صادرات كردستان النفطية عبر ميناء جيهان التركي في 13 أيار 2023".
وأضاف وزير النفط العراقي "ان الحكومة العراقية أبلغت شركة سومو العراقية وشركة بوتاش التركية باستئناف ونقل صادرات كردستان النفطية في 13 ايار 2023". لكن شيئا من ذلك لم يتم حتى الان، الامر الذي يسبب خسائر مالية كبيرة تجاوز مبالغ الغرامة على حكومة أنقرة بنسب كبيرة.
وفي 15 شباط 2022 قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون النفط والغاز الخاص في حكومة الإقليم، كما نصّ القرار على بطلان عقود النفط التي أبرمتها حكومة كردستان مع شركات نفطية وأطراف ودول أجنبية.
ويقول النائب عن تحالف الفتح كريم عليوي، ان من أبرز القوانين الخلافية، التي يعتزم مجلس النواب حسمها خلال دورته البرلمانية الحالية هو قانون النفط والغاز.
من طرفه، كشف عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد كريم، عن وضع "لمسات أخيرة" لمشروع قانون النفط والغاز "المثير للجدل" والمعطل منذ سنوات، بسبب الخلافات السياسية عليه.
وقال كريم، إن السوداني "أبدى التزاما تاما بإقرار قانون النفط والغاز خلال الفترة المقبلة"، مبيناً أن "إقرار القانون داخل مجلس النواب لن يتأخر كثيرا. وهناك تواصل مستمر بين السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، لوضع اللمسات الأخيرة عليه".
وشدد كريم على، أن "الحزب الديمقراطي لن يساوم هذه المرة على إضافة تعديلات وخلط الأوراق السياسية بقانون فني"، مشيراً الى أن "اقرار القانون سيساهم بحل غالبية الخلافات العالقة بين بغداد وأربيل منذ سنوات. ونعتقد بأن السوداني لديه الجدية بإقرار القانون رغم الضغوط السياسية".
وسبق أن اعتبر رئيس الوزراء السوداني، هذا القانون السبيل الوحيد لتصفير الخلافات والمشاكل العالقة مع حكومة إقليم كردستان.