«كلشي ماكو» فيلم درامي رصين مُطعّم بالمرح والكوميديا السوداء
8-كانون الثاني-2023
عدنان حسين أحمد
يُشكِّل فيلم "كلشي ماكو" للمخرجة البريطانية من أصل عراقي ميسون الپاچه چي انعطافة مهمة في تجربتها السينمائية، فهو فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تنفتح فيه على عالَم الدراما وتتخذ فيه مَسارًا جديًا رصينًا لكنه لا يخلو من المرح والكوميديا السوداء.
تدور أحداث الفيلم في الأسبوع الأخير من عام 2006م بين الكريسمس وعيد الأضحى المبارك، ولعل ذلك العام المشؤوم يُذكِّرنا بأعمال العنف الطائفي التي ستتخذ منها كاتبتا النص "الپاچه چي وإرادة الجبوري" خلفية لأحداث الفيلم السينمائي الذي يروي قصص مجموعة من العوائل العراقية المنحدرة من مختلف القوميات والشرائح والأديان التي كانت وما تزال متعايشة في أرض الرافدين.
تبدو عبارة "كلشي ماكو" السومرية التي اتخذ منها الفيلم عنوانًا له غريبة على المتلقي العربي لكنها مُتداوَلة ومألوفة بالنسبة للعراقيين وتعني "لا شيء هناك" وهي تنطوي، من دون شك، على معنىً ساخر وواخز لا يتناغم مع ما كان يشهده العراق من قتلٍ وترويعٍ واحترابٍ طائفي، ويكفي أن نلقي نظرة خاطفة على حياة أربع عوائل عراقية وهي عائلة "سارة" و"دجلة" و"لبوة" و"أبو حيدر" إضافة إلى أربع عوائل أخرى أو أكثر قليلاً لنلمس حجم الأسى الذي كان يُعانيه غالبية العراقيين في تلك السنوات العجاف التي أحرقت الأخضر واليابس معًا ولم تترك أحدًا يمضي في حال سبيله من دون أن يطاله الأذى ويمسسهُ الضُّرّ. يحمل الفيلم عنوانًا آخرَ إنگليزيًا لا يقل دلالة عن سابقه وهو "نهرُنا . . . سماؤنا" الذي استلّتهُ كاتبتا السيناريو من الحوار الدائر بين الأم "سارة" وابنتها "ريما" اللتين تناقشان مسألة الهجرة إلى مكانٍ آمن لا تُسمع فيه أصوات طلقات القنّاصين أو التشبث بالوطن أرضًا وسماءً وأنهرًا ونخيلاً.
لابد من الإشارة إلى أنّ الدكتورة إرادة زيدان الجبوري التي اشتركت مع الپاچه چي في كتابة القصة السينمائية بما تنطوي عليه من سيناريو وحوار هي قاصة بالأساس ولم تحترف كتابة السيناريو من قبل لكنها قدّمت أنموذجًا طيّعًا لسيناريو سينمائي قابل للتطبيق حتى وإن تخللتهُ شخصيات زائدة عمّا يحتاجه النسق الدرامي لفيلم إشكالي يجمع بين المأساة والمَلْهاة معًا. ولو أسقطنا بعض الشخصيات الثانوية الكثيرة لما اختلّ توازن الفلم أو فقدَ بعضًا من بريقه وتوهّجه الداخلي.
ينطوي هذا الفيلم على ثيمات متعددة تبدأ بالحرب الطائفية، والإرهاب، وتمرّ بالحُب، والفقد، والإعاقة، والهجرة، ولا تنتهي فقط بتحقيق الحرية والعدالة والتشبث بالوطن، وإنما تمتد إلى موضوعات أخرى كثيرة تحاول زرع الأمل، واستعادة الحياة الجميلة التي فقدناها بين أزيز الرصاص، ودويّ الأحزمة الناسفة، وتفجير السيارات المفخخة.
