«طعام.. صلاة.. حب»: معاهدة اليوغا صلحا للأمريكي مع نفسه
19-أيلول-2022
أحمد عمر
حظيت رواية "صلاة طعام حب" بالحفاوة، وصارت في قائمة الكتب الأكثر مبيعًا إباّن صدورها وما تزال، وأثنى عليها المشاهير والساسة أمثال هيلاري كلنتون، وميغ رايان، وجوليا روبرتس، التي أدّت شخصية المؤلفة إليزابيت جيلبرت، في فلم للمخرج رايان مورفي، وأهدت جوليا روبرتس عشرات النسخ من روايتها الأثيرة لأصدقائها المقربين إعجابًا بالرواية، وهي رواية سيرة ذاتية، وكتاب سياحة ورحلات وتأملات ومقارنات بين شرق وغرب، ووصفة علاجية للروح الأمريكية المكتئبة. صُنّف الفلم المأخوذ عن الرواية فلمًا رومانسيًا، قيل إنَّ الصورة بألف كلمة، لكن الفلم لا يغني عن الرواية، فألف صورة لا تستطيع التعبير عن شذرة شاعر أو حكمة حكيم. عنوان الرواية مقتبس من مقلوب قولة أفلاطون: "إن مدينة تعيش من أجل الطعام والشراب والحب هي مدينة لا يمكن أن تعيش بسلام"، ولذلك استعاضت المؤلفة عن الشراب في مقولة أفلاطون بالصلاة، والصلاة هي اليوغا، وهي صلاة يصليها المرء لنفسه في نفسه، واليوغا تعريفًا من لدن أصحابها ورعاتها وأئمتها هي الاتحاد والصلة بين الفرد وخالقه، والمرء وجاره، والعقل والجسد... لقد وجد نخبة أمريكا حلًا غير الخمر والمخدرات لوبال الجسد وتحطّمه.
تحفل الرواية بالملاحظات الثاقبة والتأملات الصحفية، وتثرى بالمقارنات بين المدن، وتتصف بحسن الاقتباس والاستذكار الثقافي والطموح الروحي، من لطائفها الأمريكية قول الراوية إنَّ شقيقتها أهدتها وصفة أمريكية بديلة عن الزوج المطلّق، وهي كيس ساخن! وسبب الطلاق بينها وبين ديفيد زوجها أن المؤلفة أبت الإنجاب وترفض الاعتراف بأنانيتها والإقرار بنكران الأمومة، مما سبب لها خصومة مع ضميرها واكتئابًا شديدًا، والطلاق شديد التعقيد قانونيًا في مدينتها نيويورك، وهو ما بقي من آثار التحريم الكنسي للطلاق في القانون.
كانت المؤلفة في نيويورك تواظب على جلسات المانترا السنسكريتية غذاء لروحها الخاوية، ووافقت على اقتراح إحدى دور النشر القيام برحلة مأجورة إلى بالي لوصف صلوات اليوغا التي تلقى رواجًا في الغرب، فتقصد عرّافًا ليرشدها إلى الحب والخلاص من الاضطراب، فيهديها العرّاف العجوز الأدرد كيتوت إلى خلاصة معارفه، ناصحًا: للحصول على التوزان النفسي المفقود عليها أن تقف على أربع سيقان، ويريها صورة كائن من ذوات الأربع، ستجعله أيقونة ودليلًا ومعلمًا. يوصيها أن تنظر إلى العالم من خلال قلبها وليس من رأسها. بعد خلع كسوة العبارة الفلسفية يمكننا تلخيصها بالردّة.