أبو ذر الغفاري.. السهم الاشتراكي
21-أيار-2024

(الحلقة التاسعة)
د. شاكر الحاج مخلف*
مواجهة الحاكم الظالم
تفاصيل المواجهة التي دارت بين الغفاري والحاكم ومانتج عنها من تفريط بالحق اشعلت غضب الصحابة وانحيازهم للمظلوم ،يؤكد ذلك ما دونه " البلاذري «وقد كانت من عثمان قبل هنات إلى عبد الله بن مسعود، وأبي ذر، فكان في قلوب هذيل وبني زهرة، وبني غفار وأحلافهما، من غضب لأبي ذر ما فيها، وحنقت بنو مخزوم لحال عمار بن ياسر» تنكيل الحاكم استهدف قادة الإتجاه الاشتراكي الذي صار يتعاظم ويهدد أصحاب اليمين من الذين امتلكوا المال والنفوذ ،توسعت حالة التعارض لدى الناس وقد ثبت ذلك الشريف المرتضى: «لم يكن في أهل المدينة إلا من كان راضياً، بقوله عاتباً بمثل عتبه، إلا أنهم كانوا بين مجاهر بما في نفسه، مخف ما عنده، وما في أهل المدينة إلا من رثى لأبي ذر مما حدث عليه، ومن استفظعه" وفي حادثة هي الأقوى تأكيدا الحوار الذي دار بين علي ابن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف بخصوص أفعال الخليفة وخروجه عن تعهدات البيعة بالخلافة " دعوة النهج الاشتراكي وتوزيع الثروة بشكل عادل وتأمين قوت الفقراء واليتامى لا تدعو لمصادرة أموال الأغنياء إنما هو قد أنكرعلى عثمان وعماله تبديد أموال بيت المسلمين في غير حق ، كان في الصحابة وغيرهم أغنياء كثيرون؟!ولماذا ينحصر خلافه مع قريش ولا يتعداها إلى الأنصار، وغيرهم من أصحاب الثروات؟! ولماذا أتهم بإفساد الشام على معاوية، وخاف الخليفة منه أن يفسد المدينة؟!والسؤال الأكبر لماذا ثار الناس في نهاية الأمر ضد الخليفة وبطشوا بوجود الحاكم واعوانه ، لم تكن الثورة الكبيرة ضد الأغنياء الذين يمتلكوا الثروة بل ضد أصحاب القرار السيء ،
الصحابة الأغنياء
قال الزمخشري: «ولقد كان كثير من الصحابة، كعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله يقتنون الأموال، ويتصرفون فيها، وما عابهم أحد ومن أغنياء الصحابة في ذلك الزمان نذكر:
عبد الرحمن بن عوف،
ـ طلحة بن عبيد الله
ـ قيس بن سعد،
وعبد الله بن جعفر،
ـ أبا سعيد الخدري
ـ زيد بن ثابت
ـ وحكيم بن حزام
ـ يعلى بن أمية
ـ عمر بن الخطاب..
بل إن عثمان نفسه كانت له أموال هائلة ...
وعن أبي ذر في حديث له عن النبي «صلى الله عليه وآله»: «لا يموت أحد منكم، فيدع إبلاً وبقراً لم يؤد زكاتها إلا جاءته يوم القيامة أعظم ما كانت واسمنه، تطؤه بأخفافها
التعارض
روي عن أبي ذر : أنه قال لعثمان : لا ترضوا من الناس بكف الأذى حتى يبذلوا المعروف. وقد ينبغي لمؤدي الزكاة: أن لا يقتصر عليها حتى يحسن إلى الجيران والإخوان، ويصل القرابات.
فقال كعب: من أدى الفريضة فقد قضى ما عليه.
فرفع أبو ذر محجنه، فضربه فشجه ...