إشارة قاسية لغياب الأمل
يبدأ الفيلم بطريقة سلسة ومنسابة لزروق يتهادى على أمواج نهر دجلة الوادعة وينتهي نهاية رمزية تتمثّل بالعاصفة الترابية الشديدة التي يغطي غبارها الأصفر سماء بغداد حتى يتعذر على المتلقي مشاهدة أحيائها وبيوتها وشوارعها في إشارة قاسية لغياب الأمل وهيمنة منطق القوة على لغة السلام والوئام بين أطياف الشعب العراقي المتعايش منذ الأزل.
وقبل الخوض في تفاصيل الفيلم لابدّ من الإشارة إلى حُسن اختيار الممثلين والممثلات فقد انتقت الپاچه چي الفنانة اللبنانية- السورية دارينا الجندي التي تقمصت دور "سارة" ببراعة تُغبَط عليها حتى أنها سرقت الأضواء بأدائها الباهر في مَشاهد كثيرة من الفيلم. كما التقطت المخرجة عددًا من نجوم السينما والتلفزيون العراقي في الداخل والخارج مثل محمود أبو العباس، وكاميران رؤوف، وسلوى الخيّاط، وسوزان منعم، وبديعة عبيد، ولبوة عرب، وباسم حجّار وآخرين لا يسع المجال لذكرهم جميعًا. ومَن يُشاهد هذا الفيلم سيحكم بنفسه على براعة الممثلين وحُسن أدائهم للأدوار المُسنَدة إليهم.
تتمحور أحداث الفيلم حول سارة التي جسّدت دورها بمهارة وإتقان كبيرَين الفنانة اللبنانية- السورية دارينا الجندي وهي روائية ومترجمة عزباء في الأربعين من عمرها تعاني من احتباس الكتابة واستعصائها لأن ما يدور حولها من قتلٍ وحشي يمنعها من الكتابة التي ربما لا تقول شيئًا إزاء ما يجري من أحداث مروّعة. ومع ذلك فهي تجلس كل يوم أمام شاشة الحاسوب المحمول وتلاحق التفجيرات التي يقوم بها الانتحاريون سواء بالأحزمة الناسفة أو بالسيارات المفخخة، وتُحصي عدد القتلى والمصابين، وتلصق على أمكنة الانفجارات دوائر بلاستيكية حمراء على خارطة كبيرة لبغداد معلّقة فوق مكتبها. ما يهمّ سارة كأُم عزباء هو حماية ابنتها ريما "زينب جودة" من المخاطر الجدّية المُحدِقة بها في مكان لم يعد صالحًا للعيش لافتقاره لشروط السلامة والأمان. كما تحاول أن تحجب عنها حقيقة ما يجري حولها من جرائم وأعمال وحشية ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلّحة التي تقتل الأبرياء بدمٍ بارد.
شخصيات مُثقلة بخسارات موجعة
تتألف عائلة سارة من أربعة أشخاص وهم: الابنة ريما، وشقيقها يحيى، وأمها خيرية التي أدّت دورها الممثلة "سوزان منعم" التي تُلحّ على ولدها يحيى "أحمد هاشمي أن يتزوج وينجب لها أحفادًا يملؤون البيت صخبًا وضجيجًا خاصة بعد أن هاجر ابنها الآخر صادق وتماهى في أوساط مُغتَربه البعيد. يعمل يحيى في دائرة حكومية تغصّ بالموظفين الفاسدين وعليه أن يختار بين قبول الرشاوى للبقاء في وظيفته أو مغادرة البلاد أيضًا لكنه لا يفكر بالهجرة إلى أوروپا وأمريكا مثل غالبية العراقيين وإنما ينوي الذهاب إلى البرازيل أو الهند أو الصين لأنّ هناك فرصًا ذهبية يستطيع من خلالها أن يحقق أحلامه التي تدور في مخيلته المتقدة. بينما لا تنسى الأم أن تؤكد تشبثها الدائم بالعراق؛ الوطن الذي ولدت فيه، ونشأت وترعرت بين جنباته، وسوف تموت على أرضه، وتُدفَن بين طيّات ترابه الزكي. ويمكن إضافة البروفيسور سامي الذي جسّد دوره الفنان المبدع كاميران رؤوف، قدر تعلّق الأمر بسارة تحديدًا، فهو الأستاذ الجامعي الذي حصلت على يده درجة الدكتوراه في الأدب الإنگليزي، وكان يرعى موهبتها الأدبية وينمّيها على مدى السنوات العشرين الماضية ويزورها في مقر عملها بين أوانٍ وآخر ليتجاذب معها أطراف أحاديث شتى نُدرِك من خلالها طبيعة العلاقة القائمة على المحبة والاحترام. وحينما يعرف أنها تعاني من الاحتباس السردي يطلب منها أن تشدّ أزرها وتكتب له واحدة من قصصها البغدادية الأصيلة وتعتبرها هدية وداعية له خاصة وأنه يفكر بالسفر إلى سورية التي تحتاج في الوقت الحاضر إلى أساتذة أدب إنگليزي.
