بغداد – العالم
في حدث ثقافي مميز يعكس إصرار العراقيين على محاربة الظلام بالتعلم والمعرفة، انطلقت فعاليات مهرجان "أنا عراقي.. أنا أقرأ" في نسخته الحادية عشرة، في حدائق شارع أبو نواس وسط بغداد. هذا المهرجان السنوي الذي أصبح حدثًا محط أنظار المثقفين والأدباء في العراق، شهد هذا العام حضورًا لافتًا من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، في محاولة جادة لتعزيز القراءة ونشر الثقافة بين الأجيال الجديدة.
أحد أبرز ملامح المهرجان هذا العام كان توزيع أكثر من 45 ألف كتاب مجانًا على الزوار، في خطوة تهدف إلى تشجيع الجميع، من الطلاب والشباب وحتى كبار السن، على التفاعل مع الكتاب والمساهمة في بناء مجتمع قارئ. وتنوعت الكتب الموزعة ما بين الأدب والشعر والتاريخ والفكر، لتلبي اهتمامات جمهور واسع من القراء.
يعد المهرجان فرصة لتسليط الضوء على أهمية القراءة في محاربة الأفكار المتطرفة وتعزيز التفكير النقدي بين الأفراد. كما يسعى المهرجان إلى تعزيز ثقافة السلام والتسامح، من خلال تقوية الروابط الثقافية في المجتمع العراقي وتوسيع مدارك الأفراد. في هذا السياق، قال أحد منظمي الحدث، إن "الفرد العراقي محب للقراءة ومتعطش بشكل مستمر لها"، مؤكدًا أن المهرجان يهدف إلى إعادة ربط الأجيال بالكتاب كمصدر أساسي للمعرفة والتفكير المستنير.
لم يقتصر المهرجان على توزيع الكتب فحسب، بل تضمن أيضًا فعاليات ثقافية وفنية غنية، شملت عروضًا موسيقية، أمسيات شعرية، بالإضافة إلى ورشات رسم وحرف يدوية. كانت هذه الفعاليات بمثابة تجسيد عملي لتلاقي مختلف أشكال الفنون مع الأدب، حيث أتيحت للزوار فرصة التفاعل مع الفنانين والمبدعين في مجالات متعددة.
شهد المهرجان مشاركة واسعة من قبل العراقيين، حيث توحدوا في حبهم للكتاب والفن، في صورة من صور المقاومة الثقافية أمام التحديات السياسية والاجتماعية. إن هذا الحدث السنوي يشكل فرصة فريدة للاحتفاء بالثقافة العراقية، وإعادة إحياء التقاليد الأدبية والفنية في مدينة بغداد العريقة.
يبقى مهرجان "أنا عراقي.. أنا أقرأ" رمزًا حيًا للمثابرة العراقية في ظل الظروف الصعبة، ويؤكد على أن الثقافة لا تزال تحتل مكانة مرموقة في قلب العاصمة بغداد، وأن الشعب العراقي لا يزال يمتلك شغفًا عميقًا للقراءة والفنون التي تبني الفكر وتوسع الأفق.