في فترة إقامته في الشام اعتراض على معاوية لبنائه الخضراء، وقوله له: إن كانت هذه الدار من مال الله فهي الخيانة، وإن كانت من مالك فهو الإسراف.. هذا القول يدل على أن أبا ذر يعتقد: أن المال بعضه لله تعالى وهو بيت المال. وبعضه للإنسان. وأن للإنسان حق في أن يتملك ما يبني به الخضراء، لكنه يقول: إن صرفه بهذا النحو يكون سرفاً.. في كلام أبي ذر نفسه شواهد أخرى على أنه إنما كان ينكر على الحكام أكلهم مال الله، واستئثارهم بالفيء، وبيوت الأموال.. قال البلاذري والمعتزلي، والنص له: «إن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال، واختص زيد بن ثابت بشيء منها، جعل أبو ذر يقول بين الناس، وفي الطرقات والشوارع: بشر الكانزين بعذاب أليم، ويرفع بذلك صوته، ويتلو قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ فرفع ذلك (مروان) إلى عثمان مراراً وهو ساكت، ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه: أن انته عما بلغني عنك ، فقال أبو ذر : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله، وعيب من ترك أمر الله؟!، في مواجهة أخرى دارت بين الغفاري والخليفة يذكر الجاحظ ان عثمان قال للغفاري : أنت الذي تزعم أنا نقول: «يد الله مغلولة، وإن الله فقير ونحن أغنياء»؟! فقال أبو ذر : لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال الله على عباده ، ولكني أشهد أني سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً جعلوا مال الله دولاً، وعباد الله خولاً، ودينه دخلاً ، ولما قدم المدينة (أي من الشام ) جعل يقول: «تستعمل الصبيان، وتحمي الحمى، وتقرب أولاد الطلقاء" وهنا اتهام واضح للخليفة بسوء الإدارة ، فهو ينكر عليه إذن مخالفته الصارخة لأحكام الإسلام، وكونه يحمي الحمى، وغير ذلك مما ثبت مخالفته للشرع، لا عدم انفاقه ما زاد عن حاجته» لقد رأينا النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه يتنبأ بما يجري على أبي ذر، وبسببه ، ونراه لا ينكر على أبي ذر موقفه، ولا يقول له: إن الحق سوف يكون معهم ، فاقبل منهم واسكت عنهم ، وإنما هو فقط يامره أن لا يشهر السيف؛ لأن معنى ذلك: أن يقتل من دون أن يترتب اثر على ذلك..وجاء قوله «صلى الله عليه وآله» له: كيف أنت وأئمة (ولاة) بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟! قال: قلت: إذن والذي بعثك بالحق اضع سيفي على عاتقي، ثم أضرب به حتى ألقاك، أو ألحق بك. قال النبي الاكرم : أولا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ تصبر حتى تلقاني ، وفي نص آخر: أنه «صلى الله عليه وآله» قال له: «يا أبا ذر أنت رجل صالح، وسيصيبك بلاء بعدي.
قلت: في الله؟!
قال: في الله.
قلت: مرحباً بأمر الله»
فإننا نجد عثمان، يحاول أن يتستر على ما يجري على بيت المال فيقول:
أترون بأساً «أن نأخذ مالاً من بيت مال المسلمين فننفقه فيما ينوبنا من أمورنا ونعطيكموه؟! فقال كعب: لا بأس؛ فرفع أبو ذر العصا فوجأ بها في صدر كعب ، وهكذا يتضح: أن أبا ذر كان ينكر على الهيئة الحاكمة تصرفها في بيت مال المسلمين، واستئثارها بالفيء، ويصرح به في كلماته بما يزيل الريب، ولم يكن بصدد إنكار الملكية لما يزيد عن الحاجة، ولا بصدد الوعظ والتزهيد بالدنيا ،
الغفاري الإشتراكي
الغفاري الاشتراكي كان يستشهد بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ، وكان الغفاري ينادي بهذه الآية في الشوارع والطرقات.. والمال الذي كان يأخذه الأحبار والرهبان هو أموال الكنائس والبيع ، وما يُهدى إليها، والكفارات المذكورة في التوراة وأشباهها، وهي أموال عامة ، فكان الأحبار والرهبان يكنزونها لأنفسهم، ويجعلونها من أموالهم الخاصة وينفقونها على شهواتهم.. فالله تعالى يخاطب المسلمين بهذه الآية، ويعطيهم قاعدة كلية هي المدخل إلى النهج الاشتراكي، مفادها: أن كل من يأكل الأموال العامة، سواء أكان من أهل الكتاب، أو من غيرهم، محكوم عليه بالهلاك والعذاب.. الأموال، التي يجب صرفها في سبيل الله، المعبر عنها في الإسلام ببيت المال تارة، وبمال الله أخرى ـ وليست ناظرة إلى الأموال التي يملكها الشخص بالوسائل المشروعة وتزيد عن حاجته، لأن ما يملكه الشخص ليس من أموال الناس بديهة، وليست من الأموال التي تصرف في الجهات العامة ،
كما أن تخصيص الأحبار والرهبان بالذكر في الآية دون غيرهم من سائر أغنياء اليهود والنصارى، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل هي إشارة لفعل، الهيمنة والسيطرة والنفوذ في تلك المرحلة وما تبعها ، وكانت بيدهم الأموال العامة (لا الخاصة)، وكانت تأتيهم من طرق عديدة ، مواقف أبي ذر تدل دلالة قاطعة على أنه يعارض نهب بيت مال المسلمين ...