لا تختلف منى "لبوة عرب" في قلقها الدائم، واضطرابها المتواصل، وخسارتها الموجعة عن سارة التي تبحث عن الخلاص الفردي من أجل ابنتها ريما لكن الأمر مع منى يختلف كثيرًا، فزوجها كمال "باسم حجّار" هو أسير حرب سابق في إيران يحاول قدر المستطاع أن يطمس الماضي أو يتناساه في الأقل بينما تفشل زوجته منى في نسيان طفليها من زواج سابق فلاغرابة أن تتسلل إلى "حيّ القادسية" علّها ترى طفليها مصادفة وتُشبع شغفها اللامحدود بهما. أمّا والدتها نرمين "سهام مصطفى" فهي لا تقل خسارة عن ابنتها، إذ غيّب النظام ابنها ابراهيم حتى بات يتجسّد لها في أشكال المارة وأصواتهم العابرة. ربما تكون شخصية كمال هي الأكثر تعقيدًا في هذه العائلة، ففضلاً عن موضوع الأسْر وتداعياته النفسية الخطيرة يعمل سائق تاكسي ويصادف ما لا يُعجبه من الناس الذين يُقلّهم يوميًا من مكان إلى آخر الأمر الذي يدعوه لأن يطلب من سارة أن تترجم له شهادة الماجستير في الإدارة والمحاسبة كي يتخلّص من هذه المهنة التي يعتبرها شاقة وتجبره على التعامل مع أناس لا يمكن أن يحتملهم.
الشغف الأبدي بالمسرح
تمتلك سارة أكثر من صديقة، وربما تكون صبيحة "بديعة عبيد" هي الأقرب إليها ثقافيًا وإبداعيًا حيث جسّدت دور الممثلة المسرحية التي هُجِّرت من مكانها لأسباب دينية لا مبرر لها لذلك ظلت سارة على صلة دائمة بها، ولمناسبة عيد رأس السنة تزورها في بيتها وتقدّم لها هدية ثمينة تلامس شغفها الأبدي وهي مسرحية "بيت برناردا ألبا" للكاتب الإسباني فدريكو غارسيا لوركا حيث تفرض الأم على بناتها ألاّ يخرجنَ من البيت طوال سبع سنوات حِدادًا على والدهنّ الفقيد. وما إن تفتح صبيحة المسرحية بنسختها القديمة حتى تردد ما حفظته عن ظهر قلب من أبيات تقول:"لا تدَعني أتنفّس، خسارة هذا الوجه، خسارة هذا الجسد أن يضيع، لن أدعهُ يضيع، جسدي سأمنحهُ للشخص الذي سأختاره".
تمثّل العائلة الثالثة نمطًا آخرَ من الفقد واللوعة والضياع، فالصديقة الثانية هي دجلة "مريم عبّاس" التي أحبّت إنسانًا متزوجًا وظلت تتواصل معه عبر المكالمات الهاتفية التي لا تُفضي إلى نتيجة ملموسة، كما أنّ شقيقها المُعاق نبيل الذي يرتبط عبر الإسكايپ بفتاة ويضرب لها موعدًا للقاء الأول في مقهى وحينما تصل إلى هناك تكتشف أنه معاق ويستعمل كرسيًا متحركًا فتصاب بالصدمة وتقرر مغادرة المكان من فورها لكنها ما إن تمشي لمسافة محددة حتى تعود ثانية وقبل أن تصل إلى مشارف الكافية يحدث انفجار كبير ولا نرى من هذه الفتاة العاشقة سوى خرزة " السبع عيون" التي اشترتها من الطفلة زهراء التي تبيع حاجيات بسيطة على الرصيف المفضي إلى المقهى.
