بغداد ـ العالم
تكشف "العالم" عن سرقة وصفقة فساد في موانئ العراق، بتدبير مسؤولين رفيعين في حكومة الكاظمي، لكن جرت طمطمتها، ومصادرة المستحقات المالية لعدد من شركات التشغيل المشترك في موانئ العراق، والتي تقدر بأكثر من 20 مليار دينار.
وتفحّصت "العالم" عدداً من الوثائق والكتب والمخاطبات بين دوائر الدولة وشركات القطاع الخاص، فتبيّن ان كتابا مزورا منسوبا إلى وزارة الكهرباء/ دائرة الاستثمارات والعقود/ قسم الإخراج الكمركي، وموجها الى الشركة العامة لموانئ العراق، يحمل الرقم (38925) بتاريخ 11/ 11/ 2020، ويشير الى موافقة وزارة الكهرباء على تسديد مبالغ العوائد والأجور الخاصة بالشركة، خلال (60) يوما، في مقابل توجيه كتاب الى دائرة ميناء ام قصر الشمالي، لإخراج المواد.
بينما الكتاب الرسمي الصحيح الذي يحمل الرقم والتاريخ نفسيهما، يشير الى تعهد الشركة المجهزة وهي (ربان السفينة لمشاريع الطاقة المحدودة) بتسديد مبالغ العوائد والاجور لصالح الميناء خلال 60 يوما من تاريخ إخراج تلك المواد من الميناء.
وفي اليوم التالي، وجهت دائرة الاستثمارات في وزارة الكهرباء، كتابا الى شركة موانئ العراق، بناء على طلب شركة ربان السفينة، لتسمح بإخراج المواد من أم قصر. وبعد أن جرت الموافقة على اطلاق المواد، بدأ الربان يحتال على وزارتي الكهرباء والنقل، اللتين خاطبتا الشركة بكتب عدة، لأجل تسوية تلك الديون، لكنها اختارت تجاهل كل تلك المخاطبات!
وفي الثامن من حزيران 2021، قرر مجلس الوزراء إطفاء قرابة 36 مليار دينار، لصالح إحدى شركات القطاع الخاص، التي تربط مالكها علاقات جيدة بأحد القيادات في التيار الصدري، النافذة في الحكومة.
وكانت الكتب والمخاطبات الرسمية التي وردت وصدرت من وزارتي النقل والكهرباء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وشركات القطاع الخاص، والتي استمرت لأكثر عام، قد انتهت الى قرار خسّر عددا من شركات القطاع الخاص ذات التشغيل المشترك.
ففي اليوم التالي لقرار مجلس الوزراء (9/ حزيران) سارع الغزي الى توجيه كتب رسمية الى مكاتب وزراء المالية، النقل والكهرباء، لمباشرة إجراءات إطفاء ديون شركة ربان السفينة لمشروعات الطاقة المحدودة.
وعلى أثر ذلك، وجّه عدد من الشركات المتضررة من القرار الحكومي كتابا الى مكتب رئيس الوزراء بتاريخ 21/ حزيران/ 2021، تشكو فيه اطفاء كافة الديون المترتبة على شركة ربان السفينة لصالح الشركة العامة لموانئ العراق عن خزن معدات كبيرة ولفترة طويلة في ساحات التشغيل المشترك.
وذكرت الشركات في كتابها، أن الديون التي تم إطفاؤها بقرار مجلس الوزراء المرقم (189) لسنة 2021، استنادا الى قانون الادارة المالية الاتحادية الرقم (6) لسنة (2019)، المادة (46)/ تاسعا، شملت الديون العائدة الى الشركات العامة ودوائر التمويل الذاتي، في حين ان الديون المرتبة على شركة ربان السفينة عائدة الى شركات القطاع الخاص والقطاع الحكومي بنسب محددة، وبالتالي فان قرار الاعفاء يفترض أن لا يشمل القطاع الخاص بأية حال، لكن حكومة الكاظمي ارتكبت مخالفة قانونية كارثية بحق مستحقات تلك الشركات، بتدبير من الامين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي، ووزير النقل السابق، ناصر البندر.
وتبلغ قيمة الديون التي جرى إطفاؤها بجرّة قلم من مجلس الوزراء بتاريخ 8 حزيران/ 2021، ( 160. 445. 852. 35) تعود منها (340. 161. 193. 20) لصالح الشركات صاحبة الكتب الموجهة الى مكتب الكاظمي.
يشار الى أنّ الشركات الاستثمارية التي تعمل بالتنسيق المشترك في موانئ العراق، صرفت أموالا طائلة على إنشاء الساحات والأرصفة وتجهيزها بالمعدات الحديثة وتشغيل العاملين.
وتمتعت تلك المواد ـ التي بقيت قابعة في أرصفة وساحات الشركات المتعاقدة مع شركة موانئ العراق، لأكثر من عام، بسبب عدم جلب الشركة المجهزة (ربان السفينة) أوراقها التي تتعلق بالمنشأ والمواصفات وغيرها ـ بإعفاء ضريبي وجمركي، برغم قرار مجلس الوزراء، العام الماضي، عن الغاء جميع الاستثناءات لدوائر الدولة والقطاع الخاص بتخفيض أو الغاء الرسوم الكمركية والضرائب وغيرها، وبالتالي فإن قرار اطفاء الديون (١٨٩) يُعد مناقضا لهذا القرار، الذي خدم القطاع الخاص بتغطية من وزارة الكهرباء.