محاولة تدمير الاتجاه الاشتراكي
لهذا خطط خصومه من الأمويين لمواجهته بشكل قاس وقد اتبعوا في تلك المواجهة أساليب متعددة لضرب حركة أبي ذر، ومواجهة مسيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي احرجتهم إيما إحراج، ونستطيع من تفاصيل تلك المواجهة جمع عثمان الناس على مصحف واحد، قد كان في نفس سنة ثلاثين، وهي سنة استفحال الخلاف بين السلطة وبين أبي ذر حيث أصر أتباع الخليفة على التغيير في مضمون الآية وحذف الواو من بدايتها "﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ وهي نفس الآية التي كان أبو ذر يستشهد وينادي بها في الشوارع ، أرادوا حذفها لتكون ليست قاعدة عامة ومؤكدة وقاطعة ويصبح المضمون العام يتعلق بأهل الكتاب بعيدا عن شمولها المسلمين ، وقد بلغ إصرارهم على حذفها حداً اضطر أُبي بن كعب إلى التهديد باللجوء إلى السيف ، عن علي بن أحمرقال " أن عثمان بن عفان لما أراد أن يكتب المصاحف أرادوا أن يلقوا الواو التي في براءة ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ..﴾ قال أبي بن كعب مهددا : " لتلحقنها، أو لأضعن سيفي على عاتقي؛ فألحقوها " كما أن معاوية أصر ـ من جهته أيضاً ـ «على تخصيص هذه الآية بأهل الكتاب، ليكون معذوراً في إجرائه قاعدته المعروفة عنه: إن مال الله له؛ فلا حرج عليه أن يفعل في مال الله ما يشاء.
دور الحاكم " معاوية "
أصر معاوية على رأيه ، وأصر أبو ذر على ذاك؛ ليمنع معاوية من التصرف ببيت مال المسلمين.. يقول زيد بن وهب: مررت على أبي ذر بالربذة؛ فقلت: ما أنزلك بهذه الأرض
قال: كنا بالشام ، فقرأت: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ، فقال معاوية: ما هذه فينا، هذه في أهل الكتاب ، قلت أنا: إنها لفينا وفيهم..
يقول القرطبي: «قال أبو ذر وغيره: المراد بها أهل الكتاب وغيرهم من المسلمين، وهو الصحيح، لأنه لو اراد أهل الكتاب خاصة لقال: ويكنزون بغير: ﴿وَالَّذِينَ﴾ فلما قال: والذين، فقد استأنف معنى آخر، يبين أنه عطف جملة على جملة. فالذين يكنزون كلام مستأنف، وهو رفع على الإبتداء.. ووافق أبا ذر أيضاً: «ابن عباس، فقال: إنها عامة» ...