تشمل الفجيعة عائلة أبو حيدر الذي أدى دوره الفنان القدير محمود أبو العباس الذي يريد الاقتصاص من قتلة زوجته، وابنه حيدر الذي ينجذب إلى عصابة طائفية تحرضه على أعمال العنف مقابل مبالغ مادية قد تكون مغرية له في هذه السن الحرجة التي يقف فيها على أعتاب المراهقة وحينما ينتبه إليه الأب نتيجة تحذير الجار كريم الخبار يكون الأوان قد فات إذ رأيناه فاقدًا بصره وهو ينادي على أمه الغائبة في اللقطات ما قبل الأخيرة من الفيلم.
هناك عوائل أخرى كثيرة يتعرض بعض أفرادها للخطف أو القتل أو التعذيب، فمصطفى خطفوه وأعادوه، وأم عزيز عثرت على ابنها في قوائم المفقودين التي تظهر كلما وجدوا مقبرة جماعية جديدة، وأبو سلام خُطف أمام أنظار الناس لأنه لم يقبل بالابتزاز، وفي مستهل الفيلم رأينا جثة فتاة مغدورة انتشلها صاحب الزورق من نهر دجلة، فبعد أن ضاقت الشوارع بالجثث بدأوا يرمونها في النهر، وثمة جثة مُلقاة على قارعة الطريق، ولافتة نعي معلّقة على سياج خارجي تؤكد شيوع ظاهرة الموت المجاني وأنّ حياة الإنسان رخيصة إلى أبعد حدّ. وأنّ مَظاهر التخلف والرجعية تتأكد عبر أوجه متعددة من بينها مهاجمة المحلات وتحطيم الآلات الموسيقية التي تغذّي الأرواح والعقول. وأكثر من ذلك هو تفشي ظاهرة الفقر المُدقع الذي يدفع الأطفال لبيع الحاجيات البسيطة على أرصفة وتقاطعات الشوارع بطريقة هي أقرب إلى التوسل والاستجداء المُذلَّين.
تغيّرات الشخصية العراقية
تكشف الثيمات الفرعية بأنّ نفسية الشخصية العراقية قد تغيّرت، فكمال، سائق التاكسي الذي كان مُغتربًا أيضًا، لم يعد يطيق سلوك الرُكّاب الذين يستوقفونه في الشوارع، وذات مرة فقدَ أعصابه لأن راكبًا مُغتربًا طلب منه أن ينطلق في أزقّة بغداد من دون أن يحدد الجهة النهائية، وقد وصل به الأمر إلى طرده من السيارة بعد أن صرّح الراكب بأنه يريد الوصول إلى الجنّة. تبدو شخصية كمال إشكالية أيضًا لجهة وقوعه في الأسر من جهة، وتعلّقه بطفلته التي ما تزال جنينًا في رحم أمها، وبحثه الدائم في الإنترنيت عن المعلومات وتحفيز الأم على التواصل معه لتنمية قابلية الكلام لديه من خلال ترديد بعض الأصوات الأولية التي ينطقها غريزيًا قبل أن يكتسبها من البيئة الاجتماعية المُحيطة به. لم تترك كاتبتا السيناريو ثيمة إلاّ وتطرّقتا إليها، فبعد سقوط النظام السابق صار العراق سوقًا للبضائع الأجنبية بما في ذلك الفواكه والمواد الغذائية فأحد أصدقاء كريم "الخبّاز" يجلب له رمّانة إيرانية، وبرتقالة تركية، وتفّاحة أمريكية في إشارة واضحة لإغراق الأسواق العراقية بالمنتوجات الأجنبية. وحينما تخرج دجلة مع شقيقيها نبيل وكريم في السيارة يصادفها رجل فضولي كبير السن يدسّ أنفه فيما لا يعنيه ويخاطب دجلة بوقاحة قلّ نظيرها حينما يقول:"ليش ما لابسة ربطة؟! همّه صوچهم يطلعوچ بالشارع عارية" ثم يتمادى قائلاً بفجاجة غير معهودة:"أنتِ عار!" وبما أنّ أخويها لا يحرِّكان ساكنًا باستثناء "الله يعطيك حجي" تترجّل من السيارة وتناديه:"وين رايح يا جبان يا ابن العار؟" ثم تترك أخويها وتذهب في حال سبيلها بعد أن سمعت أحدهما يقول:"صدگ أنتِ لازم تلبسين ربطة!".
لا يتم خطف الناس اعتباطًا، فالعصابات المسلّحة تتذرع بأنها تخطف المترجمين والمتعاونين مع القوات الأمريكية فلاغرابة أن نسمع الطفلة ريما وهي تسأل أمها:"أنتِ ما تشتغلين مع الأمريكان مثل أبو مصطفى، فما راح يخطفوني مو؟" في تبريرها للخروج إلى الشارع واللعب من صديقتها نور. كثيرة هي المواقف التي التقطتها الپاچه چي والجبوري لاحتواء كل الظواهر الجديدة التي طفت إلى السطح ولعل زيارتها لأم عزيز لأداء واجب العزاء هي محاولة للإشارة إلى المدّ الطائفي بين السُنّة والشيعة الذي يرفضه الشعب العراقي قاطبة حتى وإن كان موجودًا هنا وهناك ولكنه لا يتعدى الأنفس المريضة المُصابة بڨايروس الطائفية المقيت.
تحضر العلاقة بين الأبناء والأمهات بقوة في هذا الفيلم فإذا كانت خيرية، أم سارة، متشبثة بالوطن وتطلب من ابنها إنجاب الأحفاد فإنّ نرمين، أُم منى، تُدين ابنتها بأنها هي التي تركت أطفالها، وتخلّت عنهم لمصلحة زوجها الأول بينما تشكو الابنة من سلوكه العنيف ومعاقبته إيّاها لأي خطأ بسيط ترتكبه. أما زوجها الجديد كمال فهو يتمنى عليهما معًا أن يعرفا بأنّ الحياة قصيرة جدًا وعليهما الاستمتاع بها قدر الإمكان.
تشكو "دجلة" حظها العاثر لصديقتها سارة لكنّ هذه الأخيرة تقرّعها بين أوانٍ وآخر لأنها لا تعرف ماذا تريد، وتكرر الحكاية نفسها عشرات المرات بأنّ حبيبها "الكذّاب ابن الكذّابة" لم يتصل، وأنها رأته مع زوجته وأطفاله. وحينما تروق الأنفس ترددان أغنية "صباح ومسا" لفيروز فينقلب النكد إلى فرح وسرور ونحن نسمعهما ترددان أجمل الأبيات الشعرية التي لحنها زياد الرحباني التي تقول:" صباح ومسا شي ما بينتسى / تركت الحب وأخذت الأسى / شو بدي دور لشو عم دور على غيره / في ناس كثير لكن بيصير ما في غيره".
التناص مع ثيمة شكسبير
تفيد الپاچه چي والجبوري من ثيمة مهمة ترد في المَشهد الرابع من الفصل الثالث مفادها:"الدم يورث الدم" وقد استعارها كريم "الخبّاز" حينما أخذ ينصح الصبي حيدر الذي تحامل على مقتل أمه ولفت انتباهه إلى الفرق الكبير بين العدالة والانتقام.
لا يتوقف سيل الحوادث في هذا الفيلم فعبارات الوعيد والتهديد تُكتب على الجدران، وشباب يقفون على أعتاب المراهقة يشنقون فتاتين بحجة مشيهنّ مع الجنود الأمريكيين، والناس تهرب إلى بلدان الشتات، والتفجيرات تطال سيارات المدارس للإشارة إلى الخروقات الأمنية في كل مكان الأمر الذي يدفع سارة إلى التفكير الجدي بالهجرة حتى أنها تتفق مع أحد المهرّبين على إيصالها إلى أحد بلدان اللجوء مقابل مبلغ مادي كبير يدفع جزءًا منه كرشاوى وإكراميات إلى ضباط ومسؤولين في المراكز الحدودية. وبما أنها لا تستطيع أن تأخذ ابنتها معها فإنها تعزف عن الفكرة وتلغيها جملة وتفصيلاً، فابنتها هي قلبها النابض ولا تستطيع أن تتخلى عنها أبدًا.
يتضمن هذا الفيلم أكثر من نهاية فحينما تصل ريما وأمها سارة إلى الجسر يدخلان في حوارشائق مطوّل حيث تشعر البنت بأنها لم تكن تمشي على الأرض وإنما تطير في السماء فتعود ذاكرة أمها إلى الوراء حينما كانت تعبر الجسر كل يوم تقريبًا مع أبيها وهي صبية ولم يكن هناك قنّاص يتربّص بها الأمر الذي يدعو الأم لأن تجسّ نبض ابنتها فتسألها إن كانت ترغب بالرحيل إلى بلد يخلو من القنّاصين فترد عليها:"ألم تقولي هذا نهرنا؟" فتُكمل الأم ما بدأته ريما وتقول:"إي وشوارعنا، وجسورنا، وبيوتنا، ونخلنا . . ." فكيف يمكن لهذه الصبية أن تترك بغداد وتتجه إلى بلد آخر لمجرد أنه يخلو من القناصين، فتحسم أمرها بالمطلق وتقول:"ما أروح إلى أي مكان". كما أنّ الأم سارة لا تريد أن تسمع من ابنتها ذات يوم وهي تقول لها(لقد "شلعتيني" من المكان الذي انتمي إليه وأنا الآن غريبة في كل مكان). وأكثر من ذلك فهي تضيف قائلة:"ما معنى الحياة من دون تحدّي؟".كما تتساهل مع يحيى الذي يريد أن يهاجر شرط أن يزورها بين فترة وأخرى. وفي خضم هذه النهاية الإيجابية ينفكّ احتباسها السردي وتشرع بالكتابة إلى ابنتها أول الأمر قبل أن تستأنف مشاريعها القصصية والروائية. وبالتزامن مع هذا الحدث المهم تدخل منى في المخاض لكن ما يربك المتلقي هو صوت الانفجار الذي يغطي المكان ولم نعرف إذا كان المولود قد أطلق صرخة الحياة الأولى أم أنها تلاشت بسبب صوت الانفجار الذي غطى على المكان برمته.
كان بالإمكان أن ينتهي الفيلم بخاتمة الحوار الذي دار بين سارة وابنتها وتصل إلى تشبث الطفلة بوطنها لكن المخرجة وشريكتها في كتابة السيناريو اقترحتا نهاية ثانية لهذه القصة السينمائية المتشابكة حيث جعلتا المتلقي يستمع من خلال المذياع الذي يملكه صاحب الزورق العائم على نهر دجلة إلى خبر عاجل في صبيحة العيد المبارك مفادة: "أنّ رئيس الوزراء قد أعلن تنفيذ حُكم الإعدام بالرئيس العراقي السابق صدّام حسين، وتمّ فرض حظر التجوّل في مدينة بغداد على مدى 24 ساعة ابتداءً من صباح اليوم". وربما تكون العاصفة الترابية بمثابة نهاية ثالثة لكنها سوداوية وتشي باليأس المُطلق الذي تنعدم فيه أي بارقة أمل في المستقبل القريب. ولعل الإهداء يخفف قليلاً من قتامة النهاية الثالثة حيث نقرأ:"نُهدي هذا الفيلم لشباب العراق عرفانًا بشجاعتهم وطموحهم نحو تحقيق العدالة والحرية".
النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech