«نكريز».. موسيقى شرقية اخترقت جدار الـ«تكنو» في برلين
28-آب-2022
فارس زخور
قانون وعود وكلارينيت، وثلاثة موسيقيين عرب أدمنت أصابعهم الضرب على الوتريات الشرقية، ومدينة اختارت لصدى شوارعها موسيقى الـ“تكنو“.
هذه هي توليفة فرقة ”نكريز“ التي أسسها ثلاثة شبان عرب في برلين، وهم يزن الصباغ عازف الكلارنيت، وعازف القانون حسن نور، وصالح كاتبة عازف العود.
اجتمع الثلاثي الموسيقى على حب الموسيقى الشرقية وكسر طوق تجميدها المبالغ فيه في قوالب التراث والتقديس، فوجهوا ألحانهم ومقاماتهم الشرقية نحو كل جديد يثري لغتهم الموسيقية المعاصرة.
لا تهرب
وتأسست فرقة نكريز عام 2020 من قبل الموسيقيين الثلاثة المقيمين في برلين، بعد هجرتهم من سورية، وأقاموا عددا كبيرا من الحفلات التي قدموا خلالها موسيقى قائمة على مزج الموسيقى الإلكترونية ”تكنو“ مع الشرقية.
وقال عازف الكلارينيت يزن الصباغ: ”نكريز هو أحد المقامات العربية الفرعية، وهو كلمة فارسية تعني –لاتهرب- لذلك أردنا إطلاق الاسم على الفرقة لدلالته الموسيقية أولاً، إضافة إلى معنى الكلمة الذي يوحي بالسيطرة على المستمع والمتلقي وجذبه لما نقدم“.
وأضاف المنتج الموسيقي السوري الصباغ: ”هدف الفرقة هو طرح فكرة جديدة تعمل على دمج الموسيقى الإلكترونية مع الموسيقى الشرقية عبر خلق هذا التناغم الموسيقي بين العود والقانون والفوكال والكلارينيت“.
لاقت الفرقة وأعمالها قبولاً واسعاً من قبل الجاليات العربية والتركية في ألمانيا إضافة إلى المجتمع الألماني الذي يحب موسيقى التكنو.
وهنا قال الصباغ: ”تفاعل الجمهور كبير جداً لأنها موسيقى لها خصوصية كبيرة عند العرب والأتراك، إضافة إلى جذبنا الأوروبيين عبر موسيقى التكنو ذائعة الصيت في أوروبا، والجمهور دوماً يبحث عن غير المألوف ويسعى إلى سماع شيء غير تقليدي“.
وأردف: ”نقوم بإعادة صوغ التراث الموسيقي الراسخ في قلوب وعقول الجمهور، لجعله غير تقليدي أو كلاسيكي، مع الحفاظ على جوهره الذي يداعب وجدان هذا الجمهور“.
الحفلات.. بنفس واحد
وعن مشاركات فرقة نكريز في ألمانيا، تحدث عازف القانون حسن نور: ”شاركنا في عدد كبير من الحفلات والمهرجانات الخاصة فينا والتشاركية مع فرق أخرى، وذلك في برلين وميونخ وهامبورغ ودوسلدورف وفرانكفورت وبيليفيلد“.
وأضاف نور: ”العمل الأخير كان حفلاً مع فرقة مسار إجباري المصرية، وكان حفلاً رائعاً حضره المئات في برلين، وكان الحضور غير متوقع، وترك لدى كل الجاليات العربية والأجنبية التي حضرته أثرا كبيرا“.
حاولت فرقة نكريز كسر النمط التقليدي للموسيقى العربية التي تقدم في قوالب جاهزة، كما حرص الثلاثي الموسيقي على كسر أسلوب العرض التقليدي على مسرح الموسيقى العربية.
وهنا قال نور: ”حاولنا خلق أسلوب خاص فينا للعزف في الحفلات، وهو أسلوب قائم على العزف المتواصل ووصل القطع الموسيقية ببعضها حتى يبقى اهتمام الحضور تحت سيطرتنا، مع مراعاة خلق التناغم بين ما يعزف من لحن شرقي ورتم غربي“.
وعن دور الفرقة في إعلاء قيمة الثقافة العربية في المجتمع الأوروبي تحدث نور: ”كل المشاريع الثقافية العربية التي تنجز هنا، تساعد على تقريب الثقافات من بعضها، وساهمت الفرقة من خلال أعمالها أن تكون سفيرة للثقافة العربية، عبر إضافة نكهة غربية لها وإيصالها إلى المجتمع الأوروبي“.
وأضاف: ”حاولنا في بعض الأعمال والحفلات إنتاج أعمال موسيقية تحمل في ثناياها قضايا إنسانية كبيرة، واستخدمتها الشعوب في نضالها وثوراتها، وعندما يتلقاها الجمهور، نشعر بأنها توصل رسالتها“.
برلين.. موطن اللحن الجديد
وتستوعب العاصمة الألمانية برلين كماً هائلاً من الأنماط الموسيقية والفرق، وتنتشر فيها النوادي الليلية والمسارح وكل من يسكنها يعتاد على مشاهد موسيقية غير مألوفة صبغت هذه المدينة منذ منتصف القرن الماضي.
وهنا يتحدث صالح كاتبة عازف العود وأحد مؤسسي الفرقة: ”برلين موطن الحركات الموسيقية التجريبية، والمنافسة فيها كبيرة، ولا يكفي أن تكون موسيقياً ماهراً لتصبح منتجاً موسيقياً أو صانع محتوى موسيقي، بل تحتاج إلى روح جماعية قادرة على إنتاج أفكار خلاقة ومتجددة“.
وأضاف كاتبة: ”نحرص قبل إطلاق أي عمل أن يكون لافتاً وجذاباً، وأكاديمياً في الوقت نفسه، وهذا النوع من العمل يطالب محترفيه بالعمل الدؤوب والجهد اليومي لضمان الاستمرارية وضمان نيل الرضا لدى المتلقي“.
وعن احتضان المجتمع الأوروبي وما يقدمه من تسهيلات، أردف كاتبة: ”الكل يدعمنا، والمؤسسات قدمت لنا المسارح بالمجان، وأفسحت المجال لإقامة حفلات موسيقية على مسارح ضخمة في برلين والعديد من المسارح الألمانية“.
وتطمح فرقة نكريز لتقديم فكرة وأسلوب جديد في عالم الموسيقى الشرقية، وترك بصمة على الساحة الموسيقية في أوروبا، حسب كاتبة الذي أضاف: ”هو تحد كبير دخلنا غماره.. تحدٍّ صعب لكنه جميل جداً“.