ما كان الغفاري زاهدا في الدنيا زهد هارب منها ولكنه المنشغل عن إسعاد نفسه بمتاعها إلى إسعاد الآخرين ، من أجل ذلك أحب من اللباس أخشنها وهو الصوف الذي يغزله بمغزله ، في أغوار نفسه ليشعر بالرضا كلما أمكنه ان يسد حاجة لمحتاج ولو بكل ما عنده واثقا في ان الله سيعوضه خيرا ، فما هو زهد العازف عن الحياة ، لكنها تقوى العارف بالله " لا يصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده " كان أحيانا لايجد عملا يقتات به إلا ان يملاء الدلو في بستان أحد الأغنياء ليروي نبات البستان ، صاحب البستان يعطيه عن كل دلو تمرة واحده ، وإذا وجد المال تزكى به للفقراء والمحتاجين ، وكان يقول " ليس لدى أحد نعمة تجزى ، إلا أبتغاء ربه الأعلى " هذا الزاهد كان في أيامه يكاد يذوي من الجوع وظل الزهد ثوبه الأبدي وطريقه البحث عن العلم والتقوى والجهاد في سبيل الحق دائما رايته ، وهو يردد في الكثير من المواقف قول الله سبحانه وتعالى " أم نجعل الذين أمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض : الغفاري أبلى بلاءا حسنا وكانت سيرته مضرب المثل ...
كيف رأى إمام المتقين
يتحدث عن يوم من أيام الله ويروي عن الذي حدث في غزوة الخندق وهو يصف موقف إمام المتقين علي بن أبي طالب " ع " عندما برز لقتال عمر بن ود ، الموصوف بأشرس الأبطال وهو الغادر المقاتل ، يعتبر لم يعرفه من أهم قادة المشركين ، فارس لم يبارز أحد إلا صرعه ، كان في تلك الموقعة عمر بن ود يقف على رأس فرسانه يتحدى المسلمين ، خاطبه " علي " قائلا :
- ياعمرو قد كنت تعاهد الله لقريش ألا يدعوك رجل إلى إحدى خلتين إلا قبلت منه إحداها ..فقال عمرو :
- أجل ...
- فقال " علي " فأني أدعوك إلى الله عز وجل وإلى رسوله وإلى الإسلام ..
- فقال عمرو : لا حاجة لي في ذلك ...
- فقال علي : فإني أدعوك للبراز ، فقال عمرو :
- " مستخفابصغر سن علي " يابن أخي لم ، فو الله ما أحب أن اقتلك ..
أعرض عمرو استخفافا به ، ثم أقبل على المسلمين مستهزئا يقول .. من يبارز ...؟!
قال " علي " للرسول : أنا له يارسول الله ... رد الرسول : أنه عمر بن ود ... أجلس ...
جلس علي يكظم غيظه ، ومضى عمروبن ود يتبختر مزهوا امام المسلمين ، ثم نادى في إزدراء على الجميع :
ألا رجل ... فاستأذن علي الرسول أن يبارزه ، فأذن له ، فمشى إليه وهو يقول مرتجزا :
لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز
إني لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز ....!
فقال عمرو ساخرا :
من أنت ...؟
قال علي : أنا علي بن أبي طالب ..
فقال عمرو : عندك من أعمامك من هو أسن منك يا ابن أخي فإنصرف فإني أكره أن أهريق دمك ..
فقال علي : ولكني والله ما أكره ان أهريق دمك ، سلّ عمرو سيفه وكأنه شعلة نار ، ثم أندفع نحو علي مغضبا ...
( يتبع )

النزاهة تحقق في قضية تهريب الذهب من مطار بغداد
18-تشرين الثاني-2024
الأمن النيابية: التحدي الاقتصادي يشكل المعركة المقبلة
18-تشرين الثاني-2024
الجبوري يتوقع اقصاء الفياض من الحشد
18-تشرين الثاني-2024
نائب: الفساد وإعادة التحقيق تعرقلان اقرار «العفو العام»
18-تشرين الثاني-2024
منصة حكومية لمحاربة الشائعات وحماية «السلم الأهلي»
18-تشرين الثاني-2024
مسيحيون يعترضون على قرار حكومي بحظر الكحول في النوادي الاجتماعية
18-تشرين الثاني-2024
الموازنة الثلاثية.. بدعة حكومية أربكت المشاريع والتعيينات وشتت الإنفاق
18-تشرين الثاني-2024
النفط: مشروع FCC سيدعم الاقتصاد من استثمار مخلفات الإنتاج
18-تشرين الثاني-2024
تحديد موعد استئناف تصدير النفط من كردستان عبر ميناء جيهان التركي
18-تشرين الثاني-2024
فقير وثري ورجل عصابات تحولات «الأب الحنون» على الشاشة
18-تشرين الثاني-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech