محمد السراي
تعاني المجتمعات في مختلف دول العالم من تغيرات اسهمت في تغيير شكل ونوع التعامل مع الاحداث والتعاطي معها وفق اراء او تصورات شخصية لا تخلوا من العقد والاسقاطات الفردية في عالم فرض التواصل عليه ابداء الرأي دون قبول الرأي الاخر عن طريق استخدامات وسائل التواصل الرقمي تلك التي ازالت حواجز الخصوصية واتاحت الاباحية بمختلف اشكالها في مجتمع يعاني من ازمات مختلفة رسخت في مخيلته المثقلة بالتفاهة والانهزام ليجد في تلك الوسائل ما يتبنى تفكيره الضيق ووعيه القاصر نحو الاخرين اي من يختلف معه مستخدماً خطاب الكراهية الذي هو من اخطر الامراض فتكاً واكثرها خطروة في لما لها من اثار الاقصاء والعزل والتشفي لأشباع رغبات مكبتة من خلف اسوار الصفحات الشخصية والعامة فمن الغريب ان تهاجم شخص لكونه كان له رأي مختلف ومن المخجل ان نقيم حفلاً للتشهير باحداهن ومن غير الممكن ان نتشفى بشخص غادر الحياة طاعناً في شرفه فهذا يعكس الواقع المعقد للتفاعل الرقمي في مجتمعاتنا الفاقدة للاهلية الرقمية والتعامل معها فقد أدت التكنولوجيا الرقمية إلى توسيع المجال العام للرأي الفردي، ولكن في بعض الأحيان يؤدي ذلك إلى استخدام الألفاظ العدائية أو الكراهية عبر مستخدمي الإنترنت والسؤال هنا هل اسهمت التكنالوجيا في تغيير قيم وتقاليد المجتمع ام اننا لانصلح للتعامل معها كوننا شعوب مستهلكة نعتاش على فتات الماضي واحقاد المستقبل نرتدي الفضيلة عند النقد نبتسم عندما تكون هنالك فائدة لا نعتذر عندما تخطأ نمارس العبادات بعيداً عن الدين ندعوا للقراءة ونحن ندمن استخدام الهاتف نخاف على ابناءنا ونسيء تربيتهم نبني جدران عالية وننشر يومياتنا على صفحات المواقع نتابع المشاهر وننتقد شهرتهم نركض وراء الفضائح ونتشاركها لا نقرأ الصحف ولا نتابع الاخبار نضيع اوقاتنا في متابعة التعليقات واليوميات نهتم بجودة الصورة عبر حساباتنا عسى ان تحضى باكبر عدد من الاعجابات نخفي اشياء ونظهر اخرى بفعل وسائل انتجت أمراض رقمية ادت بالافراد الى الانعزال الاجتماعي، والتشهير، وانتشار الكراهية وفقدان التركيز عن القضايا الحقيقية في الحياة. فيجب علينا أن نكون على استعداد للتعامل بشكل فعال مع هذه التحديات من خلال التثقيف وتعزيز الوعي وتبني سلوكيات إيجابية عبر استخدامنا للتكنولوجيا الرقمية التي اصبحت المحرك لجميع مجالات الحياة التي اوسعت الفجوة وبنت حواجز لمنع التركيز على تعزيز التفاهم والاحترام المتبادل والقيم الأخلاقية والاجتماعية التي انغمرت في اساطير الروايات السحيقة والكتب المهملة ومثقفي الصدفة لينتج عن ذلك مصطلحات جديدة في المجال الرقمي مثل (بلوكر) و(مدون) وتسميات عدة تم صناعتها بفعل رواد التفاهة وعاشقي الابتذال والسذاجة فالكل اداة يحركها واقع رقمي وقودها عقول المستخدمين وغبائهم الذي اسهم في تكريس مبدأ التخلف والرجعية عن طريق استثمار الجهل وتقديمه وجبات ساخنة في عملية ممنهجة ادت الى سلوك غير سوي اشبه بغسيل الدماغ ‘ فمواجهة التحديات تتطلب جهودًا متعددة المستويات، بما في ذلك تعزيز الاطلاع والبحث ودعم النقد الثقافي البناء، وتشجيع القراءة والتعليم لكي لا نكون في عزلة عن المجتمعات الاخرى وبحاجة دائمة لهم.